-1-
كثُرت في الآونة الأخيرة – التصريحات التي يطلقها دون تأمل عميق – هذا السياسي المحترف أو ذاك ، وهذه الجهة أو تلك ..،
وهي تصب جام الغضب على “الحشد الشعبي ” ،وتثير ألوان الشكوك في دوافعه ، وترسمُ الصور السوداء القاتمة لمستقبل المناطق المحررّة من دنس الداعشيين الأوغاد …
ونحن لا ننكر وقوع انتهاكاتٍ مرّوعة ، وتجاوزات واعتداءات على الأبرياء والآمنين من المواطنين العراقيين في بعض المناطق الساخنة ،
الا اننا ننكر أنْ يكون المعتدون من الحشد الشعبي .
قيل لأحد المراجع الكبار في النجف الأشرف :
إنّ (مُعمماً) سَرَقَ فقال :
لا تقولوا إنّ (معمما) سرق
بل قولوا :
إنّ (سارقا) لبس العمامة ..!!
نعم
إنّ الفارق كبير جداً بين الوصفيْن .
إنّ (العمامة) تقصد النجف الاشرف للانتهال من ينابيع العلم والأخلاق لا للتردي في حمأة الجرائم كالسرقة واشباهها .
ويُقدم بعضُ الأوغاد المنحرفين فيتزّيا بزي أهل العلم – وما هو منهم – ليتستر على هويته الاجرامية، فما ذنب أهل العلم في ما يجترحه من الجرائم والمظالم ؟!
هل يصح ان نحمّل الاسلام – رسالة السماء العظيمة – تبعات المسؤولية عن ما يقارفه المسلمون في شرق الارض وغربها من التجاوزات والاعتداءات ؟
ونترك الجواب للشاعر حيث يقول :
الذنبُ ذنب المسلمين لأنَّهم
شيءٌ ودينُ الله شيءٌ ثانِ
وَبَدَل ان يفخر ” المهاجمون” للحشد الشعبي ببطولاته وملاحمه وانجازاته، أمطروهُ بوابلٍ من انتقاداتهم الظالمة ..!!
أيسركمّ أنْ يكون تحرير أراضيكم من قبضة “داعش” على يدّ القادمين من وراء البحار – كما طالب فريقٌ منكم – ولا يسرّكم أنْ يكون على ايدي الأبطال من اخوانكم …؟!
-2-
ان المرجعية الدينية العليا شدّدت على وجوب الانضباط التام، ودعت الحكومة الى إحالة المتجاوزين للقضاء ، في موقف صريح واضح رافضٍ لكلِّ التجاوزات والانتهاكات للأرواح والأموال والأعراض .
-3-
إنَّ الفساد قد بلغ ذروته في “العراق الجديد” فهل من المنطقي مثلا أنْ نحكم على جميع العاملين في اجهزة الدولة ومؤسساتها بأنهّم فاسدون مفسدون ؟!!
ان الواجب الشرعي والوطني والاخلاقي يدعونا الى الثناء على من اتسم بالنزاهة، والمطالبة بمحاسبة اللصوص والسراق، والضرب بيد من حديد في مضمار تتبعهم وانزال العقوبات الصارمة بحقهم واسترجاع ما نهبوه من المال العام .
-4-
انّ للحشد الشعبي دوراً مركزياً بالغ الخطورة في الوقوف بوجه الغزو الداعشي للعراق وصدّه إِثْر سوء التدبير وفظاعة التقصير اللذيْن اتسمت بهما سياسة (المسؤول التنفيذي المباشر السابق) .
وقد انطلقت مجاميع الأبطال ملبيةً نداء المرجعية العليا، وسخت بأنفسها للدفاع عن الوطن والمقدسات، تاركة وراءها الأهل والأعمال والأرباح والمصالح الشخصية حتى ضُمِّخَ العديد منهم بدم الشهادة، واصطفوا الى جانب اخوانهم في القوات المسلحة العراقية، وابناء العشائر الكرام وكتبوا أروع الملاحم الموّارة بعبير حبهم لله والشعب والوطن …
-5-
وليست أعمال الحشد الشعبي مفصولةً أو معزولة عن العمليات العسكرية المرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية .
وهذا هو صماّم الأمان …
-6-
انّ الواقع الميداني يُدّلنا على ترحيب أهلنا في المناطق المحررة (بالحشد الشعبي) الذي استُقْبِل بالأهازيج والترحاب الحار ، بينما يلوك الانهزاميّون البعيدون عن أرضهم واهلهم، أكاذِيبَهم بحقّ الأبطال المغاوير من الحشد الشعبي، انطلاقا من رواسب ودوافع ليست نزيهة على الاطلاق.
إنّ “الحشد الشعبي” ليس من “مكّون” واحد، وشارك فيه الوطنيون الأبطال من غير المسلمين أيضاً .
والقتال كله تحت رايةٍ واحدة ، هي راية العراق .
كما هي توجيهات المرجعية الرشيدة .
-7-
واخيراً :
فانّ الطعن بالحشد الشعبي وأهدافه، هو من اكبر الخدمات التي تُقدّم (للداعشيين) التكفيريين الاوغاد ..!!
وقد نسي (المتفرغون) للحملات الظالمة المثارة ضد (الحشد الشعبي) أنهم بذلك انما يدخلون السرور على قلوب أعداء الله والانسانية والوطن الحبيب .
والاولوية الان هي للمواجهة الساخنة (لداعش)، عَبْرَ خندق الوطن الكبير الذي يضم ابناءه جميعا على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وقومياتهم ومشاربهم ….
وانّ التلاحم ورصّ الصفوف، هو السبيل الأمثل لانقاذ الوطن من براثن الحاقدين (الداعشيين) التكفيرين، اللذين لاهمّ لهم الاّ ادخال العراق في ظلمات التحجر والخرافة، والاجهاز على حرائره وأحراره ومقدساته وحضارته وآثارِه …