8 أبريل، 2024 9:51 ص
Search
Close this search box.

الحضارة العربية والمعدان في الميزان

Facebook
Twitter
LinkedIn

تمهيد:-
تتعدد الإجابات عن مفهوم الحضارة ومعانيها !! لكن جُلَّها يُعنى بها شواخص الإنتاج الفكري والحياة الإجتماعية لمجموعة بشرية من خلال الآثار الشاهدة على ذلك.
لغوياً:-
يعرفها المعجم اللغوي لغةً لا أصطلاحاً بمعنى ذكي وجلي ينص على أن الحضارة تقع بين الماضي والمستقبل.
الحضارة بشكل مختصر ودقيق جداً أفهمها كالتالي:-

هي الإيقاع المعرفي والإجتماعي بكل تجلياته لأي شعبٍ، فإن نظرنا لحاضره عرفنا حضارته لأنها مرآة حاضره وعرَّفنا صح الحضارة.

لكن للأسف الحضارة بات مصطلحاً يُعنى به حضارة الماضي ومنه ليشكل “توهماً” لسلسلة التممد الجيني لأجيال الحاضر وكأنه ماضي حي بجيناته والحقيقة لا شيء يشبه الماضي في الحاضر لا شعباً ولا معرفةً ولا في أي نمط من أنماط الحياة الحاضرة، فمن يسألك عن معنى الحضارة لا تجيب عن حضارة الماضي، فأهل الماضي لو سألتهم عن حضارتهم سيعرّفوها بشواخص منتجاتهم الصناعية والفكرية والفنية وما يحكم وينظم العلاقات الإجتماعية فيما بينهم.

الحضارة من مصدر الحضور ولكل مجتمع صوراً لحضوره، فكيف نفهم صور حضورنا الإجتماعي كما فهمنا صور حضور الأمم الماضية في التاريخ؟

مقدمة:

بدأ التمييز بين البدوي والحضري عند انتقال الأفراد والجماعات الى المدن للعمل أو للتعلم، تشكل معنى إصطلاحي جديد للقاطن في المدينة فسمي “حَضَري” فبات يُعنى به “مُدُني” خلافاً لبدوي بكل ما يُعنى به من أسلوب ونمط عيش وسكن مختلف.

في الغرب بالمثل، فكلمة حضري أو مصطلح الحضر يطلق على قاطن المدينة “برجوازي” وهي كلمة نرددها كثيراً لكن قلة من يعلم حقيقتها لغوياً من أهل الغرب ذاتهم، فكلمة “Bourg” فرنسية وتعني المدينة، لكن تعددت الدلالات حولها وحول أصلها اللغوي لتحيلها الى معنى آخر وهو – شريحة إجتماعية عليا داخل الطبقة الإجتماعية الوسطى، كالموظفون، والتجار ، والمهندسون وحتى الحرفيون، لكنها بفارق أنها تبقى “طبقة متدنية” وفق سلم الطبقات الأخرى، إذ هي ما دون طبقة النبلاء والاقطاع وأصحاب رؤوس الأموال المسيطرة، أما حقيقتها لغةً، فهي كل من ترك حياة البداوة وسكن المدن.

ومن تقلبات الدلالات المعنوي لها نجد أن ما يعيه اليوم الكثير من المثقفين في كل أرجاء المعمورة عن “البرجوازية” هو ما أتى من عنديات ماركس إذ أحال معناها اللغوي الحقيقي الى معنى إصطلاحي في المجال الإقتصادي:- بأن البرجوازيون هم اصحاب رؤوس المال المسيطرة على الأنتاج، كذلك فعل بالمثل لينين في مفهوم البرجوازية الديمقراطية، ومنه تلاقفه المثقفون ليتم الخلط بين مفهوم برجوازي لغةّ والبرجوازية إصطلاحاً عند ماركس ولينين، فمات المفهوم الأول تماماً وعاش الثاني ولذلك وددت تحرير أوجه معانيها وتقلباتها لغوياً عندنا لغةً وعند الغرب في هذه المقدمة القصيرة.

عن كتاب الالفاظ السريانية. أو تاريخ اللغات السامية لاسرائيل ولفنسون ص383.

“قال غويدي في كتابه ..بلاد العرب قبل الاسلام” ص 50:- ( كان الأعراب الرحل يحتقرون الزراعة وقال احد الشعراء : بالرمح يحاز المجد لابحراثة الحقول. وفي الواقع ان الفاظ الزراعة هي آرامية الأصل وهي بحسب إقرار الأعراب أنفسهم: ومنها ناطور وفدان).

