23 ديسمبر، 2024 10:44 ص

الحقيقة الغائبة عن عقول المكون السني

الحقيقة الغائبة عن عقول المكون السني

على مدار العشر سنوات الاخيرة لم يتمكن المكون السني من اخذ موقعه الصحيح والمفترض في الحياة السياسية الجديدة في العراق لامور عدة معقدة وشائكة وذلك لسببين يكمل احدهما الاخر، الاول يدور حول القيادات السنية الضعيفة والثاني القاعدة الجماهيرية السنية التي تجهل الوضع الحقيقي للعراق.

فكل الموكونات العراقية تمتلك رؤية انحيازية قومية وطائفية باستثناء أهل السنة الذين يميلون الى عروبتهم ويبتعدون نوعا ما عن الشك بالاخرين لجهلهم بطبيعة الوضع السياسي اليوم، وخير دليل على ذلك ميولهم للعلمانية المدنية التي يجسدها في الغالب شخصيات لاتنتمي للطائفة السنية ومن هذه الشخصيات البارزة السياسي المعروف اياد علاوي وهو شيعي علماني يدعو للمشروع المدني في العراق القائم على اساس المواطنة بعيدا عن كل الاسس الاخرى المبتذلة .

إن تلك الميول ادت باهل السنة الى ضياع حقوقهم ومن يدافع عنهم لان اصواتهم تذهب لاصحاب مشاريع باتت من المستحيل تحقيقها في الوقت الراهن او تذهب لاناس لايمثلون شريحتهم ويشعرون بالامهم ومصائبهم، أما الاخرين من اصحاب المشاريع الضيقة من الطوائف والقوميات الاخرى نراهم يحققون اهدافهم المبتغاة ويرضون ناخبيهم سواء عن طريق المكاسب او عن طريق اشباع رغبالت مطالب جماهيرهم المعنوية . 

اغلب القيادات السنية لاتمتلك رؤية وتصور حقيقيين لواقع المشهد السياسي في العراق مابعد 2003 ، أما نتيجة لضعفها لعدم امتلاكها دعم جماهيري واسع وذلك يعني ان صعودها الى الدفة السياسية كان بسبب الواقع الهزيل والهش لطبيعة الديناميكية السياسية، أو لتنصلها في الدفاع عن مكونها جراء الاغراءات والمكتسبات المادية المحققة لشخوصها والامثلة لتلك النماذج هي كثيرة جدا ومتكررة.

فالقيادات الكردية بنوابها مثلا التي تمثل نسبة اقل من النواب السنة تحت قبة البرلمان،  لها وقفة لن ينساها لهم التاريخ في الدفاع عن حقوق المكون الكردي بكل جرئة وحزم ولايتهاونون بتسمية الاشياء بمسمياتها على عكس النواب السنة الذين يخشون المواجهة والافصاح عن الحقائق والمطالبة بالحقوق المشروعة والدستورية لابناء مكونهم.

لقد صمتت القيادات السنية طويلا بغض النظر عن بعض التصريحات والمؤتمرات الانتخابية ، حتى اخذ بنا الظن ان ممثلي السنة هم بكم، ووصل بهم المطاف الى ان اصبحوا لقمة سائغة لمن هب ودب في الحكومة العراقية لمن اراد التنكيل بهم، فهم عاجزون في الدفاع وحماية انفسهم فكيف بهم الحال وهم يدعون الدفاع عن ابناء مكونهم وهم لن يستطيعون على ذلك صبرا.

القادة السنة فشلوا بامتياز بتدويل قضيتهم وحصولهم على الدعم لترهل القيادة نفسها ، رغم انهم لو ترووا وفكروا مليا لوجدوا ان محيطهم العربي وبعض الدول على الاقل يمكن ان يساعودهم لو أنهم تحركوا بهذا الاتجاه وكانوا يملكون قادة لهم حنكة دبلوماسية وبصيرة نيرة، على خلاف القيادات الشيعية التي تتلقى دعما واضحا من طهران والقيادات الكردية التي نجحت على كسب تعاطف العالم اجمع معهم وخصوصا الموقف الدولي الاخير الذي وقف مع اقليم كوردستان وتعامل معه بخصوصية مستقلة عن الوضع العراقي برمته رغم فجاعة ومأساة العراقيين في جميع انحائه.

الامر الذي لا مناص منه واصبح جليا، هو ان الكتل السنية بحاجة ملحة لقادة اقوياء غير تقليديين يخرجون من رحم الجماهير ويشعرون بمعاناتهم، يعون خطورة المرحلة، قادرين على المواجهة وتحمل المسؤولية، سياسيين بمعنى الكلمة، يمتلكون موهبة السياسة لايدعونها، لان الساحة اليوم تشهد بغير ذلك فاغلب المتواجدين من السياسيين السنة ولدوا نتيجة ظروف ولم يولدوا بناءا عى معادلة صحيحة وسليمة، كل الكتل والجماهير السنية مطالبة اليوم باعادة حساباتها لمن يمثلهم وعليهم ان يستوعبوا الدروس من زعماء اقليم كوردستان، كيف يعملون ويبنون علاقاتهم الخاصة مع دول العالم والقوى الكبرى لتوضيح الصورة لمطالب الاكراد وحقوقهم وكسب تعاطف الاخرين، ووقوفهم صفا واحدا ازاء مطالبهم ومشاريعهم، وتذكروا يا اهل السنة ماحك جلدكم مثل ظفركم.