8 أبريل، 2024 2:25 م
Search
Close this search box.

الحشد العقائدي الشعبي … بين صنع الانتصارات وكيل الاتهامات

Facebook
Twitter
LinkedIn

في (10/6/2014) كان العراقيون على موعد مع لحظة تاريخية مثلت نكسة عظيمة وفاجعة خطيرة نزلت على البلاد بسقوط مدينة الموصل وبعض المدن الاخرى في قبضة خوارج العصر ولقطاء الوهابية الدواعش التكفيريين ، كانت الصدمة تمثل ضربة شبه قاضية يتعرض لها العراق الذي ترنح كثيراً نتيجة الضربات المتتالية الخاطفة والبطيئة على يدي المافيات السياسية التي عبثت بأرواح العراقيين واستحوذت على مقدرات بلدهم لعشرة سنوات ذهبت مع الريح فيها مئات المليارات من الدولارات والتي لا نعرف الى اليوم مصيرهن ولا محل ايداعهن كما جرت العادة مع صفقات الفساد وشبكات الفاسدين .
الحيتان الكبيرة الفاسدة لم تكتفي بنهب ثروات وخيرات العراق وانما عمدت الى خلق الفتن واثارة الازمات لإشغال الراي العام عن ما يجري له من سرقة منظمة ، ولذلك كانت البلاد ومنذ (2003) عبارة ساحة او حلبة للمصارعة بين الثيران السياسية المأجورة والتي كان ضحية صراعها المجنون هم المساكين والفقراء من العراقيين ، وتفنن أولئك السياسيين في اضفاء صبغات ونكهات لصراعهم المحموم حول السلطة ونهب الثروات ، الا ان الصبغة الطائفية كانت الاكثر ملائمة مع مخططاتهم في جر الشعب ومكوناته الى حروب دموية استنزافية راح ضحيتها الاف الشهداء والاف الجرحى والاف النازحين والاف المهجرين وجيوش من الارامل والايتام المفجوعين .
ترحيل الازمات من قبل السياسيين كانت هي الطريقة الاسهل التي انتهجها الحاكمين والمعارضين للتعامل مع الملفات الساخنة والباردة ولذلك كان تلك الملفات تتزايد ومشاكلها تتسع وعواقب الاهمال لها بدأت تأخذ منحى اخر سوف تتبين معالمه بعد حين ، فالتصدع الامني كان واضحاً انه يسير بشكل سريع نحو الهاوية ، ثم كانت نقطة التحول قد بلغت ذروتها مع مخيمات الاعتصام التي قام به بعض سياسيين وشيوخ عشائر الرمادي مع مجاميع من علمائهم وائمة مساجدهم ، هذه الاعتصام بدأ بالمطالبة بالحقوق ورفع المظلومية الا انه انتهى بشعار موحد لقادة وجماهير ذلك الاعتصام البعثي الوهابي وهو ( قادمون يا بغداد) في اشارة الى نوايا اولئك المعتصمين في التوجه نحو بغداد واسقاط حكومتها .
لذلك فان بوادر الانهيار كانت ظاهرة حتى مع قيام رئيس الوزراء المالكي آنذاك بإنهاء مظاهر ذلك الاعتصام ومطاردة القائمين عليه ، فالموصل والرمادي وصلاح الدين في الحقيقة كانت تخضع لنفوذ تركيا والسعودية فقط ، ولم يكن للحكومة المركزية اي من مظاهر ادارة مؤسسات الدولة وضبط الامن فيها وانما كان عمل الدولة ينحصر فقط في تسليم رواتب الموظفين وباقي الخدمات ، اما فعلياً فان القوات المسلحة العراقية كانت تتعرض الى هجمات دموية مستمرة من قبل اهالي تلك المدن وهو ما يبين رفضهم لأي تواجد امني حكومي في مدنهم .
الانهيار الكبير الذي حصل في الموصل لقواتنا المسلحة كانت أسبابه الرئيسية هي خيانات وعدم اهلية القيادات العليا له التي استسلمت وهربت الى أربيل لتمكن قطعان من الهمج الرعاع الدواعش والخونة المتعاونين معهم من الاستيلاء على اسلحة ومعدات عسكرية هائلة ، وفي غضون ساعات قليلة تم اعلان سقوط الموصل بيد الاحتلال الداعشي قبل ان تتقدم تلك العصابات بعد ذلك نحو كركوك وصلاح الدين والرمادي وديالى وصولا الى حدود بغداد في ظل استمرار الانهيار على صعيد القوات المسلحة وخيانة القيادات المتواطئة .
