“حمودي مو أبنه”، اول ما سمعتُ هذه الاغنية الهابطة بباص كيا متنقل بين باب الشرجي وباب المعظم في بغداد، استغربتُ من كلماتها التي تصف حمودي:
“حمودي مو ابنا يشتغل ميجيب لنا …
عايف أمه وخواته
يشتغل لحبيباته”..
محل استغرابي كان من اخلاقيات حمودي المنحطة، والذي يترك عائلته المكونة من أمه واخواته، ويبذر امواله على حبيباته، ولذلك تاتي الاغنية بصفة شكوى ونواح رغم إيقاعها الراقص وهو ديالكتيك عجيب.
حقدتُ في داخلي على حمودي هذا وتصورتهُ بشكل مراهق طائش يركض خلف سراب شهواته المستعرة بين حضن فتاة لأخرى بينما أمه واخواته يعانين شظف العيش والحرمان، وبينما انا منشغل في استذكار أشباه حمودي من المراهقين فكريا وسلوكيا واجتماعيا وحتى سياسيا في مجتمعنا، استذكرتُ حال التحالف الوطني.
فالتحالف الوطني هو حمودي شيعة العراق، يأخذُ اللقمة من أيتام البصرة والعمارة وذي قار والكوت( المحافظات النفطية في الجنوب) ويزقها في بطن كرش السروك مسعود البرزاني سحتا بنسبة ١٧-٢٠٪.
حمودي التحالف يسرق اللقمة من افواه ايتام الجنوب ويضطرهم ليعملون في جمع القواطي ( علب القصدير) في تلال النفايات المنتشرة في الجنوب، ويزقها في بُطُون الإرهابيين والانفصاليين.
حمودي التحالف الوطني، يكتفي بالمناصب المهمة له وعوائل ساسته المقدسين بينما يتنافس شباب الشيعة على التعيين ولو بصفة شرطي ( في اخر تقديم على وظيفة شرطي في وزارة الداخلية قدم اكثر من ٢٠٠ الف شاب عراقي على المهنة خلال يوم واحد من فتح التقديم).
يرسل الاموال الى ما وراء المحيطات حيث أرصدة ساسته وفلله المفروشة و( حبيباته) المتسربلات بالحلي والجواهر، بينما نساء الشهداء يعانين الامرين في مراجعات الدوائر، ويساومهن ضعاف النفوس على أعراضهن لاجل إكمال راتب التقاعد.
تجاهل محافظات الجنوب رغم كونها آمنة منذ ٢٠٠٣ ومليئة بحقول النفط والسياحة الدينية (المراقد) والآثارية ( اثار سومر وبابل) والطبيعية ( الأهوار)… لكن خدماتها اسوء من خدمات جمهورية جزر القمر الشقيقة( يقال انها دولة عربية).
نفذ وعده بإنجاز اكبر نهضة زراعية بان بان اصبحت لدينا اكبر مزرعة شهداء في العالم كله، فيما أنجز شركاءه في اتحاد القوى وجناحهم المسلح داعش اكبر مصنع في العالم للعبوات الناسفة والمفخخات.
ورغم ان نسبة شيعة العراق تتراوح بين ٧٠-٦٥٪ لكن التعيينات تكون بالمحاصصة الثلاثية حصرا، فثلث للسنة العرب وثلث الكورد وثلث للشيعة، وفِي هذا الثلث، يأخذ حجاج التخالف الوطني النسبة الاكبر من التعيينات لعوائلهم وابناءهم، فيما ينحصر المجال امام أبناء الجنوب في التعيينُ كشرطي اوجندي او مقاتل في الحشد الشعبي، وهي مهن ” الاحوه!”
حمودي التحالف الوطني، يأخذ اللقمة من فم البصرة ليضعها في حلق البرزاني خشية الا ينفصل عنهم فيرفعون نسبته من ١٢ الى ١٧ الى ٢٠٪ من ميزانية نفط الجنوب فيما يذهب نفط الإقليم ونفط كركوك وعائدات المنافذ الحدودية والضرايب لصالح السروك.
حمودي التحالف الوطني، يطالبنا بالصلاة وهو لا يصلي، ويحدثنا عن الأمانة وهو يسرق ويخطب في الزهد وهو يسرف، ويحاضر في العفة وهو فاجر، ثم راجعتُ نفسي، فاذا حمودي المراهق الذي تذكره الاغنية اهون بالف مرة من حمودي السياسي.
فحمودي المراهق يشتغل بعرق جبينه، ولم يأخذ من احد او يتاجر بمال وحقوق احد،فيما حمودي التحالف الوطني تاجر باسم المذهب ومن ثم باسم الشهداء ضد نظام صدام ثم اخذ اموال الجنوب وثرواته بدون وجه حق وحكمة وأسرف في اتلافها، ثم حين ضايقه العدو لجا الى شباب الجنوب كي يحموه من العدو.
قد يلام حمودي المراهق في صرفه الاموال على حبيباته وتركه لامه واخواته، لكن حمودي التحالف الوطني ، ورغم انه لم يحصل عليها بعرق جبينه، قد أسرف في صرفها على الجميع، حبيباته وهن عشيقات الساسة المبجلين والمقدسين وزوجاتهم بأنواعهن المختلفات ( الدائميات والمنقطعات والخدينات).
لكن المفاجاة الكبرى ان حمودي التحالف الوطني يصرف اموال الجنوب على أعداءه ايضا ! لا تتصوروا اني ابالغ، فلا يزال كثير من كبار الإرهابيين في خارج العراق وبدلا من إعتقالهم ومحاكمتهم، يستلمون مبالغ طائلة بعنوان رواتب تقاعدية او بصفة موظفين او خطباء.
هذا غير الإرهابيين الذين تحولوا من دواعش الى مدنيين بلحظة التحرير ثم استلموا متراكم الرواتب بالملايين فيما مقاتلي الحشد الشعبي يتضرسون وشباب الجنوب يقتلهم اليأس على رفوف البطالة، حمودي التحالف الوطني يترك بيوت الجنوب عبارة عن خرايب شبه محطمة، وصرايف طينية واحياء تنك، ومناطق تجاوزات عشوائية تعلوها صور لشهداء غيرت الوانها الشمس، وتلعب في شوارعها النفايات والأزبال والقطط.
فيما يجري النفط من تحت اقدامها ليصب الدولارات في بطن حكومة حمودي فترسلها ( شدات شدات) الى الجميع من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وتترك مدن الشهداء تئن من الفاقة.