قال عزِّ من قائل, في كتابه المجيد:” قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا ولكن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ “, الحُجرات من الآية14.
دخل بعض الساسة العراقيون, للعملية السياسية, ليس كونهم مؤمنين بها, بل لغاية في مكنونات قلوبهم, يظهر بعضها عندما لا يحصلون على أهدافهم؛ كما كانت يَفعلُ بعض الأعراب, الذين نزلت بهم آيات في القرآن الكريم؛ كما في الآية 97 من سورة التوبة.عندما قامت المرجعية المباركة في النجف الأشرف؛ بعد الاحتلال الأمريكي للعراق, باستفتاء شعبي عن نوع الحكم, في العراق الجديد, تمخض عن اختيار أغلبية الشعب العراقي, لنظام الحكم البرلماني, الأمر الذي لم يَرُق لبعض الساسة, فلم يشتركوا ضمن العملية السياسة, وكان أغلبهم من المشغولين بمقاومة الإحتلال؛ أو ممن كانوا يساندون, تنظيم القاعدة الوهابي, المتحالف مع الأجهزة الصَدّامية, للسعي إلى عرقلة مسير عجلة تغيير النظام, ولإثارة النعرات الطائفية والعرقية, لخلق عملية عدم الاستقرار, إلا أن حكمة الحكماء, ارتأت مشاركة ذلك النفر, لأجل أقلمته وتقليل تأثيره السلبي, عن طريقِ التوافق في اتخاذ القرارات, والعمل بآلية الشراكة الوطنية, إلا أن ذلك وَلَّدَ أخطاءً, حيث تم تعطيل الدستور, ونظام الغالبية البرلمانية, وسادَ فرض القرارات, بصيغة توافق لي وإلا لن أصوت لمشاريعك! بل وصل الحال ببعضهم, للتهديد بالعودة, إلى ما كان عليه قبل اشتراكه, في العملية السياسية!عام 2014كان عاماً مشؤوماً, حيث وَصَلَتِ النزاعات, والخلافات والأزمات حَدِها الأقصى, بسبب فشل التخطيط والإدارة الحكومية, والاحساس بعدم الثقة بين الشُركاء, مما أضاع الثروات, وأكثر من ثلث مساحة العراق,
مع اغتصاب الأعراض, ليصل التهديد الإرهابي الداعشي, تخوم بغداد العاصمة, فانبرت المرجعية في النجف الأشرف, للتصدي من أجل إنقاذ العراق, بفتواها المشهورة “بالجهاد الكفائي”, ليهب الغيارى شيباً وشُباناً, مضحين بدمائهم الزكية, من أجل تحرير الأرض وصيانة العرض, فأحرز الحشد المقدس, الانتصار تلو الانتصار, بالرغم من زعيق المغرضين, واتهام متسولي استدرار العواطف, لإبقاء الحال كما هو عليه.بدأت الصفحة الأخيرة لاجتياح معاقل داعش, حيث تم التنسيق مع قيادة إقليم كردستان, والحكومة الاتحادية, الذي فاجأ مثيري الأزمات, لتنطلق عملية تحرير الموصل, التي أربكت الدفاعات الإرهابية, وبتعاون مثير للدهشة, بين قوات الإقليم وفصائل الحشد, والقوات الأمنية من الداخلية والدفاع, لترتسم على أرض الموصل, أسمى آيات الوحدة الوطنية, بمشاركة ما ذكرناه, مع الحشد العشائري, فكان حقيقاً على البرلمان مناقشة, وإقرار قانون الحشد الشعبي, لتُخرس ألسنة من يريد العودة للأزمات, وحفظ حقوق الشرفاء, الذي استُشهدوا تاركين أرامل ويتامى وثكلى, عرفانا لما قدمه أبناؤهم.
توحيد الكلمة والرؤية, يأتي من قبل أكبر برلمانية, ولأولِ مرة برئاسة السيد عمار الحكيم, الذي تم اختياره زعيما للتحالف الوطني, كي لا يصبح التحالف عددياً, من أجل تكوين الحكومة, بل جعله مؤسسة صلدة, سعياً لبناء دولة المؤسسات, لا دولة التوافقات.طُرح قانون الحشد الشعبي, على جدول أعمال البرلمان, وصوت لصالح القانون 228عضواً, من جميع مكونات الشعب العراقي, ضمن عملية تصويت نظيفة, بعيداً عن التوافقات ولَي الأذرع, لترتعد فرائص من لا يريد النجاح, مهدداً من خلال المؤتمرات الإعلامية والفضائيات, بإلغاء موافقته على ورقة المصالحة الوطنية؛ وكأنه يعيد التأريخ المشين, حيث تم نقض الاتفاق المًبرم, بين معاوية بن أبي سفيان, والإمام الحسن بن علي عليه السلام, ليخلق كربلاء جديدة.
وكأني بدماء الشهداء, تردد قول زينب عليها السلام, مخاطبة يزيد:” ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك، وأستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى”, وبهذا سيكون البرلمان قد قَدَّم أول إصلاح, في سيرته الذي شوهتها المحاصصة المقيتة.