23 ديسمبر، 2024 5:36 ص

 الحشد الشعبي في مواجهة السياسة

 الحشد الشعبي في مواجهة السياسة

القوة التي تشكلت بعد الانهيار الامني العراقي ( المباشر ) في حزيران 2014 أفرز قوة عسكرية جديدة , قد يختلف البعض في العراق على تسميتها وعلى مكونات هذه القوة , حيث تعمل بذات الواجبات فصائل مقاومة اسلامية لديها قدرات وخبرات عسكرية كبيرة أثبتت امكانيتها في قهر قوات الاحتلال الامريكي وارغمته على الانسحاب من العراق , وكذلك أثبتت وجودها الفاعل والكبير في ردع وقهر وقلب الموازنة الامنية في المواجهة مع داعش , وهذه الفصائل تعد كيانات مستقلة بذاتها كوجودات تنظيمية وحزبية , الا أن حسابات ( مجموع ) القوة تعد قيمة مضافة في كيان الحشد الشعبي ليظهر أمام القوى السياسية الداخلية والخارجية بأنه القوة الأهم في ضبط موازين المعادلة الأمنية وتغيير مساراتها , وسد التهديدات التي تواجه البلد.

وفي العراق اليوم يجب أن لا نغفل الازمة الشاملة في البلد ( أزمة السلطة , أزمة الدولة , أزمة أحزاب , أزمة اقتصاد , والأزمة الأم الكبرى أزمة الثقافة ) .

ما يعني أن الحديث عن خطط ومشاريع للمعالجة أو البناء , هي في دائرة الطارئ وليس التأسيس , واذ ما اضيف اليه العامل المعطل حتى في الطارئ ( المحاصصة الحزبية ) مع اهواء ونزعة التملك الشخصية بلا واعز ديني أو عرفي قيمي , وبالتالي فأن ما يجري داخل البلد من الجهات العاملة فيه (حكومية وغيرها) هو اجراءات منفصلة تماماً عن اي جذر تأسيسي .

ولكن ما يجري وما تقوم به دول العالم والأقليم في داخل العراق فهو شيء آخر مختلف ويأتي في سياق ستراتيجيات الامن القومي لهذه البلدان , ولذلك يصعب على الادارات العراقية الرسمية مواجتها , وتتعقد خطوات المواجهة الشعبية , لانها ستكون مضغوطة بسياسات الداخل والخارج , وبأعتبار أن الحشد يمثل قوة شعبية أوجدته ضرورة الظرف فهو الواجهة التي ستواجه هذه التحديات السياسية بجملة من الاجراءات المباشرة الانعكاسية للضغط المسلط عليها .

ان واحدة من نقاط الارتكاز للحشد الشعبي هي منشأه وتبعيته الادارية فهو يحرص أن يتشبث بالاطار الرسمي كمرجعية له ويغطي وجوده , ومنشأه شرعية فتوى المرجعية , وهاتين القوتين تمثل الركيزة الداخلية له , ولما كانت المرجعية الدينية تنظر الى الامر كله والبلد كله والأولوية القصوى لحفظ البلد فهي تمثل منطقة الامن

النفسي حالياً للحشد , أما من جانب الحكومة فأنها وكما اسلفنا تسير بأجراءات وليس خطط ومشاريع , وتقودها أو على الأقل تؤثر فيها اطراف تشكيلها (مجموع القوى السياسية) وهذه لم تبرح صراع المصالح ووسائل تحقيقها بالضغظ بين الاطراف , ونظرتها العامة الشاملة للظرف يؤثر فيه ويشكل كبير حساب المصلحة السياسية الخاصة والمستقبل السياسي للاحزاب والافراد في هذه الاحزاب , وهنا يدخل الحشد في مواجهة لم يعلن عنها أو يختارها بل نتاجه على الارض والتعاطف الجماهيري معه جعله في هذه الزاوية ( مواجهة احزاب الحكومة ) وهو لا يستطيع أن ينسحب من منطقة مواجهة داعش وما يتطلبه ذلك من جهد تنظيمي يثير حساسية مؤسسات الحكومة الامنية فضلاً عن الحساسية السياسية وكذلك لا يتخلى عن المنجز الجماهيري وتوظيفة لحسابه السياسي , وفي الجانب الخارجي فأن هذه القوة المتشكلة تمثل تحدياً كبيراً له بأستثناء الجمهورية الاسلامية الايرانية لانها تجد نفسها منسجمة مع فعل وانجاز القوة الشعبية , أما باقي الدول فجميعها تنظر اليه تحدياً وتهديداً لنفوذها في داخل العراق , وأيضاً طبقاً لمقدمة المقال ان هذا الخارج لديه خطط ومشاريع وفي العراق لدينا اجراءات فهذا يعني أن المعركة غير متكافئة بالتخطيط وليس من خيار للعراقيين الاخوض غمارها , وهو ما يجعلها معركة طويلة وتأخذ مداها الزمني لما بعد الهاجس الامني العسكري الى مخاوف الامن السياسي , والامن الاجتماعي لاسيما , وأن الحكومة سوف لن تتخلى عن ارضاء الخارج وتبديد مخاوفه , وهذا الخارج مختلف في داخل العراق لاسيما في القضايا المفصلية الكبرى ( اقاليم , تقسيم ) .

وهنا كم يستطع الحشد تسريع عجلة التنظيم في داخله وتوزيع الجهد بانتظام بين ملفات الجهد العسكري , الملف السياسي , الادارة الاعلامية والخطاب السياسي .

وكم يمتلك من المرونة والادوات في جوانب المال والكفاءة , لاسيما وانه منهك ومستهلك في أصل وجوده وبقائه ( حرب ضد داعش ) .

وبذلك يمكن أن تتهيكل التحديات السياسية للحشد في ثلاثة محاور , أولها وأهمها التحدي داخل الحشد والثاني داخل العراق , والثالث هو التحدي الدولي , ولا شك أن في كل واحد من هذه التحديات تفصيلاً في الوصف والمعالجة .