الحق أقول : لم نكن نعرف شعرا يمجد وأركز على كلمة “يمجد” الزراعة والعمران. فالقتل والحب العذري شعرهم، وازمة النساء همهم، فلا غرابة إن حللوا الزواج من فتيات بعمر الثمان!. كما والسطو والغزو من أهم ابواب رزقهم ويقوم على مهاجمة القبائل الأخرى وذبح الرجال وسبي النساء دون ان يرف طرفا لهم.
العار عندهم هو ان تُسبى نساءهم فتوطأ من ” أعدائهم” لتلد أولاداً تعاديهم وتفتك بهم . لذلك اعتقد – كأستنتاج – مني شخصياً وربما قد لا أجانب الصواب من قريب فيه هو أن خرقة دم البكارة المشهورة في يومنا الحاضر؛ يُعد إعلان الخبر عن وطيء مسبيات العدو ، كتنكيل لهم ووعد للقبائل المُعزية بولادة المسبيات رجالاً يصبحون سيوفا على رقاب نسلهم، ومنها نفهم كذلك لم لا يكترثوا لدماء ابناءهم من المسبيات لو سفكت كذلك نفهم سبب رغبة بعض القبائل بوأد البنات؟ فربما الخرقة الملطخة بالدماء هي أيضأ شكل من أشكال الفرحة عن تعويض الدماء بالدماء في حاضرنا اليوم قبلياً، كونها من هبات الفصل العشائري، ثم لنصل الى مسك الختام لمعانيها الحاضرة كرمز لبيان شدة الفحولة.

نقرأ في كتب السيرة أن فلان يذكر فلان بأنه سبى خالته او امه، ككلام هاديء في حوار عادي بينهم، كما لو حل رجلا ضيفا على رجل هو وامرأته او خليلته وظهر جمالها له، فربما يصرح له بأنه سيسرقها وان سرقها تبعته دون كلام فسيفه اقوى على الجواب.

الشرف الحقيقي عند بعض الأقوام العربية ” لا نعمم” ، هو ان تستخوذ على أملاكه ومنها أهمها هو الأنثى مصنع الرجال. فمن نتائج الغزوات، لانتسغرب أسباب قتل بعض القبائل للاناث وأنواع الزواج او الفصل بهن؛ اي لاتستغرب ان يفصل الرجل بشرفه ( بملكه) لأن مفهوم الشرف ليس هو كما هو صورته اليوم في مجتمعاتنا العربية وبالأخص القبائل التي لازالت تتبنى الفصل النسائي وشواهد هذا الفصل النسائي لحد الساعة يعمل بها دون اي حرج شرفي من رجالهم. اي يتقاتل الرجال وتدفع النساء الضريبة، ليحل السلام.

لو نظرنا الى شعر الشعراء ما وجدنا نفسأ لضمير – هي – بل لضمير – هو – فقط.
فالحب “هو” إلا ما ندر.

حياة المرأة تدور حول ضمير هو، لان ضمير هي لم يولد بعد بساحة عقول رجال ذلك الزمان وربما لازال يعشعش في الكثير منهم اليوم، فكيف تتبدل معايير حياتهم بصاعقة رسائل الانبياء فجأة؟
الا يستدعي منا قراءة أحوال وتقاليد وأعراف حياة السلم والحرب لبشر خارج محطات الزمان؟

عن اية حضارة تخبرونا عنهم وفي اي مكان وزمان؟

بماذا وصفهم القرآن؟

من كتاب القبائل العربية في مصر في القرون الثلاثة الاولى للهجرة (د. عبد الله خورشيد البري) ص5 قال :
ان كلمة عرب إصطلاحاً ظهر متأخر في النصف الأخير من الألف الأول ق.م – حتى قال – لأن هذه الكلمة لم تكن معروفة لهذا المعنى في أيأمهم. وقد استشهد بفيليب حتى في تاريخ العرب المطول في صفحات كتابه “8-9-14-119” وجواد علي تاريخ العربي قبل الأسلام ج2 ..287.
حتى وأن ظهرت قبل ذلك بلفظ العريبي أو ما شابه، المهم هكذا بات أسمهم وعرفناهم به، بغض النظر عن سبب التسمية زمانياً وجغرافياً، أو لماذا سمي العربي عربي؟
عند بعض المؤرخين المعاصرين هي من لفظ عربت وتعني عين ماء، فعربي هو المتواجد حولها ومالكها فعربت فلان اي عين ماء تابعة له. ومنه أتى جمع الأعراب بهذا المعنى ونعت العربي، وحدث ولا حرج من هذا القبيل من التصورات حول التسمية وكأنها شيء هام. الأهم هو إعترافهم بتسميتهم جاء من خلال قبولهم بهذه التسمية القرآنية للسانهم اللغوي المبني على تسميتهم الجغرافية المكانية أو القومية، وقومية أغلب الظن صح وفقاً للمرجع القرآني : وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه. إبراهيم 4.
نعلم من يعبد الاوثان لادِيْر تؤدبه القراءة والكتابة التي كانت بشاهد القرأن عند أهل الكتاب وعن طريقهم تم تعلّم المسلمون العرب الكتابة والقراءة من “اهل الكتاب”.

