7 أبريل، 2024 7:36 ص
Search
Close this search box.

الحس الوطني الغائب في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم نر في العراق ومن ضمنه اقليم كردستان لحد الان مسؤولا رفيعا او غير رفيع قد مثل امام المحاكم وادين بتهمة الفساد او القتل او سرقة اموال الشعب وزج على اثرها في السجون ليذوق وبال امره ، مع ان ما يجري في العراق من انواع القتل والذبح والفساد ونهب لثروات الدولة ما تشيب لها الولدان ، فهو يتصدر الدول الاكثر فسادا في العالم والاكثر وساخة والاكثر تهديدا خطرا على حياة الانسان بحسب تقرير الشفافية الدولية ، ولولا النوازع الطائفية لحكومتي الجعفري والمالكي ودعمهما للميليشيات الطائفية وخوضهما حربا ضروسا ضد المكون السني لما ظهر تنظيم الدولة الاسلامية”داعش”في المنطقة ، وعاث في الارض فسادا ، والعجيب ان ابطال تلك الحرب الطائفية القذرة التي ذهب ضحيتها مئات الالاف من الابرياء ، لم يتغيروا ما زالوا يديرون دفة البلاد بنفس الطريقة الطائفية الفاسدة دون ان يطالهم القانون ، ولكن بشيء من الرتوش وتبادل في الادوار ، رئيس الوزراء يصبح نائبا لرئيس الجمهورية ووكيل وزارة الداخلية يكون مستشارا امنيا للحكومة ووزير الطاقة يصبح وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي ووزير الخارجية يصبح وزيرا للمالية وهو بدروه يتحول الى منصب آخر وهكذا دواليك ، وتستمر الحال في العراق دون ظهور بوادر لاصلاحات جدية تنتشل البلاد من المستنقع الآسن الذي وقعت فيه ، وتعيد اليها عافيتها ونشاطها السابق وترفعها من تصنيفات منظمة الشفافية العالمية حول الفساد والتي تضع العراق في صدارة الدول الاكثر فسادا وقتلا على الهوية والاقل امنا وامانا على حياة الانسان ، منذ 2004 والعراق يحتل المراكز الاولى في قائمة الدول الفاسدة في العالم ، ففي عام 2012 وضع العراق في المرتبة ما قبل الاخيرة بعد السودان ، وفي عام 2013 جاء ترتيبه في الفساد رابعا بين الدول العربية ، وفي عام 2014 جاء العراق بعد السودان والصومال .. وكل ذلك بسبب تكرار نفس الوجوه التي اثبتت فشلها في ادارة الدولة واظهرت فسادها ، ولحد الان لا توجد نية صادقة وحقيقية للتغيير
 ورغم الاصلاحات التي يقوم بها رئيس الوزراء الجديد”حيدرالعبادي”فانها تبقى غير مؤثرة ما لم يجفف منابع الفساد ويقضي على المحاصصة السياسية الجارية التي ترسخت في البلاد واصبحت واقعا سياسيا فارضا نفسه على الساحة السياسية بقوة ، قد تكون التركيبة الاثنية والطائفية في العراق هي التي املت السياسة المحاصصية على الحكام الجدد وعلى الامريكان ايضا في بداية تشكيل الحكومة الجديدة ، ولكن ان تتحول الى الى برنامج سياسي للحكومات المتعاقبة ويعمل به ، فهذا ما لا يمكن قبوله ، كان من المفروض على حكومة”نوري المالكي”التي حكمت البلاد لفترة ثمان سنوات ان تعمل على اخراج مؤسسات الدولة المهمة ولو بشكل تدريجي من هيمنة المحاصصة السياسية وتعتمد في ادارة الدولة على الكفاءة والاخلاص والوطنية ، ولكنها لم تفعل ذلك بل امعنت في تعميق المشاكل والازمات وانتهجت المحاصصة في توزيع المناصب طوال سنوات قيادتها للبلاد ، والنتيجة ان العراق مازال يعاني من تبعات هذه السياسة الخاطئة ودخل في نفق مظلم لا يستطيع الخروج منه بسهولة .. ومهما فعل”العبادي”لاصلاح البيت العراقي المتهاوي وترتيب الاوضاع المتردية ، فلن يفلح مادامت المناصب والمسؤوليات توزع على اساس المحاصصة الحزبية او العرقية او الطائفية ، ومادام الحس الوطني”الجامع”لدى العراقيين غائبا تماما ، الوطنية عند الشيعي تعني النجف وكربلاء وسامراء ومكان الائمة وممارسة الشعائر المذهبية ، فأنى لهم مواجهة تنظيم”داعش”في مدينة سنية كالموصل او تكريت مثلا ، من الطبيعي ان ينسحبوا من القتال ويلوذوا بالفرار لان هذه المناطق لاتمت اليهم بصلة ، اما عندما يقترب الخطر من”النجف و”كربلاء”المقدسة!! فانهم يقفون وقفة رجل واحد ويعلنون التعبئة العامة و”الجهاد الكفائي”ويستعدون للمواجهة ! وقد فعلوا ذلك .. وكذلك الامر بالنسبة للاكراد ، فمفهوم الوطنية عندهم ينحصر في اقليمهم فقط وهم مستعدون للدفاع عنه بكل قوة واقتدار اذا اقترب الخطر منه وقد رأينا كيف هب صغيرهم قبل كبيرهم للدفاع عن عاصمة الاقليم عندما اقترب تهديد”داعش”عليها ، وقد فعلوا ذلك ..ولكنهم لم يحركوا ساكنا ازاء زحف هذا التنظيم الارهابي المسلح نحو المدن العراقية في غرب ووسط البلاد ، ونفس الشيء ينطبق على السنة ، فهم ظلوا يدافعون عن حقوقهم وحقوق مناطقهم ويعلنون الاعتصام ضد الحكومة ولا يلتفتون الى مطالب الجنوب الشيعي والشمال الكردي ..هذا هو الواقع في العراق الجديد ، ولاءات وطنية متعددة ، موزعة على مناطق وطوائف واعراق مختلفة ، واما الشعارات التي ترفع عن الوطنية الجامعة ، فهي محض هراء لا تعكس حقيقة الواقع ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب