23 ديسمبر، 2024 5:12 م

إن هناك حقيقة يجب  الالتزام بها من قبل  جميع الإعلاميين والصحفيين  وهي انه لا يوجد في الإعلام شيء اسمه ((حياد)) وإنما توجد هناك حقيقة يجب أن نسعى جميعا لإظهارها، وحق يجب أن ننحاز له جميعا، وموضوعية يجب أن نتحلى بها، وهذه هي مهمة الإعلامي والصحفي الأساسية في الحياة.
فما معنى الحياد أو عدم الانحياز حينما ترى طرفا ضعيفا يقتل وطرفا متغطرسا يمارس القتل والإرهاب ؟ وما معنى أن تكون غير منحاز وأنت ترى ظلما يقع وانتهاكات تحدث ومظالم تمارس؟ ما معنى أن تكون محايدا في تغطيتك لمثل هذه الأحداث؟
إنك هنا يجب أن تكون منحازا ليس لمجرد نقل الوقائع ولكن يجب أن ينقل الصحفي الحقيقة، والحقيقة أوسع في وصفها من مجرد وصف الواقع، إن الحقيقة تعني أن تظهر الجوانب المختلفة للجريمة التي ارتكبت، أو المظلمة التي وقعت، ولهذا فإنه ليس من السهل أن يفعل كثير من الإعلاميين هذا، ولكن هذا ما يجب فعله، أن يكونوا منحازين للحقيقة.

أذكر بعض الحوادث لدعم هذه الحقيقة فالصحفي الأميركي الشهير (سيمور هيرش ) قد تعرض لحملة ضارية من قبل بوش وإدارته حينما كشف عددا من الفضائح والتجاوزات التي قامت بها القوات الأميركية بعد احتلالها للعراق من بينها فضيحة ( سجن أبوغريب ) حتى إن جورج بوش وصفه بأنه (كاذب).. أما دونالد رامسفيلد وزير دفاع بوش فقد وصفه بأنه «مثل حركة طالبان».. أما ريتشارد بيرل فقد وصفه بأنه «إرهابي».. لكن “هيرش” واجه بوش وإدارته بقوة قائلا: ((إنني لست محايدا في مهنتي ولكني منحاز، منحاز ضد الحروب عديمة الفائدة )).

في الأسبوع الماضي نشرت وسائل الإعلام مقالا بعنوان ( داعش في بيتك ! ) للكاتب السعودي الجريء( خلف الحربي ) ، اذ وضع الكاتب  يده على الجرح العراقي ، حيث عيَر السعوديون ، الذين يمولون ويدعمون ويتعاطفون مع عصابة داعش الإرهابية ، وحذرهم من إن ما يحدث في العراق سيحدث قريباً في بلادكم وذكرهم بالوقوف بجانب الحق ، بدلا من التعليقات المتسرعة في مواقع التواصل الاجتماعي ….. .

في الحقيقة لم نعهد نحن العراقيين  طيلة العشرة سنوات الماضية سواء الهجوم والتشكيك وعدم الاعتراف والتخوين من قبل السعودية  ، سواء كان ذلك على الصعيد الإعلامي أو الرسمي أو الشعبي  ، والشواهد كثيرة على ذلك ، وان ما أثلج صدور العراقيين خلال  العشر سنوات المنصرمة هي مقالة ( داعش في بيتك ! ) التي مثلت الحقيقة كما هي  .