ان اكتشاف كذب أو فساد مسؤول في أي دولة ديمقراطية، كاف لأنهاء مستقبله السياسي ونفور الناخبين منه، مهما كانت بساطة الموضوع، حتى وأن كان تفصيل صغير عن حياته الشخصية، ولحداثة مفهوم الديمقراطية على الشعب العراقي فالأمر مختلف، فأغلب الناخبين العراقيين مازالوا ينتخبون بعواطفهم، ويبررون كذب وفساد وفشل الكثير من المسؤولين ليعيدوهم إلى الصدارة مرة تلو الاخرى.
مضت ثلاثة أشهر على تنفيذ القرار سيء الصيت لوزارة التعليم العالي الخاص بتخفيض رواتب المبتعثين، بنسب تراوحت بين الـ 30% إلى الـ 53% لبعض الدول كتركيا وماليزيا، وإيقاف رواتبهم في حالة التمديد، وكل إجراءات الوزارة وتصريحاتها في الفترة السابقة لا تتعدى محاولة التهدئة وأقناع الطلبة بالرضوخ للأمر الواقع، ما عدا قرار يتيم بإرجاع رومانيا وبولندا إلى رواتبهم القديمة ولنهاية العام الحالي، ولا نعلم لماذا فقط هاتين الدولتين ولفترة محدودة، وأكاد اجزم أنه بكشف أسماء المبتعثين بتلك الدولتين، سينجلي الغموض عن هذا القرار الغريب.
مع هذا كله فقد صدمنا بتصريحات السيد الشهرستاني وعضو من لجنة التعليم البرلمانية محمد الشمري، ببرنامج جمعهم على قناة العراقية، أن مشاكل الطلبة المبتعثين قد حلت، بينما لم يحدث شيء على أرض الواقع، ولا نعلم أن كانت تصريحاتهم عن جهل أو تضليل متعمد للأعلام.
بالرغم من أن كل الطلبة المبتعثين ما زالوا يشكون من هذا القرار، لكني لا أستطيع التحدث بلسان الكل، و لنأخذ مثلا دولة طلابها منسيون رغم كثرتهم كماليزيا، ماليزيا من الدول التي شهدت ارتفاعا كبيرا بتكاليف المعيشة، لا يوازي ما كان مخصصا لها من راتب، لذا بعد دراسـات عديدة تم تحويل فئتها من ج الى ب في 15/7/ 2014، ولـكن القرار بقى حبرا على ورق ليفـاجئ الطلبة بإلغائـه في 11/ 1/ 2015 ،من غير صرف أي مستحقات للطلبة ،ومن ثم تخيض رواتب كل الطلبة المبتعثين، مما يعني أن ماليزيا تم تخفيض رواتب طلبتها مرتين.
أضافة أن الحكومة الماليزية فرضت ضرائب جديدة على كل السلع، ورفعت أسعار المحروقات الى أعلى سعر في تاريخها ابتداء من 1/4/2015، وإذا علمنا أن التأمين الصحي لماليزيا لا يشمل أغلب الحالات المرضية، ندرك مدى معاناة الطلبة وعوائلهم، خاصة أن اغلب الجامعات الماليزية تطالب طلبتها بالتمديد الذي ترفض الآن الوزارة دفع تكاليفه.
قام الطلبة برفع كل هذه المشاكل إلى وزارة التعليم العالي بتظلم قانوني، مع الأدلة وأهمها مواقع حكومية ماليزية تتعلق بتكاليف المعيشة، ومع ذلك فلم ترد الوزارة سلبا أو إيجابا بخرق قانوني واضح، لمنع الطلبة من ممارسة حقهم الذي كفله لهم الدستور، بتحكيم القضاء العراقي بالمسألة.
سيادة الوزير، أعضاء لجنة التربية والتعليم المحترمين، أن صدق الأعلام حلكم لمشاكل الطلبة المبتعثين، وأن نجحتم بتكميم أفواههم، فتأكدوا أن هنالك من لا يخدع سبحانه وتعالى، وأن سهام الليل من دعاء الطلبة وعوائلهم عليكم، في هذا الشهر المبارك لن يصدها تصريح أو فضائية.