6 أبريل، 2024 6:58 م
Search
Close this search box.

الحكمة والعصائب… رسالة الصراع الاقليمي

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم يكن بائع الموز مهاتير محمد يحلم يوما بان يصبح رئيس وزراء لدولة فقيرة يعتاش مواطنوها على زراعة المطاط وصيد الأسماك ويقضون اغلب أوقاتهم في الغابات، فهو الابن الأصغر لتسعة اشقاء وكانت اكبر احلامه التي لم تتحق في طفولته شراء دراجة هوائية للذهاب الى المدرسة، لكنه تمكن بعد سنوات من الدخول الى كلية الطب وتخرج منها جراحا يخصص نصف أوقات عمله لفحص الفقراء بالمجان، حتى جاءت الفرصة ليصبح رئيسا لوزراء ماليزيا بعد 11 عاما على تأليف كتابه (مستقبل ماليزيا الاقتصادي) الذي تمكن من خلاله رفع بلده الى قمة الدول الاقتصادية، على عكس كتاب تجربتي لصاحبه متعدد المواهب الوزارية باقر جبر الزبيدي الذي لا نعرف مدى فائدته للعملية السياسية او مجتمعنا.
تجربة مهاتير لم تجد لها مكانا في اجندات القوى السياسية التي تتربع على عرش العملية السياسية منذ 15 عاما، لانشغالها بجمع الاموال و”الاستيلاء” على الممتلكات العامة والخاصة واخيرا استخدام وسائل الاعلام “الاتهام الاخرين” من دون ادلة او حتى مصادر صحيحة على عكس مفهوم الاعلام الذي يستند في احد أركانه على نظرية (الرأي منحاز والخبر محايد)، لكن تيار الحكمة وفضائيته الفرات، يعتقد ان “رمتني بدائها وانسلت” يمكن ان يصبح هو “المعيار الحقيقي” للإعلام والتنافس السياسي، في حين تناسى القائمون على الفضائية توضيح الأسباب التي دفعت السعودية للتبرع لها بمبلغ 10 ملايين دولار وتنظيم دورات تدريبة لكوادرها في الإمارات.
لكن قائد سرايا عاشوراء المنضوية في الحشد الشعبي كاظم الجابري اخبرنا بان الثمن كان تخلي عمار الحكيم وفضائيته عن دعم السرايا التي كانت مشروعا عسكريا للمجلس الاعلى قبل ان يعلن السيد الحكيم انشقاقه وتشكيل تيار الحكمة، لتكون المرحلة المقبلة استخدام “التسقيط” السياسي والإعلامي لجميع القوى السياسية التي تمتلك فصائل مسلحة تعمل تحت إمرة قيادة الحشد الشعبي، فوجدت من حادثة اغتيال صاحب اشهر مطعم للمأكولات الشعبية في مدينة الصدر، فرصة مناسبة لاعلان الحرب الإعلامية ضد “العصائب” وامينها العام قيس الخزعلي، لعدة اسباب ابرزها ان الارضيّة التي رافقت عملية الاغتيال مناسبة جدا لكون صاحب المطعم “الشهير” مقربا من قيادات التيار الصدري المنافس الوحيد للعصائب في مدينة الصدر (سياسيا وعسكريا).
وعلى الرغم من نفي القوات الامنية للخبر الذي تبنته الفرات على شاشتها ونسبته لمصدر امني اكد اعتقال منفذ العملية وهو يحمل “باجات تعريفية” تابعة للعصائب، لكنها لم تتراجع وتقدم اعتذارا ليس للعصائب وإنما لمشاهديها، وهو الامر الذي تعتمده جميع وسائل الاعلام حين ما “تتورط” بنقل مادة خبرية يتضح فيما بعد انها ليست دقيقة، وهذا يؤكد ان نقل الخبر بهذه الطريقة كان متعمدا ولغايات يعلمها السيد عمار الحكيم ومدير فضائيته الذي “زاد الطين بلة” حينما اصدر بيانا هاجم فيها قيس الخزعلي مذكرا إياها بان التغريدة التي اطلقها الخزعلي ردا على اتهام الفرات كانت على موقع “تويتر” الاميركي، وهذه برأيه “مثلبة” تسجل على العصائب وتناسى ان بيانه وتغريدات زعيمه جميعها تنقل على مواقع اميركية، في حين كان عليه لإجابة عن مصدر الاموال التي تنفق في فضائية الفرات، بعد ان اخبرنا زعيمه قبيل الانتخابات البرلمانية الماضية، بانه “مدين بمبلغ من المال استدانه لتغطية بعض النفقات، لكونه لا يملك اي مشروع اقتصادي او رصيد مالي”.
قد يتسأل بعض القراء لماذا هذا الانتقاد لتيار الحكمة، وسيتهمني اخرون بالدفاع عن العصائب.. أبدا… لكن مافعله تيار الحكمة من خلال سياسة “الضحك على الذقون” بحاجة للوقوف عندها وفضح بعض الممارسات التي تسعى “لشرعنة” السرقات والاستيلاء على ممتلكات الدولة، وفي الوقت ذاته لا يمكن “تزكية” عناصر في العصائب من عمليات اختطاف او اعتماد قوة السلاح لفرض ارائهم، ومساهمة قياداته بإعادة من شارك بقتل المواطنين الى العملية السياسية والجلوس معه على طاولة الحوار متجاهلين تضحيات ابناء الحشد الشعبي والقوات الامنية، لكن هذا لا يعني السماح للسيد الحكيم وفضائيته بعلب دور “الناصح الامين”.
الخلاصة… ان الحرب الإعلامية والسياسية بين تيار الحكمة والعصائب تعكس صورة واضحة للصراع الإقليمي الذي تقوده اميركا من جهة والجارة ايران من جهة اخرى، لكن بادوات عراقية تمتلك قواعد شعبية وجماهيرية مستعدة للمواجهة واشعال “حرب داخلية” يكون فيها المواطن هو الخاسر الوحيد، وليس قادة تلك الفصائل او التيارات السياسية التي تنتظر الفرصة المناسبة لتحقيق أهدافها على طريقة “الدولة أنا” وليس طريقة “مهاتير” ماليزيا.. اخيرا.. السؤال الذي لا بد منه… هل سيدرك الحكيم والخزعلي كيف تورد الابل؟.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب