الحظ والبخت بين شيوخ العگال وشيوخ الدولار

الحظ والبخت بين شيوخ العگال وشيوخ الدولار

في بداية مقالتنا، لا بد من تقديم تعريف بسيط لموضوع المقالة وما المقصود بها. نحن نقصد بشيوخ العگال الشيوخ الحقيقيين أصحاب الهيبة والعرف والعَقل، وليس كل من ارتدى هذا الزي الأصيل. فنحن بشكل عام أبناء القبائل العربية نفضل ارتداء العگال هذا الزي العربي، أسوة بالقبائل من القوميات الأخرى التي لها أزياؤها الخاصة بها. وهذا الموضوع لا يوجد فيه أي التباس عندما يكون مجرد أزياء خاصة بمجتمع معين. ولكن وهنا ننتقل إلى الفقرة الثانية، وهم شيوخ الدولار، أي من صعدوا بسرعة بفضل المال أو النفوذ، دون جذور أو قيم أصيلة. وتجدهم يرتدون الزي العربي الذي تحدثنا عنه ويدعون أنهم من شيوخ القبائل وأن لديهم عشائر تستمع لكلامهم ومشورتهم، ولكن الحقيقة مختلفة جذريًا عن الكلام.
‏نحن اليوم نعيش في زمن لا يشبه زمن الأجداد، اختلطت الألقاب واختلت الموازين، فصار من يحمل الدولار يُلقب بشيخ، حتى وإن لم يعرف العگال طريقًا صحيحًا إلى رأسه في يوم من الايام . وأصبح ينافس الشيوخ الأصيلين أصحاب المشورة وأصحاب الحظ والبخت الذين نعرفهم بأنهم من ثوابت القوم وأنهم من عقلائها، وأن مشورتهم يحتاجها أقاربهم وأبناء عمومتهم في كل محفل من محافل المجتمع الذي يعيشون فيه…
‏نعم انهم شيوخ العگال أولئك الرجال الذين إن جلسوا سكت المجلس واستمع الجميع لهم، وإن تكلموا أنصت العقل قبل الأذن. لا يشترون المجد بمالٍ، بل يُصنع المجد في حضورهم. رجالٌ يُعرفون بالحكمة والمشورة، وبحلّ النزاع على اساس نصرة المظلوم ضد الظالم، وبالكرم عند الشدة ، وبالشهامة عند الضيق. لا يحتاجون شهادة ولا إعلانًا تلفزيونيًا، فالناس شهداؤهم.واعمالهم الخيرية تتكلم عنهم
‏أما شيوخ الدولار، وكما ذكرنا أعلاه، فهم صنيعة الطفرات المفاجئة: مقاول هنا، صفقة هناك، منصب جاء بليل، أو حساب بنكي انتفخ دون عرق أو تعب. يتقنون فن التصوير في مضائفهم أكثر من فن التدبير، تراهم في كل وليمة، وعلى كل شاشة، لكنهم غرباء عن الناس عند الحاجة. لا يعرف بيوتهم المحتاج لأنهم يعتبرون كل من يقصدهم متسولاً، وفي الحقيقة هم دائماً أشخاص يأكلون ولا يُؤكلون ويطبق عليهم مقولة متسول بفمه….
‏لقد كان الحظ والبخت مفهومان قديمان كانا يُفسَّران عند أهل العقال بأن “البخت لمن عقل”، وأن “الحظ لا يُصنع بالمال بل بالنية الطيبة وسلامة السيرة”. أما اليوم، فصار يُنظر إلى الحظ على أنه بطاقة مصرفية، وإلى البخت كرصيد في البنك، أو سيارة حديثة من السيارات المظللة، أو ربما مضيف بُني بأموال غير شرعية، والكثير والكثير من مثل هذه الحالات.
‏إن الفرق بين شيخ العگال وشيخ الدولار، هو كالفرق بين النخلة في الصحراء والسيارة الفارهة في معرض السيارات. فالأولى ثابتة مهما عصفت الرياح، تُثمر في القحط، وتُمدّ بظلها لمن يقصدها. أما الثانية، فلامعة من الخارج، لكنها لا تُسعف من ضلّ الطريق إذا كان صاحبها مغرورًا ومتعجرفًا، ولا تُبقي أثرًا بعد أن تُباع، لأنها ستبقى في عالم النسيان وفي سجلات المرور مجرد كلمات فوق أوراق…
ملاحظة.. سمعت ان بعض المستشيخيين اصبحوا يأخذون عموله عن اتعابهم فأين اصبح الحظ من هذه المسألة…

أحدث المقالات

أحدث المقالات