23 ديسمبر، 2024 3:23 ص

تكالبت علينا قوى الشر، من كل أصقاع الأرض تقيء علينا نتانة بطونها، فرمت ارض الموصل الحدباء بها، بكل ما تحمل من غدرا وإرهاب وقتل، مع من كان معها زنيم يترقب سطوتها ليكون معها، حتى بانت سؤتهم، فقتلوا ونكلوا واغتصبوا الأرض والعرض وشردوا؛ لا امرأة ثكلا ولا شيخ كبير ولا طفل صغير نجا من شرهم.
جسدوا ما في أنفسهم وما كانت تضمر واعتدوا على كل شي، لم يتركوا أي مقدسا إلا نالوا منه، أو رمزا يعتقد به الناس، فهدموا قبور الأنبياء والأولياء، والمساجد والكنائس فجروها، إعتدوا على كل معتقد سماوي، كشفوا عما رسم لهم وهم ينفذون.
لم تسلم منهم حتى الإيزيديات من الأقليات فقد ملئوا بهن الأرض، قتلوا رجالهم، واستحيوا نسائهم واستعبدوا أطفلهم، إلا من هرب منهم الى أعالي الجبال، فقتله البرد والجوع والعطش؛ يزعمون أنهم دولة وما هم إلا كيان إرهابي متوحش غادرا وفاجر.
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)سورة الحج آية 39
فصدع الحق؛ (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) سورة الحجر آية 94 من رجل يسكن مدينة النجف الإشرف في الأزقة القديمة، بيت هو قبلة للعلم والعلماء، ينهل منه العالم كله علم وصدق وشجاعة وحلم، ونسل طاهر يمتد الى خاتم النبوة صلواته تعالى عليه.
أطلق فتوى (الجهاد الواجب الكفائي).
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)سورة الحج آية 39.
فزع شعبنا كأنهم بعثوا من القبور فزعا شديدا ملبين نداء المرجعية للجهاد، متشحين بالصبر والشجاعة، لابسين القلوب على الصدور، بغير دروع مخلصين صادقين، تركوا الأهل خلفهم لا يلتفتون لهم، فيهم من لم يبقي لأهله قوت يوم واحد وفيهم من اقترض أجرة الطريق، لا يثبطهم عما عزموا عليه شيء, حتى كان منهم من ترك زوجته وهو حديث العهد بها من أيام.
يستذكرون موقف الإمام الحسين “عليه السلام” يوم الطف حين قال: ألا من ناصرا ينصرنا، ملبين نداء المرجعية، كان ذلك نداء لمظلوم يستصرخ الناس ويستنهضهم للوقوف بوجه كل ظالم، لا يحجبه الزمان ولا المكان، يسطرون أروع صفحات التاريخ تضحية وصبرا وشجاعة وإيثارا وإباء يعلمون العالم بإجمعه.
منهم من يعطف على المرأة الكبيرة؛ ويحملها على ظهره لينقذها من نيران داعش، ومنهم من يحمل طفلة لينقذها؛ من خطر المعركة ونيران داعش، أو يُخرج من تحت الأنقاض طفل ويقبله رحمة له وعطفا عليه، منهم من يجلس أمام إمرأة كبيرة في السن نجت من الموت؛ يسقيها الماء ويطعمها بيده.
تلك الفتوى وحدت شعبنا العراقي صفا واحد كأنهم بنيان مرصوص، سنة وشيعة مسحيين وأيزيدين، جميعهم ثاروا متوحدين، أمام قوى الشر والاستكبار العالمي، مشكلين جموع المقاتلين من قوات المتطوعين يساندون قوات الجيش والشرطة، لحماية الأرض والعرض والمقدسات؛ وتطهير ما سقط بيد داعش.
لقد كانت فتوى الجهاد صرحا مقدس, بكل ما تحمله الكلمة من معنى (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّد )سورة النمل اية44
والصَّرْحُ البناء العالي عظيم يعانق السَّحاب. يجب علينا رد الجميل؛ لمن روى بدمه الطاهر ارض العراق؛ وان يٌشيد صرحا عملاق عظيم، بمستوى الفتوى المقدسة وتضحيات الشهداء وشعبنا العراقي، ليكون شاهدا للأجيال القادمة على جميل تضحيات أبطال العراق؛ في مدينة النجف الإشرف مركز إنطلاق الفتوى