منذ ابتلى العراق بالارهاب ، توفرت لعناصره حاضنات في عدد من المدن العراقية ، لعل اهمها المحافظات المنتفضة الست حسب وصف بعض السياسيين الطائفيين .. كما عملت التنظيمات الارهابية على توفير مصادر تمويل خارجية وداخلية لها , لضمان استمرار عملياتها الاجرامية .. اعتمدت على توجهات وسياسات بعض دول الجوار المعادية للعملية السياسية في العراق , وموقفها من سقوط النظام السابق , مع انهم ليسوا اصدقاءً لذلك النظام أصلاً .. إلا أن التغيير الجديد في العراق حسب ما يبدو , لم يأتي بأشخاص يمكن أن يصبحوا عملاء لهم , ينفذون سياساتهم التدميرية للمجتمع العراقي ..
فالسعودية وقطر ما زالتا أهم دولتين داعمتين للمجموعات الارهابية في العراق تحت شعار حماية السنة . وقد انضمت إليهما تركيا من خلال دعم سياسي واضح بإيواء قيادات الارهاب والداعمين له ، ومنهم طارق الهاشمي أحد أهم السياسيين الذين تبوؤا مناصب عليا .. والذين استغلوها لدعم التنظيمات الارهابية ، والدعوة مستمرة لاطلاق سراح من يعتقل منهم .. إضافة إلى إطلاقه التصريحات النارية بطائفية الحكومة عندما كان الهاشمي جزءا منها .
الجانب الآخر الذي وفر للارهابيين المنعة والقوة والاستمرارية ، هو تبني بعض السياسيين ومنهم أعضاء في مجلس النواب العراقي الدفاع عن التنظيمات الإرهابية ، المرتبطة بالقاعدة وداعش فكراً وادارة وتوجهاً ، مستغلين أبشع استغلال الحصانة البرلمانية التي يوفرها الدستور لعضو البرلمان العراقي من حيث المساءلة والاعتقال والوقوف أمام القضاء .
إن تجفيف منابع الإرهاب تشمل فيما تشمل اغلاق حواضنه .. وسد منافذ إيواء عناصره .. ومنعه من تحقيق مكاسب مالية من خلال عمليات سرقة , تستهدف الصاغة , ومكاتب الصيرفة , والمصارف , وعمليات غسيل الأموال التي تتم في غرف مغلقة , واستخدام السلع المستوردة من الخارج مدفوعة الثمن وسيلة لتحويل المبالغ إلى تنظيم القاعدة . وتحجيم تحركاته ومنعه من استهداف المواطنين بالخطف وطلب الفدية . كما ان تجفيف منابع الارهاب تشمل : رفع الغطاء القانوني والحصانة التي يتمتع بها عضو البرلمان , عندما يرتكب جرماً على وفق قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 .
ان كثيراً من اعضاء مجلس النواب العراقي استخدموا هذه الحصانة وتظللوا بها ليبعدوا أنفسهم عن المحاسبة القانونية , عندما وقفوا بشكل علني مع التنظيمات الارهابية ، أو اطلقوا تصريحات تحرض على العنف والطائفية والعنصرية خارج قبة البرلمان . إن مصدر الحصانة لإعضاء مجلس النواب العراقي كان قد نُص عليها في المادة (63) من الدستور الذي اقر عام 2005 واشار إلى ان النائب ( يتمتع بالحصانة عما يدلي به من أراء في أثناء دورة الانعقاد , ولا يتعرض للمقاضاة أمام
المحاكم بشأن ذلك ) وتحصر هذه الأراء والانتقادات داخل قبة البرلمان واثناء الجلسات .. ولم يرد في الدستور ما يحصن عضو البرلمان فيما اذا ارتكب جرائم القذف عبر وسائل الاعلام , أو الحث على العنف , أو التهديد بالقتل , أو تحريض الجمهور على التمرد وتجاوز القوانين النافذة .
إن حادثة اعتقال اي نائب تثير حفيظة اولئك الذين اشرنا إليهم .. وسبق أن مارسوا دورهم في تشويه الحقائق , والوقوف بالضد من الاجراءات العسكرية والقانونية ضد قوى الارهاب , إن التهديد ” بقطع الرؤوس ” ليس ادلاء برأي , بل هو تهديد علني بالقتل , والحث عليه ، وهذه جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي ..
هل يوجد عضو واحد في برلمانات العالم كافة غائب عن جلسات البرلمان دون أن يفصل , أو يساءل , أو ينذر , أو يقطع راتبه ..؟ .. ان كان قد ترك البرلمان لهدف آخر , يسعى من خلاله إلى إثارة الفتنة ، والطائفية ، واسقاط العملية السياسية بحجة التهميش ، والاستهداف ، والاعتقال العشوائي ..
ما هذه الفوضى ..؟، وهذه المهزلة .. لم يبقوا قيمة ولا اعتبارا لهذا البرلمان الذي اصبح مأوى للانتهازيين ، والمنتفعين ، والوصوليين وانصار التنظيمات الارهابية .
اليوم مطلوب توجيه تهم علنية إلى اولئك الذين دأبوا على التشكيك بالقضاء العراقي ، وبالاجراءات العسكرية التي تتخذ لمكافحة الارهاب ، انصافا للقضاء ودعما للقوات الامنية العراقية التي تخوض معركة الشرف ضد داعش واعوانه .