إساءة استخدام النظام المالي يمكن أن يلحق الضرر بسمعة المؤسسات المالية، محدثًا آثارًا سلبية على ثقة المستثمرين وبالتالي يزيد من ضعف وارباك النظام المالي. ولا ينشأ الضرر الاقتصادي من أفعال الجريمة الاقتصادية والمالية المباشرة وحسب بل أيضًا من مجرد وجود تصور بان تلك الأفعال تحدث ، وبذلك يؤثر على سمعة النظم المالية ويرد الاستثمار الخارجي . وفي العديد من البلدان أيضًا يؤدي اشتباه الجمهور على نطاق واسع بان الصفوة ترتكب الجرائم الاقتصادية والمالية في القطاعين العام و الخاص إلى تقويض شرعية الحكم . ولذلك تتسم المكافحة الفعالة للجريمة الاقتصادية والمالية بأهمية حاسمة للتنمية المستدامة وبناء المؤسسات. ويقصد بالإجرام الاقتصادي: الأفعال الضارة الاقتصادية والتي يتولى القانون تحديدها لحماية مصالح البلاد الاقتصادية .. فثمة نصوص تهتم بحماية النظام الاقتصادي في مجال الأنشطة المختلفة ومن أهمها حماية الأموال العامة والخاصة من العبث أو امتلاكها خلسة أو حيلة أو عنوة ، وتحقيق أرباح غير مشروعة ، أو بتوجيه سياسة الدولة لتحقيق مصالح ذاتية ومن بين تلك الجرائم الضارة بالمصلحة العامة استغلال الوظيفة العامة لتحقيق أغراض شخصية عن طريق الرشوة والتربح واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح ومنافع وميزات شخصية. ولما كان القانون الجنائي يهتم بحماية المصالح الأساسية للمجتمع الإنساني فإن من أهم هذه المصالح حماية المال من جرائم الاعتداء عليه سواء كان المال عامًا أو خاصًا. وباستقراء نصوص التشريعات الاقتصادية تتضح سياسة المشرع تجاه حماية المال العام من العبث بوصفه جرمًا جسيمًا، وتطبيقًا لذلك فقد نص المشرع المقارن على جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر والاستيلاء عليه بأي صورة أخرى ، ومن بينها أيضًا تقاضي عمولات عن صفقات أو غير ذلك من الأفعال، وقد فرضت عقوبات جسيمة لمنع العبث بالمال ، ومن أهم الجرائم الاقتصادية جرائم الفساد واختلفت النظم السياسية في شأن محاسبة المسئولين السياسيين وكبار الشخصيات في حالة انحرافهم بالمسئولية المنوطة بهم وفساد ذممهم .. إذ تجنح بعض النظم إلى الاكتفاء بالتطهير أو الجزاء الإداري والإقالة في حالة الاتهام بالانحراف والفساد .. بينما تأخذ دول أخرى بنظام الجمع بين العقوبة الجنائية والجزاء الإداري مهما كان مركز الجاني الوظيفي وذلك إعمالاً لمبدأ ” سيادة القانون” الذي يعتبر أصلاً من الأصول التي تقوم عليها الديمقراطية(1).
وبما أن الدولار أصبح سيّد العملات، فقد نجحت واشنطن في تحقيق سيطرتها عن طريق الاستثمارات وشراء المشروعات القائمة في أغلب البلدان، مقابل وعود بالتسديد بالدولار، ومقابل إعطاء الدائنين شهادات بتلك الوعود، فكانت “برامج الإعمار” العملاقة التي جعلت أوروبا واليابان، بمصانعها وشركاتها وأسواقها، بلداناً تابعة يقتسم الاحتكاريون الأميركيون منافعها وأرباحها. غير أن المخصصات الأميركية لم تكن تكفي لإعادة الإعمار، بل هي كانت حقاً الجزء الأصغر من التكاليف، أما الجزء الأكبر فقد وقع على عاتق الشعوب في أوروبا واليابان، وحتى الجزء الأميركي الصغير لم يأت من خزائن الاحتكاريين الأميركيين، بل من مدّخرات المودعين والمساهمين الأميركيين الصغار، ومن دافعي الضرائب، ومن بعض المصارف الأميركية، فهم بالإجمال لم يوظفوا من جيوبهم ما يستحق الذكر، وجنوا الفوائد الضخمة والأرباح الطائلة التي عزّزت مواقعهم في النظام الاقتصادى الدولي.