هنالك أوقات حرجة في تاريخ أي بلد تتطلب الإستنفار العام، وغالبا ما يكون مستقبل أبناء البلد مرهون بالتوقيت الصحيح لهذا الإستنفار، وبالنسبة للتوقيت فالتاريخ يضع العراق في مقدمة الدول التي إستطاعت الإستفادة من هذا الإستنفار في طرد الغزاة والبناء.
هذه الأفضلية بسبب وجود رجال دين شرفاء لا يهمهم سلطة أو مال، جل همهم هي المصلحة العليا للبلد وأبنائه، هؤلاء هم المراجع العظام الذين إستطاعوا بحكمتهم حماية وادي الرافدين بنصائح وفتاوي أنتصر بها العراق، رغم كثرة المحيطين به من الأعداء.
آخر هذه الفتاوي هي فتوى الجهاد الكفائي، التي أنقذت العراق من الغزو على يد جرذان الصحراء وحلفائهم من اليهود والأمريكان و المتبركين ببول البعير.
تلك الفتوى التي شلت كيان الشيطان الملتحي الملقب بـ(داعش) و فاجئت حلفائه وأفشلت خططهم، فبات العراقيون يرسلون أبنائهم الفوج تلو الفوج لحرب داعش غير مبالين بقوافل الشهداء، كأنهم يرددون مقولة السيدة زينب(عليها السلام): ((أرضيت يا رب؟ خُذ حتى ترضى))
لم يستطع داعش الصمود أمام ضربات أبطال متطوعي المرجعية، وبدأ بالإنسحاب والتقهقر، وبدأ أسياده بالبحث عن خطط بديلة لتأزيم الوضع داخل البلد، من أطلاق الاشاعات، إلى وضع العراقيل أمام مرحلة بناء البلد في مرحلة ما بعد داعش.
لدى العراق كل مقومات البناء والتقدم بعد الحرب، أهمها أنه أرسل آلاف من أبنائه إلى الدول المتقدمة، لغرض أن يكونوا أداة فعالة في بناء العراق بعد عودتهم، نعم قد صدق السيد عمار في أطلاق لقب الحشد العلمي عليهم، فهم المعول عليهم في نقل خبرات وتقنيات الدول المتقدمة الى العراق.
الغريب أنه عند الوصول إلى مرحلة قطف الثمار، حيث أن الكثير منهم في المراحل النهائية لدراسته، ومع إنتصارات الجيش والحشد الشعبي على داعش، والبدء بعملية التحرير الكبرى، تقوم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتخفيض رواتب الطلبة الدارسيين من 30-50% !
حيث أن الوزارة ترى أن الأثاث و إيفادات المدراء العامين وغيرها من أبواب الصرف، أهم من إكمال الطلبة لدراستهم، ليس هذا فقط بل أن الوزارة قامت بمهاجمة الطلبة إعلاميا، وفي الحقيقة أن إتهاماتها كانت اغير قابلة للتصديق ، ومدعاة سخرية ،مثلا(الطالب العراقي يستلم راتب أعلى من السعودي )طبعا في الأحلام فقط، و(كل طالب لديه بيت أو اثنين من الراتب) بعملية حسابية بسيطة لمجموع رواتب طالب البعثة طيلة فترة دراسته فلا يمكن له شراء بيت!
وكان السبب المعلن رسميا من قبل الوزارة الأزمة الإقتصادية، والحرص على ثروات البلد، قد لا يعلم البعض أن الأجور الدراسية المعلنة للطالب حسب الفئة هي تخمينية وليست حقيقية، ففي الغالب المبلغ الحقيقي أقل بكثير، والسبب سوء إدارة وتخطيط ،ولا نعلم أن كان فرق المبلغ يعود الى وزارة المالية أم يبقى بالتعليم العالي، المهم أن المتبقي من هذه العملية فقط كافي لتغطية باقي تكاليف دراسة الطلبة، وحتى وأن لم يكن كافيا فمن الممكن للوزارة طلب زيادة تخصيصاتها، لتغطية تكاليف هذا المشروع المهم لمستقبل البلد.
أما بالنسبة للحرص على ثروات البلد، فالبلد قد صرف مبالغ طائلة على هذا المشروع، ووعد الطلبة بالسماح لهم بترك الدراسة (بسبب عدم كفاية الراتب)،والعودة بدون تبعات قانونية ،هو خيانة للبلد، أو أن أردنا المجاملة هدر فاضح للمال العام.
وبالنهاية حفظ تعالى حشدنا الشعبي والعلمي بدعوات مراجعنا العظام وبركات آل بيته الأطهار.