في خضم هذه الاحداث المتصاعدة وبعد يومين من سقوط الموصل كانت المرجعية الرشيدة تسابق الزمن والاحداث في سبيل وضع حد لذلك الانهيار الامني الخطير ، وبتاريخ (11/6/2014) ، اي بعد يوم واحد فقط من كارثة سقوط الموصل ، وضع سماحة المرجع اليعقوبي ومن خلال بيانه الموسوم ( سقوط الموصل .. رب ضارة نافعة ) حلولا آنية وخطوات عملية لإعادة تنظيم الصفوف ومواجهة التحديات الطارئة من خلال دعوته الى تشكيل جيش رديف يكون سنداً لها في عملياتها ويعتمد في تشكيله على تطوع الشباب العقائدي المتحمس لنصرة العراق وشعبه ويتم تجهيزه بالمعدات والاسلحة والتجهيزات المتطورة وبالتدريب العالي وتكون واجبات ذلك الجيش حماية المركز والمواقع الحيوية ومشاركة القوات المسلحة في العمليات الساخنة ، بعد ذلك البيان بيومين وفي خطبة الجمعة بالصحن الحسيني الشريف في كربلاء اعلن امام الجمعة عن بيان الجهاد الكفائي من قبل المرجع السيستاني .
وبعد ذلك البيان بثلاثة ايام وبتاريخ (14/6/2014) كانت أول جحافل الجيش الرديف من الشباب العقائديين قد انطلقت الى سامراء استجابة الى دعوة المرجع اليعقوبي ، وكان تلك القوة من هيئة الشباب الرسالي (التي تحولت بعد ذلك الى لواء الشباب الرسالي) بقيادة الشيخ المجاهد سامي المسعودي بمعية الفرقة الذهبية وقائدها فاضل برواري ، وفي اثناء مسيرهم نحو سامراء لحماية مرقد الامام العسكريين (عليهم السلام) تعرض الموكب الى هجمات عدة وواجه اشتباكات عنيفة اسفرت عن شهادة اربعة من الشباب الرسالي ، لتصل القوة المشتركة بعد ذلك الى سامراء وتتمكن من حماية مرقد العسكريين (عليهم السلام) من هجمات التكفيريين .
منذ لك التاريخ بدأت فصائل المقاومة الاسلامية او الحشد الشعبي بأخذ زمام المبادرة والتصدي امام هجمات الارهابيين ولتشكل قوة عسكرية عملاقة ساهمت ومن خلال ملامح ومعالم الفداء والتضحيات في بث القوة والهمة والنشاط والثقة في صفوف قواتنا المسلحة وليشكل الجيش والحشد قوة ضاربة استطاعت تسجيل الانتصارات تلو الا الانتصارات وتوجتها بآمرلي وجرف الصخر وديالى وسامراء وصلاح الدين والرمادي واخيراً الانتصار الكبير في تطهير وتحرير الفلوجة والتقدم نحو الشمال باتجاه الموصل .
اعداء العراق وذيولهم بالإضافة الى المندسين أرعبتهم تلك الانتصارات الى حد انهم لم يتوقفوا يوما عن كيل التهم جزافا بقوات الحشد الشعبي في محاولة لتشويه بطولاتهم وتضحياتهم من خلال اتهامهم بأعمال السلب والنهب ، الا ان تلك المحاولات الخائبة أيضا وابتداء من ( كذبة الثلاجة) والى (كذبة الشفل) فشلت في التشويش والتسقيط بأبطالنا المجاهدين في الحشد الشعبي العقائدي البطل وعجزت عن حجب التضحيات الجسيمة التي سطرها شبابنا العقائدي بمواقف حية اشبه بالأساطير او هي صورة مشرقة  ومتجددة لتضحيات شباب الاسلام في الماضي والحاضر كما عبر عنها سماحة المرجع اليعقوبي .
أن هذه الانتصارات التي تحققت بفضل دماء شهداء العراق وتضحياتهم وبسالة وصلابة ابطالنا بالقوات المسلحة من جيش وحشد بحاجة الى مساندة ودعم مستمر من قبل المجتمع لإدامة زخم المعنويات والانتصارات ، كما انها تتطلب من الحكومة والبرلمان وباقي مؤسسات الدولة النهوض بمسؤولياتهم والشروع بإصلاحات حقيقية لرفع معاناة المواطنين من سوء الخدمات بالإضافة الى استمرار الدعم للقوات المسلحة والحرص على توفير كل مستلزمات النصر المعنوية والمادية وتتطلب من الحكومة ايضا ردع وقطع الطريق امام كل من يحاول الاساءة والتشويه بحق قواتنا البطلة في الجيش والحشد لأن مخططات اعداء العراق تصب باتجاه محاولة ايقاف الزحف نحو تطهير وتحرير الاراضي العراقية من الغزاة عبر اثارة الشبهات وكيل الاتهامات او القاء واختلاق الفتن وجر فئات الشعب الى صراعات وصدامات داخلية وهو ما علينا جميعا الحرص على قطع الطريق امام من يخطط وينفذ له في الخارج والداخل .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب