22 نوفمبر، 2024 7:01 م
Search
Close this search box.

الحق اليهودي في العراق , اللعب بأخلاقيات العصر ,والضامن لحل الكثير من مشاكل العراق

الحق اليهودي في العراق , اللعب بأخلاقيات العصر ,والضامن لحل الكثير من مشاكل العراق

يقول الشاعر اليهودي المعروف روني سوميخ المولود في قلب بغداد النابض ( الباب الشرقي ) التي كانت تسمى بستان الخس : انه لازال يحتفظ بشهادة ولادته الصادرة من الحكومة العراقية بالإضافة إلى جوازي سفر والديه عندما غادرا العراق اثر التهجير الذي طال يهود العراق ونتج عنه أسوء ثقافة عرفها العراقيون في تاريخهم القريب ( ثقافة الفرهود ) التي مثلت عارا في تاريخ الشعب العراقي والتي لازالت مستمرة لحد اللحظة ويمارسها الشعب بدون أي وازع أخلاقي أو ديني على الآخر المختلف في الدين أو القومية أو المذهب , ويستطرد الشاعر انه طوال حياته يتغزل بأصوله البابلية في أعماله الشعرية ويفخر بأصله العراقي في قصصه وقصائده , ويقول انه (سيأتي للعراق كبلد أم وليس كسائح ) حسب التحقيق المنشور في جريدة المدى , ويتمنى بموجب الوثائق التي بحوزته أن يتم له السماح بالتصويت في الانتخابات البرلمانية بوصفه عراقي .

كان اليهود يشكلون 2,6 % من مجموع سكان العراق عام 1947 وترجع أصولهم إلى بابل ارض الحضارات مولد العبرانيين , حيث ارض الرافدين كانت ارض مولد إبراهيم جد بني إسرائيل الأكبر , الذي ترك أور المدينة القديمة شرقي نهر الفرات سنة 1900 قبل الميلاد بأمر الله وحسب الكتب الدينية وهاجر إلى ( الأرض التي سوف اريك إياها , ارض الميعاد ) , عبر النهر سكن لكم آباء منذ وقت سحيق , هذه العبارة هي علامة أصل الشعب اليهودي , وبسبب مصطلح ( عبر النهر ) اخذ ( العبرانيون) اسمهم إلى الأبد .

إن تاريخ اليهود في العراق قديم قِدم العراق تمتد من السبي البابلي مرورا بالعصر الإسلامي حيث كانت مدارس اليهود في أزهى عصورها في مدينة سورا ( النجف ) حاليا وفي مدينة فوم بديثا ( الفلوجة ) حاليا ثم انتقلت هذه المدارس إلى بغداد حاضرة الحكم العباسي وازدهرت لحين سقوط بغداد بيد المغول حيث دمرت معظم المدارس اليهودية , أما بالنسبة للعصر الحديث فكان غالبية اليهود العراقيين تسكن المدن مثل بغداد والبصرة والحلة والموصل والناصرية والعمارة والديوانية والعزير والكفل واربيل وتكريت وحتى النجف التي حوت على حي لليهود سمي( بعكد اليهود ) وكانت فئة قليلة منهم تسكن الأرياف وخصوصا أرياف شمال العراق , ساهم هؤلاء اليهود في بناء العراق حيث ا ناول وزير مالية في الحكومة العراقية عام 1921 م كان يهوديا ويدعى حسقيل ساسون وكان من المشهود له بالكفاءة والمهنية والنزاهة وسجل تاريخ مشرف في تأسيس وزارة مالية عراقية محترمة , بالإضافة إلى أن هناك كثير من الشخصيات اليهودية السياسية من الوزراء مثل وزراء الدفاع إسحاق موردخاي وبنيامين بن اليعازر كانوا من أصول عراقية , وكثير من الفنانين والفنانات وعازفي وقُراء المقامات في تاريخ العراق كانوا من اليهود , كما إن أستوديو بغداد السينمائي الذي تم تأسيسه عام 1948 من قبل التجار اليهود الأغنياء وأنتج أفلام ناجحة منها ( عالية وعصام ) و ( ليلى في العراق ) .

تعرض اليهود في العراق إلى عملية قتل ونهب للممتلكات في بداية الأربعينات وبعد قيام دولة إسرائيل عام 1948 م تعرضت العديد من دور العبادة اليهودية إلى التفجير أبرزها كنيس ( مسعودة ) في بغداد مما أدى إلى هجرة الكثير من أبناء الطائفة اليهودية إلى الهجرة إلى إسرائيل ويتهم البعض حكومة نوري السعيد بالتنسيق مع حكومة إسرائيل لتسهيل هجرة اليهود من العراق حيث هاجر معظم يهود العراق في نهاية عام 1950 في عملية سميت ( عزرة ونحمية ) حيث كان عدد اليهود في العراق يصل إلى 150 ألف شخص , وأعدادهم الآن لا تتعدى أصابع اليد الواحدة حسب آخر إحصاء قامت به السفارة الأمريكية في العراق عام 2007 .

من ضمن المناطق التي يقدسها اليهود في العراق هي ضريح النبي ناحوم في القوش , وضريح النبي نوح في الموصل , ومقبرة النبي دانيال في كركوك , و ضريح ( حزقيال )في قرية الكفل في محافظة بابل , ومقبرة ( ايزرا ) في ميسان , فالمانع من أن يكون هناك وقف للأملاك اليهودية في العراق على غرار الوقف المسيحي والصابئي , وإقامة هكذا وقف يستقطب اليهود في العالم لزيارة الأماكن المقدسة لهم مما يؤدي إلى زيادة العوائد المتأتية من السياحة .

يقدر حجم الممتلكات اليهودية في العراق إلى مليارات الدولارات حيث كان اليهود قبل التهجير يسيطرون على أكثر من 80% من تجارة العراق , واللافت إن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 1950 ولحد الآن تصرفت بأملاك اليهود تحت إدارة مديرية الأموال المجمدة ولا تعترف أنها مصادرة , حيث لا احد يعرف أين تذهب عائدات هذه الأموال المجمدة طوال هذه العقود الطويلة , مع العلم أن هناك عقارات كثيرة ومتميزة لليهود في شارع الرشيد والبتاويين والكرادة والعلوية في وسط بغداد .

يجب على السلطات في العراق بمختلف أشكالها التشريعية والقضائية والتنفيذية أن تحل هذه المشكلة انطلاقا من مفهوم العدالة كأساس للحكم وإرجاع الحقوق لأهلها وتجاوز النظرة الدينية والقومية الضيقة التي أكل عليها الزمان وشرب في عالم يتطور كل لحظة في إحقاق الحق انطلاقا من مبادئ شرعة حقوق الإنسان , وينبغي إعادة النظر في قانون هيئة دعاوي الملكية العقارية رقم 13 لسنة 2010 الذي حدد مهام الهيئة حتى تتمكن الهيئة من حسم هذا الملف الخطير , وخصوصا إن أملاك اليهود لم يتم مصادرتها وإنما وضعت عليها علامة حجز أو تجميد في الدوائر العقارية في العراق .

إن حل هذه المشكلة كفيل بتدعيم موقع العراق السياسي في مختلف المحافل الدولية , حيث أن النفوذ الإسرائيلي في العالم لا يُستهان به , كما إن هذه الخطوة تحض بدعم كل العالم الغربي ودعم الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الأم الحنون لدولة إسرائيل .

الحكومات السابقة التي تعاقبت على حكم العراق أسقطت الجنسية على اليهود العراقيين الذين غادروا العراق وشرعت هذا الأمر بقوانين لا زالت نافذة لحد الآن ويجب إعادة النظر في هذه القوانين أو تشريع قوانين تُعيد الجنسية العراقية لليهود العراقيين الذين أسُقطت الجنسية العراقية عنهم على غرار القوانين التي شرعت لإعادة أملاك الكٌرد الفيلية وإعادة حقوقهم التي

اغتصبتها الأنظمة السابقة , وخصوصا إن يهود العراق الآن من ابرز الشخصيات السياسية والحكومية في إسرائيل والعراق يحتاج كل أنواع الدعم في كل المجالات لمواجهة التحديات التي تهدد وجوده .

[email protected]

أحدث المقالات