متى كان للقوم الملقبون بالعرب حضارة بأسمهم وغفل الله عنها؟
عندما مر ذكر الاقوام وعصورهم في القرأن سماهم بأسماء أقوامهم قوم عاد وثمود..الخ، أي لم يقصد بهم قوم العرب اطلاقا فهو من أرخهم وميزهم بكونهم أميون لايدرون ما الكتاب والحكمة، معزولين ضالين عن كلام الله ولم يُبَلَّغوا به سابقا.

( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) ٢ الجمعة.

من هم العرب؟ هل هم الذين مر الله على ذكر عصورهم في القرآن ؟

ذكر القرآن : عصر مملكة سبأ … أم عصر تبع وقومه الحميريين….؟
عصر اصحاب الاخدود من نصارى نجران الذين مثل بهم الملك الحميري ذو نواس. وكان قد تهود فحرقهم في اخدود واضرم فيها نار ذات لهب؟

عصر أصحاب الفيل لعهد إبرهة الحبشي غزا مكة؟

معلوم تاريخياً “إن إستيلاء الحبشة على اليمن في ق 6 ق.م ثم استيلاء الفرس عليها الى ان دخلت في دين الله” بتصرف ..من كتاب (خليل نامي…العرب قبل الأسلام).
لا يهمنى إن كانوا هموا أم لا…فليس بنافعٍ بشيء لأن
الحضارة ماضياً أو حاضراً هي أخلاق، ورسالة السماء تقويمية للنفس البشرية بغض النظر عن قومياتهم، اذ لم يخص قومٍ ما حتى وإن أنزل على الأقوام التي كان لسانها عربيا في التفاهم والتواصل اليومي كما يفعل مختلف الاقوام من كل مشارب الأرض في أمريكا مثلا بالتحدث بالأنكليزية، لقوله تعالى:

إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين. ٩ الإسراء.

فمن أين نستسقي الشواهد الفاخرة لحضارة العرب الأخلاقية إصطلاحاً؟ ثم حتى وان كانت هناك حضارات للعرب فلا بد أنهم كانوا عرباً جادون فاعلون، أما عرب اليوم والذين تم تصنيفهم قرآنياً بالأميين والضالين ووالخ فهؤلاء في نسلهم ونفاقهم وضلالهم يتعاظمون الى يومنا هذا.

أم من…حضارة
السبي وشراء الجواري، وأسواقهم كما يذكرها الجاحظ في رسالته ١٣ و١٤. لماذا؟ فأنت قلت كل الحضارات مرت بهكذا أحوال وفصول قلنا أسلمنا لكن من نزلت عليه رسالة السماء ويتفاخر بأم الحضارات القديمة لماذا لا نشهد من فضله حضارة خلقية شاخصة؟

أم من…
من ظواهر التدين والإيمان النفاقي في الماضي والحاضر أم في الفتوحات الغير شرعية الماضية وفتاوي التكفير الحاضرة؟ أم من الظواهر الإجتماعية والنزاعات العشائرية السارية؟

أم من:-

الشاهد القرآني في الآية أدناه والتي تفضح مناسبتها ومنه حاضر العرب كما نزل القرآن عليهم بلسانهم.

یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ كَرۡهࣰاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُوا۟ بِبَعۡضِ مَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِینَ بِفَـٰحِشَةࣲ مُّبَیِّنَةࣲۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَیَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِیهِ خَیۡرࣰا كَثِیرࣰا﴾ [النساء ١٩]

البخاري في ” صحيحه ” 8/ 186 ولفظه: ” كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، وهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك “.
فأن كان جنس النساء متوفر، فلماذا يلجأون الى مثل هذا السلوكيات؟
أوليس الغزو كان من أهم وسائل الرزق؟
أوليس الحاجة للطعام هو نقص دفعهم لذلك؟
كذلك السبي هو خبر عن نقص هام، ولذلك كان الغزو للسبي متبادل بين القبائل.

