عشرات المستشارين والضباط والمدربين الامريكيين وعشرات الطائرات الامريكية الحديثة والخطط المعدة لتحرير الانبار وقضاء الفلوجة ويوميا تصريحات للبنتاغون حول الوضع العام واحيانا تصل الأحوال الى استدعائات للكونكرس الامريكي لقادة الجيش من اجل بعض التساؤلات حول تلك الاوضاع ويشرح القادة الامريكيين خططهم التي ربما تصل الى سنتان او ثلاث سنوات لتحرير المدينتان معتمدين على معلوماتهم الاستخباراتية وأقمارهم الصناعية واغلب الاحيان يحاولون ان يمنعوا القوات العراقية من الدخول بمعركة الفلوجة لاعتبارات مصلحيه هم أعلنوا عنها مع الوفود
التي ذهبت الى أمريكا ودعواتهم أن التحرير لايمكن أن يتم الا بوجود الجيش الامريكي وبعض القوات الساندة من دول أخرى وفعلا ارتفعت بعض الاصوات تنادي بتدخل قوات عسكرية على الارض ..
الاهداف الواضحة والمعلنة لأمريكا هو تحرير الانبار والفلوجة وتدريب قوات من العشائر والبقاء في قاعدة عين الاسد كقاعدة جوية ثابتة في العراق واستبدالها ببعض القواعد في الخليج كقطر والبحرين بعد ما ضمنوا لهم وجود في شمال العراق وبناء قاعدة جوية والانسحاب من قاعدة أنجرليك التركية والاقتراب اكثر من اهدافها في الشرق الاوسط ..
قرب قاعدة عين الاسد من بعض الاهداف المستقبلية التي ربما تصبح يوما ما أهدافا او منطقة صراعات لحماية اسرائيل والمصالح الامريكية الاقتصادية وطبعا هذا الامر لا يخفى عن العراقيين اللذين يعتبرون أن ايران ربما هي المقصودة بكل هذه المناورات التي اوصلت أمريكا العراق والمنطقة الى هذه المديات المشحونة من الاحتراب بين مولودتها داعش الامريسرائيلي وبين الحكومة العراقية التي ينتظر الامريكان ان توصل الحكومة الى الاذعان الى ما تخطط له أمريكا والقبول بخططها وتشطير العراق الى اقاليم ومن ثم دويلات تعتمد كثيرا على أمريكا ولا تمانع من تنفيذ ما
تريده في المستقبل .
اليوم الذي يجري على الارض أخرج امريكا من وضعها المتعارف عليه وهو الحديث المستمر والاعلام المغذي لخططها ووضعها في وضع لم تالفه منذ عقود وهو الصمت والمراقبة الممزوجة بالاستغراب وهي تجد نفسها في وضع بعيدة عما خططت له وهيئته واخبرت البيت الابيض والكونكرس به خلف الكواليس ,,كل شيء متوقف الان بل ان امريكا تجد نفسه منجرة الى خطط لم تضعها هي خطط رسمتها قوات الحشد الشعبي وقادة الحشد الشعبي وهم يحيطون بأهم هدف وأهم معقل لداعش وربما لحلم من أحلام امريكا معقل الفلوجة العصي على أمريكا السهل على الحشد الشعبي ..
