23 ديسمبر، 2024 10:19 ص

الحشد اكرمنا جميعا

الحشد اكرمنا جميعا

“وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمَْ وأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ”.
ونحن نعيش غمرة تحرير مدينة بيجي من براثن عصابات ومرتزقة داعش الإرهابية على يد عصائب الحق من الحشد الشعبي وبمؤزاة القوات المسلحة والجيش، رافقها تأمين المناطق المحيطة بحزام بغداد وناظم الثرثار والتقسيم على يد ابطال بدر، وأسر 60 داعشيا من قبل سرايا السلام الباسلة، والعمليات البطولية الواسعة التي نفذتها سرايا عاشواء والجهاد وحزب الله وبقية فصائل الحشد الشعبي المقدس في تأمين حزام بغداد وذراع دجلة وتطويق مدينة الرمادي بالكامل وقطع خطوط إمداد العدو منها، مازلنا نعيش أجواء متسممة بعهر بعض السياسيين الذين هم بأمس الحاجة إلى تطهير السنتهم على الطريقة الصدامية، إلا من أكرهتهم داعش من بعض رؤساء العشائر وسائر الناس بالظهور على شاشات التلفزة فتكرههم حتى يكونوا مؤيدين ومبايعين ومناصرين ومتعاونين معها من الذين أرغمتهم الظروف وتقطعت بهم السبل والأسباب في البقاء ضمن دائرة الاحتلال، كما ونعاني من ظاهرة الطيران الحربي المجهول الذي يلوث أجواء العراق ويقتل أبنائه غدرا على الأرض، كما حدث تماما في آخر مرة عندما قام ذلك الطيران الخبيث بتسخير إحدى طائراته بضرب عدة أهداف في أماكن عسكرة الفرقة الاولى الباسلة التابعة للجيش العراقي المقدام بسابقة خطيرة متكررة لايمكن السكوت عنها بأي حال من الأحوال، راح ضحيتها نخبة من شبابنا الابطال من الجيش والحشد، ليلتحقوا بركب قافلة الشهداء التي يتزعمها الامام الحسين(ع).

كما وفي هذه المناسبة العزيزة نعيش أجواء واحياء الذكرى الاولى لفتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها الحوزة العملية الرشيدة بزعامة الامام السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الوارف على اثر اغتصاب مدينة الموصل وبعض المناطق والمدن العراقية الاخرى من قبل مرتزقة داعش في التاسع من حزيران 2014، وكان لهذه الفتوى الأثر الكبير في تغيير موازين القوى وقلب المعادلة على الأرض لصالح القوات العراقية، مامكنها لاستعادة معظم المدن والأماكن الاخرى المغتصبة على يد ابطال الحشد الشعبي المقدس الذي تشكل بفضل هذه الفتوى المباركة، ونال الحشد الشعبي بموجب هذه الانجازات الرائعة اسمى “آيات الحب والاحترام والتبجيل والأكرام والعرفان والتقدير”، فصار الحشد بحق هو الأكرم من بين جميع صفوف الشعب ومكوناته بمقدار الدماء والتضحيات التي قدمها قرابين رخيصة لهذا الوطن، وبهذا ووفق هذه الكرامة: صار”الحشد اكرمنا جميعا” وبامتياز منقطع النظير.

قد يرى من يراقب سير الأحداث في العراق بطء العمليات العسكرية الحربية نحو التحرير وتطهير الأماكن التي احتلتها داعش، وهذه الحالة مؤكدة ولا يختلف عليها اثنين، وقد يعزى هذا السبب على أنه تلكؤ من جانب القوات العراقية المتجحفلة مع بعضها البعض بحسب ادعاءات بعض الساسة المغرضين المتأزمين، وهذا الادعاء بالتلكؤ ادعاء خاطيء وغير صحيح وغير موفق، ذلك لأن معظم أسباب التأخير وجلها يكمن في شيئين اثنين، أولهما العرقلة التي إفتعلها بعض السياسيين الذين يعملون لصالح داعش بالتشكيك بسمعة ونوايا الحشد الشعبي المقدس، وثانيهما تردد الحكومة وإنبطاحها كنتيجة لاستجابة الرغبات الأمريكية وحلفها الداعشي المسعور بالتريث بسبب ضغوطات اؤلئك السياسيين وبعض الدول الاقليمية، لخلق حالة التوازن واطالة أمد الحرب لإستنزاف جميع طاقات العراق التي راهنت عليها بعض الأطراف الاقليمية والتي تتماشى مع رغبة وأمنية إسرائيل ووجودها باضعاف العراق والدول المجابهة لها، وإنسجاما مع رغبات بعض دول الاعراب التي لاتريد الخير للعراق بسبب وجود المكون الشيعي الذي يمثل الأغلبية في العراق، والذي يشكل الجزء الأكبر من الهلال الشيعي القابل للتمدد في المنطقة لحساب الجانب الإيراني كما يظنون، وهو تحسب قديم جديد يتعلق بتصدير الثورة الايرانية على حساب حدودهم وأوطانهم كما يزعمون.