النساء عملة نادرة للمتعة ومكلفة، فلابد من ضمانها بطريقة ما والحرص عليها.
فمن إستطاع أن يتزوج لوفرة ماله، تراه أستحوذ على عدد كبير من النساء، فبقي الفقير لايجد إمرأة له، فالغزو كما في سبي للنساء يخلف أيضاً ثكالا تحتاج الى كسوة وطعام ومسكن لها ولأولادها، ومنه لانستغرب أن النساء عملة نادرة، لاينالها إلا من وسع الله عليه مالا!
وعادة العربي الإستنكاف بالزواج من أمة أو مسبية، فهو قد يواقعها لكن لايتزوجها، وكذلك تستنكف المرأة الزواج من عبد، ولذلك قال القرآن:

وَلَا تَنكِحُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكَـٰتِ حَتَّىٰ یُؤۡمِنَّۚ وَلَأَمَةࣱ مُّؤۡمِنَةٌ خَیۡرࣱ مِّن مُّشۡرِكَةࣲ وَلَوۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡۗ وَلَا تُنكِحُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ حَتَّىٰ یُؤۡمِنُوا۟ۚ وَلَعَبۡدࣱ مُّؤۡمِنٌ خَیۡرࣱ مِّن مُّشۡرِكࣲ وَلَوۡ أَعۡجَبَكُمۡۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَٱللَّهُ یَدۡعُوۤا۟ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ بِإِذۡنِهِۦۖ وَیُبَیِّنُ ءَایَـٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة ٢٢١].

النساء متعة وكلمة متعة لا عيب فيها ذكرها القرآن كونها أتت لأنها منسجمة مع الوعي الإجتماعي عرفا ولساناً، خلافاً لوقعها في الوعي الأجتماعي الحاضر، فلا هي عرفاً مقبولة ولا وعياً مستساغةً، فسابقاً لو قال فلان لجاره متعني بنتك لن يستفزه ولا يغضبه ولا يشهر سيفه ليقطع رقبته، لأنه بمعنى زوجها لي..ولعلمه أن المرأة للمتعة فلا عيب في ذلك، فالزواج في الأصل متعة للزوجين والحياة لا تخلو من التمتع ومتعة الله ذاته خاصة للشهداء وقد وعد الله بها المؤمنون بحور العين ” وزوجناهم بحور عين” الدخان 54 كذلك سورة الطور20 ” متكئين على سررٍ مصفوفة وزوجناهم بحور عين” وإلا على ماذا يجاهدون ويضحون بأرواحهم، إذا لم يكن هنالك من وراءه متعة هي ذاتها التي تحضر في وعي المجاهد المؤمن الحي، بل ولا يصح أن تختلف عن متعة الدنيا في الوعي بشهوتها مع النساء، فإن لم يتصورها المجاهد هكذا فلا يمكنك إقناعه بالمتعة المجهولة الإحساس والتصور، ولذلك وعدوا المجاهد الشهيد بأعداد هائلة ومتعة مستديمة ونشوة لا تنضب.
المسلمون كافة يتمتعون ويستخدمون لفظ التمتع بلا حرج لكن تبدل الوعي الجمعي لوقع الدلالة اللفظية سمحت بالتنابز والسبب هو عزوف المفسرون عن دلالة الألفاظ تاريخياً وقوة حضورها أو فتورها في الوعي الإجتماعي لكل زمان.
وغالب اهتامهم كان لغوياً وروائياً بشكل محدود يقتصر على مجال النحو والاعراب والصرف والروايات واسباب النزول والقواميس لبيان المعنى أو القصد من الكلمات القرآنية.

لذا لا غرابة أن نألف عرف ( جاهلي) باطل، وهو: أن ينهي أبن العم على بنت عمه وهي في المهد، بل ويهدد ويتوعد بالقتل، لمن يقترب منها، فهذا العرف موروثه الذي يحصر على إدامته.

كذلك التراث الفقهي متجذر تراثياً ويعج بمعايير جاهلية لازلنا نكابدها في وقتنا الحاضر، ومن بصماتها زواج الصغيرات ولا حاجة لنا بذكر الأمثلة وإطالة المقال، فواقعنا خير شاهد ومثال حي على ذلك، إذ لازال البعض على الأثر ساريا.

