21 ديسمبر، 2024 8:25 م

الحكمة العملية

الحكمة العملية

الحكمة مشتقة من الحَكَمَة هي ما يُحاط بحنكي الفرس سمي بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد وتُذلّل الدابة ومنه اشتقاق الحكمة .

وفي معجم مقاييس اللغة ” الحاء والكاف والميم ” أصل واحد وهو المنع وأول ذلك الحكم هو المنع من الظلم ، وقيل بأن الحكمة هي وضع الاشياء في مواضعها وقيل :

” فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في  الوقت الذي ينبغي “

ولكن هل للحكمة موضوع فلسفي؟

أم أنه فعل يتعلق اليوم بسلوك الافراد

والمؤسسات؟

وهل يمكن أن تكون الحكمة سلوكاً ؟ هل يمكن أن يتعلم أحدنا الحكمة؟ أم أنها موهبة خاصة لا يمكن تعليمها أو تعلمها ؟

ولا يمكن أن نتجاهل قول الله تعالى :

ويعلمهم الكتاب والحكمة

تبدو الحكمة سراً غامضاً  وأمراً يتعلق فقط بشخصيات تاريخية قليلة عادة ما كانت تعيش في بقاع معزولة عن المجتمع وكان لها دور محدود لا يتجاوز بعض الشواهد والمواقف الجليلة.

ولكن ماذا لو جعلنا من الحكمة سلوكاً أصيلا في المجتمع ومؤسساته؟

حتى يمتنع الفرد عن ظلم نفسه أولا وعن ظلم الناس من حوله بالتأكيد نحن لا نتحدث عن فرضية المدينة الفاضلة ، ولكننا نتحدث عن أقصى ما هو ممكن ، هذا الأمر كان مطروحاً من قِبَل فلاسفة اليونان قبل أكثر من ألفي عام .

” فرْنيسز” هي كلمة يونانية قديمة لشكل من أشكال الحكمة للصلة بالأداء العملي يشار إليها أحياناً بالفضيلة العملية .

إعتقد سقراط أنّ هدف الإنسان في الحياة هو البحث عن الحكمة وكان يرى سقراط وتلميذه أفلاطون أن تحقيق الحكمة يمنح الرجل فهماً عاماً ذي طبيعة الفضيلة بمجرد أن يتوصل الرجل الى فهم لكل من الفضائل فإنه سيعيشها بشكل تلقائي دون تكلُّم بمعنى ، اذا فهم

الإنسان الطبيعة الحقيقية للعدالة والإحسان فإنه سيكون محسناً بطبيعة الحال

وهكذا بالنسبة لسقراط وأفلاطون كانت تحوّل الى رجل فضيلة ممارسة في الفكر المجرد .

ولكن لا يبدو الأمر بهذه البساطة فنحن نعرف الكثير مما هو صواب ولكننا لا نقوم به ، وهذا يعطينا مؤشرات على أنّ تحقيق القيم

الإنسانية العليا يتطلب من الفرد والمجتمع جهداً أكبر على مستوى التطبيق ليتجاوز المعرفة أو الفهم العقلي  .