إن القطعات العراقية المتجحفلة ووفق المعطيات التي فرضت نفسها على مسارح العمليات تقاتل الآن على ستة جبهات ومحاور، حيث تمثل الجبهة الاولى مقاتلة مرتزقة ومجرمي داعش وحصانها الطروادي على الأرض، والمحور الثاني يتمثل في صعوبة تضاريس الأرض وطبيعتها القاسية، وفي قساوة الأجواء والطقوس المناخية المحيطة بها، اما العامل الثالث فيتمثل بقلة الامكانيات المالية واللوجستية، والمحور الرابع المهم والخطير ان القوات العراقية تعاني الكثير الكثير من غدر التحالف الداعشي الستيني الذي تقوده امريكا، من حيث ان طائرات التحالف تقوم بضرب القطعات العراقية والحشد بحجة احتمالات وقوع الخطأ، والمثير للدهشة ان هذه الضربات مدفوعة الثمن بفواتير تقدمها الحكومة للتحالف على طبق من ذهب ومن أموال العراقيين، اما المحور الجبهوي الخامس الذي يعتبر الأهم والأخطر في اللعبة فهو يتمثل في عقوق وعهر بعض سياسي الصدفة والمحصاصة في الداخل والخارج وشيوخ المرحلة الدواعش اللاحسين لقصاعها، الذين لاتمر لحظة الا وقاموا بزرع سكاكينهم في خاصرة العراق من خلال التصريح عبر القنوات المأجورة والمشبوهة غايتها النيل من سمعة الحشد الشعبي والجيش، على شكل حلقات متسلسلة من التسقيط مبرمجة وعشوائية لثبيط عزيمة المجاهدين الأشاوس من ابطال الحشد الشعبي والجيش وعرقلة سير العمليات وكمحاولة يائسة منهم لمنع ابطال الحشد الشعبي من المشاركة الفعلية في العمليات والسير قدما لتطهير الأراضي العراقية المغتصبة، وكل ذلك يتم لحساب ومصلحة وفائدة مرتزقة داعش ومجرميهم، واما الجبهة السادسة أو المحور السادس فهو يمثل الجهاد الأكبر، الجهاد الذي يكمن في فرقتنا وفي تمزق جبهتنا الداخلية لاسامح الله، ولمقاومة هذا التداعي ومواجهته وانحساره لكي نبقى اقوياء، ولكي نحترم كذلك دماء شهدائنا، ونراعي معاناة جرحانا علينا ابتداءا ان نوحد صفوفنا وخطابنا وكلمتنا كوحدة هدفنا ووحدة مصيرنا ووجودنا، وأن نبادر إلى ذلك عاجلا وليس آجلا على غرار ماقامت به محافظة ذي قار من عقد مؤتمر عام لتوحيد كلمة وصفوف وخطاب جميع فصائل المقاومة في المحافظة، وبهذه المبادرة الجليلة أغلقت أهم جبهة ومحور من محاور الصراع التي تقودها فصائل الحشد الشعبي تحت راية ورؤية المرجعية الرشيدة اعلى الله شأنها وسدد هديها.

علينا أيضا في هذه المرحلة العصيبة ونحن نمر في فترة مفصلية قد تطول لعدة أشهر لاتنجلي غبرتها الا بزوال داعش إلى الأبد وتحرير كامل التراب العراقي ورد كيدهم إلى نحورهم وابطال سحرهم وادعاءهم الذي جاء على لسان أحد شيوخ الفنادق من أنهم سيفطرون خلال رمضان المقبل في بغداد، وهذا النصر والردع لايتحقق إلا عبر عدة خطوات لابد من مراعاتها والأخذ بها، أذكر بعضها على وجه الاختصار: يجب على الحكومة أولا ان تسعى جاهدة إلى منع طيران التحالف الداعشي الدولي من التحليق في اجواء العراق التي تشغلها القطعات العسكرية المتجحفلة، وان تسعى ثانيا لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي لجميع التجاوزات والخروقات التي حدثت، أو عند تحقق أي خرق يزهق أرواح مجاهدينا، والخطوة الثالثة الاخرى أن تقوم بعرض أوراق من تسول له نفسه الانقضاض على التجربة السياسية في البلد أو النيل من عزم القوات المسلحة والحشد الشعبي المقدس بعرض أوراقه على القضاء العراقي النزيه لينال جزاءه العادل وفق القانون، وان نسعى أخيرا لتنويع تسليحنا وذخريتنا من مناشئ دولية رصينة متعددة، والأهم من كل هذا أن نوحد صفوفنا وخطابنا وكلمتنا وان ندرب شبابنا لحمل واستعمال السلاح تحسبا منا مشروعا لمستجدات الأحداث والظروف الطارئة في قادم الأيام، وأن تجري العمليات العسكرية التطهيرية بشكل سري تام ولاحاجة لنشر تدابيرها عبر وسائل الاعلام قبل وقوعها.
والله ولي التوفيق.