ومن خلال الشواهد التاريخية القصصية والشعرية، نستخلص إمكان وقوع وأد البنات، فالعرب لا تقبل الأهانة كأن تأسر وتسبى نساءهم، ليس لكرامتهن، بل لكرامة الرجل الذي جُرِح فيما يملك، فكما يتضح:
إذا كان العربي يرث إمرأة أبيه ويغشيها، ويعدها حقاً ملكاً له، فكيف فيما لو سبيت نسائه؟
ثم كيف إن خيروا مسبياته الرجوع اليه ورفضن؟
ولذلك لانستغرب أن يأد البعض البنات إنتقاماً لكرامته هو؛ حتى وأن رغب عن دفنها حيةً، وعصرت قلبه فسيدفنها لأن يدفن العار الذي لحق كرامته.

جرح الكرامة سبباً كافياً للوأد عند بعض الأقوام.

لايمكن للقرأن أن يتحدث ويستنكر وأد البنات في مجتمع لايأد البنات دون أن يتعرض للتكذيب! وكيف ذلك وجد الفرزدق بن صعصعة مشهور بتحرير أربعمائة بنت من الوأد.

لايستطيع القرآن، أن يتفري على نظرة العرب ككل بل هو أوثق مؤرخ عند كل المؤرخين.

أولم يذكر، كيف إذا ما بشر أحدهم بالأنثى! ؟

أولم يذكر قتل الأولاد من إملاق؟

هل من روايات كذبت خبره؟

شاهدنا اليوم في اليوتب كيف بعض الشعوب تأد الأطفال من فقر وعوز!
فلماذا نرفض وقوعها في الأقوام العربية؟
ثم…ما هو معيار القرآن على نظرة العرب فيما إذا بشر بالأنثى؟ هل هو صحيح الخبر أم لا؟ فمن يعتقد بصحته فلِم ينفي خبر الوأد؟

وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدࣰّا وَهُوَ كَظِیمࣱ (٥٨) یَتَوَ ٰ⁠رَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦۤۚ أَیُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ یَدُسُّهُۥ فِی ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ (٥٩).

فأمر الوأد ليس مستبعد كما هو قتل الأولاد من إملاق ليس مستبعد.
العوز والفقر كان سبباً للقتل، ذكوراً وأناثا. وهذه أعراف جاهلية، والجاهلية لاعلاقة لها بقبل وبعد مكاناً وزمانا…فيمكن أن نكون في عصر الجاهلية، حتى وإن كلنا علماء، إذا ما كان سلوكنا لايحترم الحياة الآدمية!
الجاهلية مفهوم إصطلاحي لا لفظي، فهو: معايير إجتماعية لاتحترم حقوق الإنسان ولاتعدل معه، ومثالها في القرآن رفضها الله، لكننا متمسكون بها ليومنا هذا بثوبها الجديد.

معيار القرإن واضح رافض لفعل القتل للأطفال ذكورا وأناثا، وبيان الحكم يتضح من الحكم ذاته في الإية بقوله : ألا ساء مايحكمون!
أي أحكامهم غير عادلة وهي السوء بعينه!

إذن:
لاغرابة أن تتولد من جراء نقصهن، رغبة شراء الجواري أو السبي، كلها موروثة وتزخر بأمثالها الكتب.

من حياة العرب في الجاهلية، الزواج بأنواعه، وعلله تكفي كصورة وشاهد دال على أحوال المرأة وقيمتها ووظيفتها الإجتماعية بشكل عام.

شيء من تاريخ حضارة العرب.

صفحة 27 كتاب اعلام النساء المؤمنات

يقول الشاعر;

وزادني رغبة في العيش معرفتي…ذل اليتيمة يجفوها ذوو الرحم
اخشى فظاظة عم او جفاء اخ….وكنت ابكي عليها من اذى الكلم
تهوى حياتي واهوى موتها شفقا…والموت اكرم نزال على الحرم
اذا تذكرت بنتي حين تندبني…فاضت لعبرة بنتي عبرتي بدم.

واخر يقول..القبر اخفى سترة للبنات..ودفنها يروى من المكرمات.