و تعاني اقتصاديات الدول خاصة الرأسمالية من مشكلة ضيق الأسواق وصعوبة تصريف منتوجاتها، فتلجا إلى التكامل لتصبح أسواقها أوسع تشمل جميع الدول الأعضاء ويترتب عن ذلك زيادة إنتاج المشروعات لمقابلة الزيادة في الطلب على منتوجاتها، وبالتالي تشغيل الطاقات المعطلة وغير المستغلة كما يؤدي إلى تحقيق توفر الحجم الكبير.وعرف صندوق النقد الدولي في تقريره الأفاق الاقتصاد العالمي سنة 1995″ العولمة الاقتصادية بأنها تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين دول العالم، عن طريق زيادة حجم وتنوع معاملات السلع والخدمات عبر الحدود والتدفقات الرأسمالية الدولية وكذلك سرعة ومدى انتشار التكنولوجيا”.وتنطوي العولمة الاقتصادية على ثلاثة نظم رئيسية هي النظام النقدي الدولي والنظام المالي الدولي والنظام التجاري الدولي، ويقوم على إدارة هذه الأنظمة ثلاث منظمات اقتصادية دولية هي على الترتيب صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والمنظمة العالمية للتجارة، كل هذه تلعب دورا رائدا في ترسيخ هذه العولمة، فتدويل الإنتاج وعولمة التفاعلات المالية والاستثمارية على الخصوص وسقوط الاستقلالية الذاتية الاقتصادية على العموم، كلها عوامل تساعد على انتشار الظاهرة العالمية التي من أول ضحاياها سقوط مفهوم السيادة الاقتصادية، أي أن الحدود السابقة تسقط أمام الشركات العملاقة التي تستطيع أن تنقل أمكنة صناعة منتجاتها إلى بلاد العمالة الرخيصة وتعيد بيعها في بقية اسواق العالم بأسعار تنافسية.
والحِصار الاقتصادي هو من فكر اللوبي الاسرائيلي الذي اصبح صاحِب النُّفوذ الأكبَر على الرئيس الأمريكي، ترامب وتباهَت مَصادِر إسرائيليّة عُليا بأنّ تفاصيلها وضعها بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، ودعمها جاريد كوشنر، تلميذه وصِهر الرئيس الأمريكي ومُستشاره الأبرز، مِثلَما أكّد بن كاسبيت، الكاتب الإسرائيلي المُقرَّب مِن المصادر الأمنيّة في مَقالٍ له نشره في مركز “المَصدر” المُتخصِّص في شُؤون مِنطَقة الشرق الأوسط. وكانت هناك بحوث أجرتها وزارة الدفاع الأميركية استمرت لعشر سنوات وجهت الاهتمام بقوة نحو حرب التكنولوجيا الحديثة، باعتبارها أداة أساسية في آليات حرب الجيل الرابع، من خلال استخدام كافة أساليب الحرب النفسية للنفاذ إلى عقل المجتمع المستهدف، سواء بتشكيكه في نفسه، وفي قدراته، أو بإحداث انقسامات وصراعات داخلية، تفكك المجتمع، والوصول بالإرادة الجمعية للمجتمع إلى حالة تقويض غريزة البقاء لدى الإنسان. وترامب لم ياتي صدفة بل بتخطيط هدفه خلط اوراق العالم بعد ان توصلت الدراسات ان مصير امريكا سيكون كمصير الاتحاد السوفياتي السابق الانهيار مع صعود قوى عالمية كالصين. اذن الاستراتيجية هي خلط الاوراق ولو بالتجاوز على القوانين الدولية ثم اعادة التشكيل وفق المصالح الامريكية. لكن سنن الكون قاىمة ولن ينفع مع هذه السنّة شيئا وها هي الصين تصعد رغم كل محاولات امريكا. امريكا في خطر والدليل ما تفعله امريكا عن طريق ترامب ولا يمكن ان تشعر دولة بالقوة وتتصرف كما يفعل ترامب. ترامب شخص معتوه يريد تدمير العالم ولكن هناك قوه عالميه صاعده مثل الصين – روسيا – فرنسا – بريطانيا \ وقوه إقليميه مثل تركيا – إيران .
