19 ديسمبر، 2024 4:10 ص

الحسين يقرأ

الحسين يقرأ

ماذا لو  حمل كل زائر قاصدا سيد الأحرار الأمام الحسين عليه السلام لاحياء اربعينية عاشوراء مشياً على الاقدام كتاباً يطلع عليه في اوقات الراحة؟، ماذا لو تحولت جزء من المواكب الحسينية المنتشرة  على الطرق المؤدية إلى كربلاء بالاضافة لمهامها الحالية إلى مكتبات صغيرة ؟تطرز بارشادات عامة مثل احترام القانون والحفاظ على البنى التحتية والحفاظ على المال العام والحفاظ على الاماكن العامة وغيرها من نواقص حياتيه بامس الحاجة إليها ، ماذا لو عملت المنظمات الأنسانية على حث الزائرين على القراءة؟، قد يرى البعض أن الأمر غريباً ولايمكن تحقيقه على أرض الواقع، لكنه بالتأكيد بداية حقيقية لتوسيع المعرفة في هذا المجتمع ، ثمة حقيقة لامناص منها بأن هناك من يريد لهذه الجموع أن يطفح عليها التخلف المعرفي وأن تستند ثقافتها ومعلوماتها عبر الثقافة السمعية حصراً وهي بوابة لنشر التطرف ونبذ الفكر الاخر المخالف ، من دون ادنى شك الحسين يريد مجتمعاً مثقفاً واعياً يؤدي دوره في تصحيح المسار وتطوير البلاد ، الحسين (عليه السلام) يريد مجتمعاً يتجاوز الخلافات الثنائية ويفكر بـبناء حقيقي لهذا البلد، ويبتعد عن الأنشغال بالقشور والمظاهر على حساب اللب وهو “الإصلاح ” الذي خرج من اجله.

يتحمل رجال الدين  المعتدلون والمثقفون والكتاب والوجهاء مسؤولية ووسائل الاعلام  حث القاصدين إلى كربلاء على القراءة والانتفاع المعرفي وعلى العمل وتطبيق مبادئ الحسين عليه السلام على الواقع لامجرد شعارات تردد في عاشوراء والاربعينية ، كما ينبغي التنبيه إلى أن الحسين ليس للشيعة فحسب فمن الظلم ان نحصر هذه الشخصية العظيمة على  فئة معينة ومن الظلم أن يتحول الحسين إلى نقطة فراق لا التقء  ، الحسين لكل الأنسانية، لكل من يناهض الظلم ويرفضه، لكل من يريد حياة عادلة يسود فيها القانون والاعتدال والاتزال ، الحسين ليس للمتطرفين ابدا.

لايكفي احياء ذكرى الحسين بلبس السوداد أو المشي إلى كربلاء أو اقامة مجالس العزاء أو رفع الرايات مالم يرافق ذلك المعرفة فقد ربط  أبن  العباس  في تفسيره الاية القرانية الكريمة ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” العبادة بـ”المعرفة والعلم “.

ومن اهم السمات الاخرى التي يفترض أن يتمتع (المشاية) السخاء والابتعاد عن نشر الصور والتمظهر بـ”الصدقات ” فقد قال سيد البلغاء امام الأنسانية علي بن ابي طالب (عليه السلام ) :السخاء ترك الأمتنان عند العطاء “.

والتواضع للناس يفترض أن يكون ميزة من يقول انه يتبع الحسين، فقد قالت العرب :لايرفع أحد الإ بالتواضع ولايتضع الا بالتكبر.
                        
وقال سهل بن عبد الله :إلزموا أنفسكم التواضع ، تسلموا من الدعوى ، من تواضع لله ، لم يتكبر على خلقه “.                             

ولاتنفع القراءة والثقافة مالم ترافقهما الاخلاق ومحبة الاخرين والصبر على الاذى فقد سئل عبد الله بن خفيف الشيرازي مت يصح للانسان الكرم ؟،فقال “اذا احتمل أذى الخلق ولم يكفائفهم بسوء .

لترافق كل هذه الصفات السمحاء عشاق  الحسين وهم يطلعون ويتابعون التطور المذهل في العالم ،فلم تعد الثقافة السمعية تاتي بثمارها .

 ولترفع  شعار “نحن حسينون ، نحن نقرأ ” لنوصل هذه القضية الأنسانية لكل العالم  عن طريق القراءة لانها  ليس لها حدود  !

أحدث المقالات

أحدث المقالات