لكن هل هم هؤلاء العرب الذين إستوطنت قبائلهم العراق وربما أختلط بعضهم بالسومريين والبابليين ووالخ معنيين بحضارة سومر وبابل؟ فهناك منهم اليوم من يزامط بحضارتهم وأن كعبتهم في السماء ومن هذا الزماط المرضي حدث ولا حرج.
السؤال عن حضارة قبائل هذا الشعب العراقي ككل، هل يصح نسبتها الى حضارة أهل الماضي لمجرد تصادف تواجدها على ارض وادي الرافدين؟

كلا؛ لأختلاف الشعوب والمنتجات الفكرية، بل وحتى أسماهم وأسماء مدنهم لغوياً بشكلٍ عام لا صلة لها بلغة أقوام العراق الحاضرة!
الأنكى من ذلك أننا نذهب للتفاخر بها وكأننا في عصبية قومية نكتتها حلول النسب للتوافق الوجودي الجغرافي كحلول الهيل في الشاي وكأن الهيل من تكوين الشاي الكيميائي أو إمتداداً له، أو كما وكأن الأسبان يحق لهم ورث حضارة الأسلام أو العرب لحلول التوافق الوجود الاثري الجغرافي يوماً ما فيها، ومنه كدليل للنسب.
حتى النسب لا يعطي الحق بتملك نتاج الآخرين، ولذلك وجب التنبيه والحذر من اللعب بالألفاظ لإيهام النفس بحق وصال الماضي بالحاضر وكأنه توأم، كلا! فما كان لأهل الفضل من فكر وشواهد معرفية، لهم! ، وما لنا، هو منتوجنا الفكري وضلاله على المجتمع ككل، وها نحن اليوم قوماً مستضعفون في محل مفعول به بمعنى الكلمة “لا حول ولا قوة” أي كريشة في مهب ريح القوى العالمية المهيمنة على الساحة العراقية طائرةً لا تستقر على حالٍ من القلقِ.

وأختم بالجواب على سؤال من نحن :- نحن حاضرنا ما نشهده ومما صنعته أيدينا يقع كما يقول القاموس اللغوي بين الماضي والمستقبل، ولكن هل العيب في بشريتنا جيناتنا أم ما العطل فينا بحيث لا يمكن تقويم أنفسنا، ففي الشعر والفن والغناء والعلوم والفلسفة وطاقتنا العلمية تنتشر في الغرب كله الا في دولنا، فعندنا ثقافة لا نحب الخير لبعض ولا يهتم بعضنا ببعض ولهذا مهما ولدت أمهاتنا جبابرة في العلوم والفنون وحفظنا كتب المواعظ والأخلاق وأقوال الأنبياء، ولطمنا على سيد الشهداء وطبّرنا الرؤوس ” أقترح تطبير الرقاب من حبل الوريد” نبقى في الدرك الأسفل في النتائج من أحوالنا الأخلاقية الأجتماعية عمليا في التطبيق فيما بيننا وفي كل مؤسساتنا الخدمية، لأن صيتنا كصيت المعيدي على قول العراقي بلهجته ناقداً بشكل مبالغ بشاعة ثقافة عيش المعيدي وسلوكياته المستسقاة من حياته مع الدواب، فيقول “المعيدي كلشي يصير بس آدمي ميصير” اي ممكن أن يصبح بروفيسوراً أو رئيساً للوزراء أو عميداً للجامعة أو أستاذ في الطب والهندسة لكن أن يتخلق بالآدمية الخلقية وسلوكيات الحضر فمن ضرب المستحيل والخيال.

الحقيقة لقد ظلمنا المعيدي، ونسينا أنفسنا، فكلنا معدان مجازاً فأن كنا أذكياء متحضرون ومتعلمون بلا حدود، فأننا في الأخلاق شديدوا الغباء ، بل وربما كثيرٌ من أهل رعاة الجاموس ” المعدان ” أفضل خلقاً منا لأنهم على الأقل متعنصرون أيجابياً لقومهم كونهم يكنون إهتماماً لبعضهم البعض لا كما تفعل الشعوب الحضرية العربية اليوم فيما بينهم.

ملاحظة:- لانستنقص من كرامة المعدان اليوم في حاضرهم، وإنما ننقل المثل المشهور عنهم سابقاً كما هو متعارف عليه حينذاك، والذي بات بمعنى آخر لأنه أصبح يشمل به كل من يخرج عن العرف العام ليشمل كل حضري، أي كل من هو ليس من رعاة الجاموس أيضاً، فتساوى الكل بالنبز ومنه غاب النبز للمعدان لأنهم ذاتهم باتوا يستخدمون ذات النبز في حياتهم الحاضرة الحضرية، وهذا واقع حاضرنا ننقله كما هو.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب