23 ديسمبر، 2024 5:41 ص

الحقيقة والخيال في تصريحات ترامب

الحقيقة والخيال في تصريحات ترامب

أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا المخلوق الذي لا يخلو من شيء يسير من غرابة إلأطوار وفيه الكثير من الحماقة فهناك شيء بليد ومتهالك فيه ، استعداده للقاء القيادة الإيرانية وأكد على عدم وجود شروط مسبقة من جانبه للقاء المسؤولين الإيرانيين عندما ترغب طهران بذلك، وذلك بعد التهديدات المتبادلة بين الطرفين خلال الاسبوعين الماضيين وبنبرة جديدة وعبّر عن ثقته بأن المسؤولين الإيرانيين سيبدون رغبتهم باللقاء في نهاية المطاف، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك جمعه برئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي .وقد اكد على ان يكون للقاء معنى ،وقال ترامب في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض وإنه على استعداد للاجتماع بهم في أي وقت، مضيفا أن “ذلك سيكون جيدا لهم، ولنا وللجميع . ولن تكون هناك شروط مسبقة ” والحقيقة ان موقف الرئيس الامريكي الجديد يحمل كثيرا من التصورات السياسية، فهومن جانب يسعى الى المزيد من الضغط علي ايران بعد خروجه من الاتفاق النووي ومن جانب اخر يغيير كلامه بعد ذلك “أمريكا كانت قد انسحبت من الاتفاق في مايو/أيار الماضي”و كشف وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو في الحادي والعشرين من مايو/ أيار الماضي عن “استراتيجية جديدة”، تهدف إلى إرغام إيران على الخضوع لـ 12 مطلبا صارماً . وردت طهران على الاتحاد الاوروبي ان لا تعديل على بنود اتفاق 14 يوليو 2015،شرط نيل طهران ضمانات أوروبية بعدم اللحاق يوماً بالقرار الأميركي، وبعدم التأثر نهائياً بالقرار الأميركي تجارياً ومالياً ونفطياً نتيجة خوف ما من احتمال أن تطاول العقوبات الأميركية مؤسسات أوروبية بتهمة مواصلة التعامل مع إيران، وهي معادلة قابلتها عواصم القرار الأوروبي، من باريس إلى برلين فلندن خصوصاً، بكلام يفيد بأن أوروبا ستواصل الالتزام بالاتفاق النووي. ، ومن جانب اخر فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على طهران بعد الانسحاب من الاتفاق رغم انها كانت قد تعهدت بالالتزام بالاتفاق والعمل به وقد سبق وان صرح مسؤولون أميركيون وعرب إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تمضي قدماً خفية في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج العربية ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة كما يدعي هو نفسه والخطة التي ترمي إلى تشكيل نسخة عربية من «حلف شمال الأطلسي» أو «ناتو عربي»، ويأمل ترامب أن يتم مناقشة ذلك التحالف الذي أُطلق عليه موقتاً اسم «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» خلال قمة تقرر مبدئياً أن تعقد في واشنطن في 12 و13 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل  من شأنها على الأرجح أن تزيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، والمحتدم بالفعل بشكل متزايد منذ أن تولى الرئيس دونالد ترامب السلطة والغاية الاساسية استنزاف المال الخليجي بشكل جديد ضمن الميزانيات الترهيبية التي سوف تعد للصرف لهذه القوات ،وهذه الخطوات التي يطرحها و يتخذها الرئيس الامريكي دونالد ترامب ليس حبا بالعرب واهل الخليج الفارسي بل حبا في ثرواتهم التي بدأت في التدفق على الخزانة الامريكية بشكل يزعج سكان هذه البلدان ويؤثر على مسار حياتهم اليومية