لأخر لحظة كانت أمريكا بعد ان توقفت عن ممانعتها هي وعملائها تتوقع غير الذي تراه فهي كانت تعتقد أن تهيئ الحشد الشعبي والجيش حول مداخل الفلوجة لأقتحامها وباسرع وقت ممكن وبالتالي فأن اي اقتحام يعني فشل تلك القوات من التحرير ولم تتدخل لأنها كانت تمني النفس بتلك الرؤية القاصرة والتي تعتبر أن قادة الجيش والحشد الشعبي لا يستطيعون الا أن يزجوا بقواتهم الى تلك المحرقة والى تلك المتاهات الداعشية التي وضعت خططها على اساس مشورات أمريكية ومشورات لضباط دول عربية محيطة بالعراق من الاردن وقطر والامارات والسعودية والتي كشفتها كتائب حزب الله
في صولتها على معسكر الكرمة وهي تجد كل هؤلاء الضباط من الدول العربية المحيطة ومنذ اشهر وهي ترسم الخرائط لداعش حول كيفية جعل الفلوجة قبر كبير للقوات الفاتحة لها وانتظرت وانتظر قادة داعش هذا السيناريو المستورد الامريكي الصنع وفعلا بدأت الاستحضارات لقوات داعش على شق الانفاق العملاقة تحت الشوارع الدولية ولمسافات تصل الى الكيلوات وبخبرات قل نظيرها وهي تتعامل مع اراضي تارة طينية وخرى رملية واخرى صخرية لتخرج خلف القوات العراقية وتفخيخ الشوارع والامكنة الاستراتيجية وتهيئة أكثر من 300 عجلة مدرعة مفخخة وسحب أكثر من 1500 مقاتل أنغماسي
مفخخ من مدن الرقة وحلب والموصل الى الفلوجة وتجهيز المقاتلين من ابناء المدينة والمدن الاخرى المنتمين لداعش بأحدث الاسلحة الامريكية والاعتدة والاجهزة اللوجستية الساندة لتلك القوات مع كل المؤن المهمة لأدامة معركة طرفها داعش المنتصر بالحسابات الامريكية والقضاء نهائيا على الحشد الشعبي .
لكن الذي جرى أذهل هؤلاء المستشارين والقادة في البنتاغون والبيت الابيض حتى وهم يرون قوات الجيش والحشد الشعبي تحيط بمدينة الفلوجة من كل الجهات تقريبا وهي تدير قواتها بمهنية قل نظيرها ولم تبادر بأي هجوم ولم تقرر ساعة الصفر ولم تفكر باي معركة مع هؤلاء الدواعش مرت فترة ليست بالقصيرة وبدأت كل التوقعات الامريكية الداعشية تتبدد وتبتعد عن ما تحدث به الامريكان وقادة داعش حتى أن الانتظار القاتل لداعش وضباط امريكا المستشارين باتوا يتخبطون ولا يستطيعون الوصول الى ما قد يتمخض منه هذا الالتفاف حول مدينة الفلوجة والرمادي وبالتالي فأن هذا
العمل يعتبر في العرف العسكري التخطيطي الخنق البطيء الذي مرت به الكثير من الجيوش وأنهارت قبل المعركة .
كل هذا الذي يحصل من خنق لتلك المدينة مع فتح بعض الثغرات المتفرقة والمسيطر عليها لأخراج المدينين وابعادهم عن المعركة جعل الامر أكثر تعقيدا في نظر المخطط البنتاغوني الامريكي الذي يراهن على دعايات قتل المدنيين واستعمال الحشد الشعبي البراميل المتفجرة واستباحة المدينة بحرق الارض بكل ماعليها (الارض المحروقة) هذه الثغرات الذكية التي فوتت على هؤلاء الامريكيين وعلى القنوات المغرضة وعلى من يساند مقاتلي داعش من السياسيين العراقيين بالبكاء والنواح اوقفت هذه الاصوات وخنقتها كخنق تلك المدينة المتهالكة بمقاتلي داعش التي بدأت اصوات
الاستغاثة تتعالى وتطلب من قادة داعش البعيدين عن الانبار والفلوجة بإخراجهم من هذه المحرقة المتوقعة ..
الامر الذي يجب عدم أغفاله أن الجيش والحشد الشعبي استطاع اعلاميا أن ينهي اسطورة المقاتل الداعشي الذي لايقهر بتسريب بعض الاخبار والدعايات التي ملئت الفلوجة والناس المتعاطفين معهم حول نوع القوات والأسلحة والطائرات المسيرة مع ظهور قادة الحشد الشعبي في الاعلام وهم يتحدثون عن معركة الفلوجة بأريحية المنتصر الواثق من أنتصاره وجعل حالة الترقب للعدو بمثابة مرض السرطان الذي ينهش بداخله وهو يتوقع الانقضاض عليه في اي لحظة وبدون سابق اعلان ولا بيان وتوقع لساعة الصفر .
لعب قادة الحشد الشعبي والجيش هذه المرة في الفلوجة والرمادي بحرفية وجعل خيوط الدمى جميعها في ايديهم وهم يرون المدينتين تسقطان تدريجيا بدون قتال واي لحظة لبدأ المعركة يعني في حسابات هؤلاء القادة خسائر فادحة للعدو واستسلامات وخروج بانتصار سريع يصيبهم بالذهول .
Kathom [email protected]