في السنة العاشرة بعد الهجرة، حين عزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المسير إلى مكة وأداء الحج الأخير، الذي سمي ” بحجة الوداع ” كان الإمام (ع) في اليمن أو نجران. فكتب إليه بأن يوافيه مكة حاجّاً، وقد أُوحي إلى النبي، أنه راحل عن أمته . فلما عادوا عن مكة راجعين، أوقف الرسول الركب بمنطقة تسمى ” بغدير خم ” حيث نزلت عليه الآية الكريمة (يَآ أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ اُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللـه يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)المائدة67.
فقام في الناس خطيباً وقال في مستهل حديثه:” أيها الناس يوشك أن أُدعى فَأُجيب، وأضاف” إني تارك فيكم الثقلَين: كتاب اللـه ، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يَرِدا علَيَّ الحوض.
ثم قال بعد أن أخذ بيد علي ورفعها:
ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟
قالوا : بلى يا رسول اللـه ، فقال:
” “من كنت مولاه فعليٌّ مولاه . اللـهم والِ من والاه وعادِ من عاداه
ثم أفرد النبي لعلي خيمة وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين ، ففعل ذلك كلهم حتى من كان معه من أزواجه ونساء المسلمين.
فأنزل اللـه تعالى على رسوله ما يعتبر إعلاناً عن خاتمة الوحى :(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) المائدة/3.
فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم.
ما أن إنتقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى الرفيق الأعلى، وإذا بالقوم انقلبوا على إعقابهم، واجتمعوا في سقيفة بني ساعده ولم يجتمعوا في المسجد النبوي، وتركوا النبي مسجى خلف أظهرهم.
كان الإمام علي عليه السلام، مشغولا بتجهيزه ومواراته الى مثواه الأخير، بأبي وأمي، فكيف لرسول مرسل من السماء؛ يترك الرسالة دون أن ينصب، من بعده من يخلفه فيهم. ذلك خلاف العقل والمنطق، أن أي منصب وأي مسؤولية لا تترك دون أن يوجد من يقوم بها من بعد.
اجتمع القوم على أبا بكر خليفة لهم، في سقيفة بني ساعده، والنبي لم يدفن بعد.
فبعد أن رأى الإمام علي عليه السلام، خذلان القوم واجتماعهم على أبا بكر لزم بيته.
اجتمع أمر القوم على اقتحام، بيت فاطمة عليها السلام ومنعتهم منه (فوثب عمر غضبانا، فنادى خالد بن الوليد وقنفذا، وأمرهما أن يحملا حطبا ونارا، ثم اقبل حتى انتهى الى باب علي عليه السلام، وفاطمة قاعدة خلف الباب، فاقبل عمر حتى ضرب الباب، ثم نادى يا ابن أبي طالب افتح الباب، فقالت فاطمة: يا عمر ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه؛ فقال: افتحي الباب وألا أحرقناه عليكم.
فقالت: يا عمر، أما تتقي الله تدخل علي بيتي وتهجم على داري؟ فأبى أن ينصرف، ودعى بالنار فأضرمها في الباب فأحرق الباب، ثم دفعه برجله فكسره، وكان من سعف، فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت يا أبتاه يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة، فرفع عمر السيف وهو في غمده فوجأ به جنبها فصرخت فرفع عمر سوطه فضربها به فصاحت يا رسول الله لبئس ما خلفك أبو بكر وعمر) كتاب سليم بن قيس ج2 ص586.
ما أشبه اليوم بالأمس فان تكالب الأعداء على شعبنا، لمجرد ولائه لبيت النبوة، إنما هو منطلق من سقيفة بني ساعدة سقيفة العهر الطائفي. التي حرفت مسار الرسالات من آدم عليه السلام الى الخاتم النبوة لكي؛ لكي لا يكون الدين هو الإسلام بل ليكون دين هو دين الشيطان.
اليوم يكمل داعش ما قام به آباء القوم على يد أبناء عهرهم وأبناء الطلقاء؛ بعد أن سقط نظام صدام بدأت حلقة آخري من بنود سقيفتهم، تقود ذلك حكومة آل سعود ودول العهر الطائفي وخلفهم أمريكا، فقد جيشوا داعش ذلك الكيان اللقيط كما جاءوا بالأمس بكيانهم المسخ الى فلسطين.
سقط ثلث ارض العراق بيد داعش ما ان كان ذلك حتى انبرى السيد على السيستاني (بفتوى الجهاد الواجب الكفائي) فقلبت عليهم مكرهم وتشكل الحشد الشعبي المقدس الذي يتكون من الشيعة والسنة والنصارى والايزيدية، بفتواه ليحرر الأرض ويصد تلك الهجمة الطائفية لأعراب الخليج وحلفائهم، مسطرا أروع صور البسلة والشهادة؛ يرسمها أبنائنا بدمائهم الزاكية على ارض العراق، ليكون انطلاقا لنواة تحقيق دولة العدل الإلهي لتملئ عدلا كما ملئت ظلما وجورا.