و لانها محاولات يائسة لأن إيران اليوم مختلفة عن الماضي، وهي في ذروة اقتدارها من جميع النواحي العسكرية والعلمية والاقتصادية وهذه الممارسات للولايات المتحدة تمثل “نهجا يعتمد على الحرب النفسية الشاملة عبر وسائل الإعلام وبعض حلفائها وقد يعتقد البعض بأن امريكا تتحرك بأكثر من جناح سياسي وعسكري، وتعمل على إسماع كل طرف ما يرضيه، وهو ما يفرض على دول مجلس التعاون الخليجي الفارسي أن تطالب ما يثبت مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون معها، وليس ما يزيد في توريطها في حروب إقليمية أكبر لتخسر الحاضر والمستقبل ، واظهار ان موقفه لحساب الخليج الفارسي، والواقع ان هذه التحركات والخطوات تصب لصالح الكيان الاسرائيلي وجزء من مقدمات التطبيع مع هذا العدو ، وسبق من جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية ان ر فضت تحذيرات من ترامب قال فيه إنها «ستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ» إذا لم تتوقف عن تهديد الولايات المتحدة ورفضت ايران اي لقاء مع الولايات المتحدة الامريكية إلا بالعودة الى الاتفاق النووي وتنفيذ بنوده اولا وتهدد بعدم الدخول في اتفاقات جديدة، ووضعت 12 شرطا للتوصل الى اتفاق جديد معها. بل وتهدد بالتعجيل بمواجهة اسرائيل سواء من سوريا اومن طهران، فقد نصح الرئيس الايراني نظيره الاميركي “بعدم اللعب بالنار” معتبراً أنّ أيّ نزاع مع إيران “سيكون أم المعارك“.وان شعبه لا يخشى التهديدات الأمريكية الفارغة، وهو أعظم شأنا بكثير من دونالد ترامب ومايك بومبیو وجون بولتون وكل المتطرفين في واشنطن و إن هذا الشعب سينجح وينتصر في مواجهة الاعداء ،اما الطروحات الأمريكية بشأن الحيلولة دون تصدير النفط الإيراني فانها مجرد تبجحات لأن “التحليلات السابقة تشير إلى أن أمريكا ومع وجود قرارات مجلس الأمن لم تستطع أن تفعل ذلك قبل انعقاد الاتفاق النووي ، وقد رد ترامب في تغريدة له قال فيها: “إياك وتهديد الولايات المتحدة مجدداً وإلا ستواجه تداعيات لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ“. كل المؤشرات تؤكد أن ترامب يتعامل مع السياسة الخارجية الأمريكية بوصفها أحد المشاريع الخاصة بشركاته، والتى لا يحق لأى شخص سواه التحكم فيها ، ولكن الأسوأ أن مصالحه الشخصية عادة ما تتغلب على الصالح العام . فشركته تعمل لحسابه وليس لحساب شعب بأكمله أو حتى لحساب حزبه الذي يواجه موقفا صعبا خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس خلال أشهر قليلة . أما الحرب التي يشنها الإعلام الأمريكي حاليا ضده، فليست سوى جزء من كراهيته العنيفة ورفضه لسياسات ترامب؟ بل بسبب الحرب التى يشنها البيت الأبيض بشكل متواصل على الإعلام الأمريكي وتشكيكه المستمر فى مصداقيته. والاختبار الأكبر لها هوالانتخابات المرتقبة، فهل سيعاقبه الشعب الأمريكي على سقطاته وأخطائه المستمرة ؟ أم أنه سينجح فى إنقاذ حزبه من الهزائم التي تهدده؟

وقد سبق وان اشارت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني الى ” إن حالة العالم اليوم هي حالة من الفوضى، وانتشار الأزمات، ويبدو أن المواجهة تغلبت على العقلانية… وفي اللحظة التي لا يسير فيها كل شيء على ما يرام، هناك حاجة ماسة إلى العقلانية والهدوء وقابلية التنبؤ والاحترام والحوار لتفادي أسوأ السيناريوهات ومنع انتشار الصراعات واحتواء التوتر، والحفاظ على ما يزال يعمل، وهذا ما نعتزم فعله في حالة الاتفاق الإيراني .