وتتعرض ايران الى حصار وعقوبات اقتصادية قاسية وجائرة لانها تؤثر بشكل مباشر على الطبقة المسحوقة من الشعب الايراني . ويعتمد الاقتصاد الايراني على العديد من القطاعات في مقدمتها النفط. هنالك فترات مهمة ثلاث تصف تطور القطاع وبالتالي الاقتصاد بشكل عام. في فترة 1908 \ 1959 كان الانتاج النفطي مهما، الا أن حصة ايران من الصادرات لم تكن كبيرة بسبب سيطرة الشركات الدولية العملاقة على الانتاج والتسويق. حصل بعدها تأميم القطاع وتأسيس ما عرف بشركة ايران النفطية. تطورات الأوضاع في القطاع النفطي تعكس تغير العلاقات السياسية بين الدول الصناعية والدول النامية خلال زمن الاستعمار والاستغلال. في فترة 1960 \ 1978، حصلت تطورات كبرى في الأسواق نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط التي ظهرت جليا في مقاطعة الدول الغربية نفطيا بسبب دعمها المطلق لاسرائيل. ارتفعت أسعار النفط وبالتالي ارتفعت الايرادات النفطية الايرانية من صادراته. الفترة الثالثة المهمة هي 1979 حتى اليوم، أهم أحداثها المعروفة حصول الثورة الايرانية وانعكاساتها الكبيرة ليس فقط على المنطقة وانما على العالم أجمع. حدثت أيضا الحروب مع العراق التي نزفت المنطقة كلها ليس فقط اقتصاديا وانما سياسيا وأمنيا وعسكريا واجتماعيا ودينيا أيضا. وقعت العقوبات على ايران التي ما زالت تمنع عمليا اطلاق عمليات النمو في كل دول المنطقة. لم يصبح النفط مهما في تنمية الاقتصاد الايراني الا بدءاً من الستينات. هنالك وعي حقيقي لكيفية انفاق أموال النفط وتأمين استقرار الايرادات في ظروف تقلب كبير في الأسعار .
وأما روسيا فتخضع لعقوبات غربية تم تشديدها منذ قيامها بضم شبه جزيرة القرم الاوكرانية في العام 2014. كما ساهم تراجع أسعار المحروقات في تسجيلها إنكماشا استمر لسنتين وخرجت منه في نهاية 2016. وواصلت الولايات المتحدة تعزيز عقوباتها في السنوات الماضية على خلفية اتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات الاميركية رغم وعود الرئيس الاميركي دونالد ترامب بتحسين العلاقات. و نشرت صحيفة “كوميرسانت” الروسية الاربعاء الماضي ما قدمته على أنه مشروع عقوبات أميركية يطلب خصوصا تحقيقا حول الثروة الشخصية المفترضة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومنع رعايا أميركيين من شراء الديون السيادية الروسية. وبحسب الصحيفة فان المشروع يقترح أيضا عقوبات تستهدف مصارف عامة روسية كبرى مثل “سبيربانك” و”في تي بي” و”غازبروم بانك” وكذلك قطاع المحروقات الذي يعتبر أساسيا للاقتصاد الروسي .
اما بالنسبة للصين، والتي دشنت أسرع اقتصادا ناميا في الثلاثين سنة الماضية بمعدل سنوي يتخطى ال 10 % منذ افتتاحها على الرأس مالية عام 1979 وصاحبة أكبر جيش في العالم والعضو في نادي الصناعات العسكرية والدولة المرشحة للتربع على عرش “أكبر إقتصاد في العالم” والذي يعني خسارة أمريكا لترسانة الضغط لديها والمتمثلة “بالعقوبات الإقتصادية” أصبحت خصم لا يهدد أمريكا بشكل مصيري خصوصا مع تحركاتها الجديدة لبناء نفوذ لها في إفريقيا والشرق الأوسط والكويت خير مثال على ذلك….
تظهر التجارب الحديثة في العالم أن هناك تكاملا بين التكتلات الإقليمية والعولمة بمفهومها الواسع حيث تنشأ عملية تبادلية يؤدي فيها الاندماج الإقليمي إلى المزيد من الاندماج في الاقتصاد العالمي، خصوصا مع التزايد المستمر في الدعوة إلى عولمة الاقتصاد وعولمة التجارة وإطلاق حرية السوق والمنافسة، تزايدت النزعة الدولية نحو إقامة تكتلات إقليمية بين الدول وذلك لفتح الأسواق وتدفق أنواع الاستثمار واليد العاملة وتسهيل حركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال وتنسيق السياسات الاقتصادية والمالية بين الدول الأعضاء في التكتل، وتوفير الحماية من ضرر منافسة الاقتصاديات الأخرى وزيادة القوة التفاوضية في ظل الانفتاح الاقتصادي العالمي.
—————————————————————————————————-
(1) المستشار محمد فهيم درويش : الجريمة في عصر العولمة، الطبعة الثانية ، 2000 – ص 197