” ركض السارق في اتجاه، والمسروق في ألف اتجاه”. مَثَلٌ فارسي.
يحتاج كل عمل لمفاصل متعددة, ويجب أن تكون تلك الأعمال متصلة بإحكام, فإن فقدت حلقة من حلقاته, يكون العمل مشوهاً غير متكامل, وستكون النتيجة الفشل الذريع, حتى وإن حصل نجاح, في بعض المفاصل.
بعد التخلص من الحكم الفردي الظالم, اِتَخذَ ساسة العراق سياسة حكم جديدة, بالاِتفاق على الحكم الديموقراطي البرلماني, ولكن البناء كان سريعاً, فقد كان من المعتاد باستبدال الحُكم, عن طريق الانقلابات العسكرية, بقيادة حزب واحد ينسى شعاراته, بنبذ الحكم الفردي, ويطالب بحكم الشعب, لتتكون حكومة بقيادة قائد ضرورة أوحد.
تَشكل البرلمان العراقي, بعد إجراء أول انتخابات, شارك بها عدد من الأحزاب العراقية, تمثل مكونات الشعب العراقي, وتكونت الحكومات بالمحاصصة, من تلك الأحزاب المشاركة بالعملية السياسية, ثم تغير المصطلح بعدها, إلى مصطلح التوافق ثم الشراكة, دون الانتباه لحلقة هامة جداً, في العمل البرلماني الديموقراطي, وهي عملية المعارضة, التي لا تشترك بالحكومة, بل تأخذ دورها بالرقابة البرلمانية, وإجراء تقييم وتقويم للعمل الحكومي, وهو الدور الذي يجب أن يعمل عليه, نواب البرلمان الذين انتخبوا لأجله.
بعد أكثر من عقد ونصف, من عمر العراق الجديد, ولفشل التجارب السابقة, كان لابد من حركة شجاعة, لوضع الحلقة المفقودة, في العمل الديموقراطي البرلماني, فليس من المعقول, أن تُشارك جميع الأحزاب بالحكم, دون وجود من يراقب ويقيم العمل الحكومي, ويقوم بإرسال الملفات إلى القضاء’ ليبت فيها, والحكم على من تعمد الإفساد, أو تسبب بالفشل وهدر المال العام.
عندما يرى من يتصدى للحكم, أنَّ هناك من يراقب أداءه بإخلاص, سيمعن في عمله وتقديم الأفضل, ليحصل على تقدير المواطن, ومن منحه الثقة لنيل المنصب, لم يكتسب أي حزب من الأحزاب العراقية, المشاركة في العملية السياسية, الشجاعة الكافية ليتخذ جانب المعارضة.
تَيارُ اَلحِكمة الوطني, الذي ولد منذ عامين, متوكلاً على الخالق العظيم, معتمداً على تأريخه الوطني الراسخ, ليكون أول تيارٍ سياسي, يعلن معارضته السياسية برلمانياً, وعدم المشاركة بالحكومة, ليثبت أصالة شجاعته, بالرغم من التهديد بالقضاء.
إن أصل النجاح عندما تعرف, أن هناك من يراقب بمهنية, وكما قال المثل العربي”المال السائب يعلم الناس الحرام.”