22 نوفمبر، 2024 11:42 م
Search
Close this search box.

الحشد الشعبي يتبع أوامر من؟

الحشد الشعبي يتبع أوامر من؟

ذاكرة الجيش العراقي، وما سببته للوطن والشعب، مليئة بالمحن والمصائب معا، فقد أترعتها نكبات الأشهر، وملأتها سود الأيام، وكان لها ما كان من النوائب والأحزان، فمن الانقلابات وحروب النيابة، إلى أن وصلنا  في ما نحن عليه الآن، بأن نعتمد على الحشد الشعبي في الدفاع عن بلدنا، في موقف قد يكون هو الوحيد في دول العالم حاليا.
الحشد الشعبي قد يراه البعض طارئا، أو أنه جاء في زمن ما، كان الوطن بحاجة الى مثل هذا التشكيل العسكري، أو التشكيل المليشياوي كما تطلقه السنة بعض السياسيين الذين فروا من محافظاتهم المحتلة، والمنتقدين للحشد الشعبي من غير أن يأتوا ببديل لتحرير محافظاتهم، التي احتلتها “داعش” بأبواق السيارات.
المشكلة ليست وليدة اليوم، ولم تحصل قبل سنوات بسيطة، أنما هي نتيجة لسياسات متعاقبة أبتداءا من الحرب العراقية الإيرانية مرورا بحرب الخليج الأولى والحصار الذي نزع الجلد المتبقي من عقيدة الجيش العراقي، وصولا إلى قرار “بريمر” بحل الجيش وتركه عرضة للتجنيد من قبل المخابرات العربية والإقليمية والعالمية، ثم المحطة الأخيرة المتمثلة بفساد المؤسسة الأمنية، ونكسة حزيران، وما خلفته من نكبات متتالية.
لم تأت فتوى المرجعية من موقف معين، أو أنها جاءت لمساعدة الجيش في حرب واحدة، بل جاءت بعد انهيار المنظومة الأمنية بسرعة كبيرة، وكأنها ساعة صفر محددة لذلك السقوط الرهيب، فكانت الفتوى طوق نجاة للحفاظ على ما تبقى من شرف للعراقيين.
في احد الأيام كنت عائدا من بغداد، وصادفت صعود أحد الشباب المتطوعين بجانبي، فقص لي ما كان له من حكايات مع داعش، وعرج على قضية الفتوى وضرورة الالتزام بالأوامر الصادرة من المرجعية، وقال “كنا جياعا، ولم نقتطف رمانه أو برتقالة من احد البساتين التي خضنا فيها حرب شرسة، امتثالا لأوامر مرجعية السيد السيستاني”.
المشاركين في الحشد من مشارب شتى، إلا أن الواضح للعيان هناك من يسمي نفسه بالمقاومة، والمقاومة تكون معارضة لواقع خارجي أو معارضة الحكومة، وهناك من يستذكر الماضي القديم في مقارعة الديكتاتورية، وهناك من يريد أن يلتزم بمرجعيتين، لكنه قد لا يوفق بين حين وآخر، وهناك أيضا من يلتزم التزاما حقيقيا بأوامر مرجعية النجف نصا ومفهوما.
المؤكد أن رأي مرجعية السيد السيستاني محترم سياسيا، وواجب دينيا، لأنها تمثل الاعتدال والوسطية، وهي بمثابة الأب للعراقيين جميعا، وبشهادة جميع القوة السياسية، والحكومة أوامرها واجبة لكون الحشد الشعبي أصبح مؤسسة تابعة للدولة.
لو أردنا التعمق في التحليل، كان لزاما علينا تحديد فصائل الحشد الشعبي التي جاءت بعد الفتوى مباشرة، ومن كان على الأرض قبل الفتوى، وهي معروفة للجميع، ولا نريد الخوض فيها لأهمية غيرها، وهي كيفية توحيد الجهود، ورص الصفوف لمواجهة العدو المشترك داعش، فهل يكون بتطبيق أوامر المرجعية الدينية؟ أو بتطبيق أوامر الحكومة؟ أو بتطبيق أوامرهما معا؟ أم هل بتطبيق أوامر غيرهما؟

أحدث المقالات