مالذي يدعو مليشيات الحشد الشعبي لاثارة ازمة مع اقليم كوردستان من خلال ملف كركوك (بكل ما فيه من حساسيات) في الوقت الذي يفترض ان تتفرغ جميع المكونات العراقية لمقاتلة داعش التي تستحل ثلث الاراضي العراقية وفشلت هذه المليشيات من احراز أي نصر حقيقي عليها لغاية يومنا هذا ؟ وعندما نقول الحشد الشعبي هنا لا نقصد تلك الفصائل التي قدمت وتقدم الشهداء والضحايا في مواجهة داعش , بل نقصد تلك التي تعمل وفق اجندات سياسية داخلية وخارجية مشبوهة تثير ازمات سياسية لصالح جهات معينة . واخر هذه الازمات هي التصريحات المتشنجة والمتناغمة لزعماء عصائب اهل الحق وقوات بدر والتي تفيد بضرورة دخولهم مدينة كركوك وحتميته . فما هي الاهداف التي تقف وراء هذه التصريحات وهذه الازمة الجديدة ؟
* استطاع المالكي خلال سنوات حكمه ضرب المجلس الاعلى للثورة الاسلامية والتيار الصدري بتشظية قوات بدر وعصائب اهل الحق منهما , وتمكن من خلال هذه المليشيات تنفيذ الكثير من مؤامراته السياسية والامنية . وما زالت هذه المجاميع تمثل الذارع القوية للمالكي في الدولة والتي يحاول من خلالهما توتير الاجواء السياسية واثارة الازمات بغية افشال حكومة حيدر العبادي .
* فشل هذه المليشيات من احراز أي نصر حقيقي امام داعش رغم وعودهم المتكررة بها جعلها تبحث عن منفذ ينقذها من مسئولياتها امام مؤيديها , فكان ملف كركوك الحساس هو الانسب لتفتح من خلاله جبهة صراع مع اقليم كوردستان وتحشد جمهورها في محاولة غير محسوبة العواقب .
* ان المؤسسة العسكرية في العراق وطيلة السنوات الماضية لم تثر مشكلة كركوك بهذه الطريقة المتهورة .. فدائما كانت ازمات هذا الملف تنتهي بحلول سياسية , لذلك فان اصرار العصائب وقوات بدر على موضوعة دخول كركوك هي محاولة للتغول على المؤسسة العسكرية وتسجيل نقاط على حسابها , وفرصة سانحة لتعزيز قوتها بتحييد الجيش العراقي كي تسقط الدولة كلها في حضن المليشيات .
* يجب عدم التغافل عن تاثير العامل الايراني الذي يحاول التصدي للطموح الكوردي المشروع بشكل غير مباشر عن طريق جهات عراقية تنفذ توجهاتها بالنيابة .
ان تهديدات مليشيات عصائب الحق وقوات بدر بدخول كركوك هي دعوات غير دستورية لا تستند الى مسوغ قانوني ولا ميداني وذلك للاسباب التالية : –
1- مليشيات الحشد الشعبي عموما لا تعتبر تشكيلات قانونية , فهي قوات طارئة تكونت لاسباب طارئة تنتهي بانتهاءها . ولا تعبر عن كل المكونات العراقية كونها تحمل صبغة مذهبية معينة , لذلك فان توجهات هذه المليشيات لا تعني الاخرين من سنة او
كورد باستثناء ما يخص الحرب المشتركة للمكونات الثلاث على داعش وبالكيفية التي لا تؤثر سلبا على أي من المكونات الثلاثة هذه .
2- طالما لم تستطع الاحزاب العراقية المختلفة الاتفاق حول صيغة معينة للحرس الوطني وشرعنة هذه المليشيات بضمها في تلك المؤسسة , فهي لا تملك حق التصريح باحقيتها في دخول اية ارض عراقية , مهما كانت تضحياتها ضد داعش (والتي نحترمها ونحترم كل الدماء التي سالت في المواجهات مع داعش) .
3- بما ان هذه المليشيات قد ارتبكت الكثير من الممارسات الغير انسانية مع اهالي المناطق المحررة ( كما افاد سكان تلك المناطق من السنة ) فان هذه المليشيات غير مرحب بها هناك من قبل السنة العرب قبل الكورد.
4- استنادا للنقطة السابقة فان موقف اقليم كوردستان منع دخول هذه المليشيات الى كركوك هو موقف قانوني وانساني لحماية اهالي تلك المناطق من الممارسات اللانسانية التي تقوم بها تلك المليشيات .
5- حسب القانون الدولي فان هذه المليشيات يجب ان تحاسب وتعاقب , فالتقارير الدولية تفيد بانها متورطة في انتهاكات صارخة لحقوق الانسان في المناطق التي تدخل اليها , وعليه فان موقف اقليم كوردستان الرافض لدخول هذه المليشيات يتطابق تماما مع مواقف المؤسسات الدولية والعالم الحر .
6- ان دخول هذه المليشيات الى داخل كركوك سيشكل ضربة للجهود المبذولة في قتال داعش حيث ان التحالف الدولي ولغاية اليوم يرفض ألتعامل مباشرة معها , مما سيمثل هدية مجانية لداعش تدفعه لتحقيق مكاسب على الارض .
7- ان فشل هذه المليشيات في احراز اي انتصار حقيقي على الدواعش لا يبشر باحتمالية تحقيقها لاي انتصار في مناطق كركوك .
8- اقليم كوردستان العراق سحبت البساط من تحت ارجل هذه المليشيات في قولها بان مطالبتها بدخول كركوك هو لغرض التحشد منها لتحرير بقية المناطق الواقعة جنوب المدينة , فقد اكد اقليم كوردستان وعلى لسان السيد مسعود البارزاني بانه مستعد للتنسيق الكامل بينه وبين أي قوة عراقية تريد مقاتلة داعش وهكذا فان وجود الحشد الشعبي في مناطقه الحالية والتنسيق مع البيشمركة المتواجدة في مناطق كركوك سيكون كفيلا بالحاق الهزيمة بداعش اذا ما كان التنسيق بين الطرفين تنسيقا كاملا وبذلك تنتفي ادعاءات المليشيات هذه بضرورة وجودها في مناطق كركوك .