9 أبريل، 2024 2:04 ص
Search
Close this search box.

الحسين وعاشوراء وألاشكالية الطائفية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

أن الله أصطفى أدم ونوحا وأل أبراهيم وأل عمران على العالمين ” – 33- أل عمران –
ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ” – 34- أل عمران –
أن الذين لايعرفون جدوى أستذكار ثورة ألامام الحسين في كربلاء والتي عرفت بالطف والغاضرية , هم لايعرفون التاريخ ولا يمتلكون التوازن تجاه الحدث ولا يعرفون طعم الجهاد والمرابطة في بوصلة السماء التي جعلت من قميص يوسف شفاء ومن تابوت أل موسى وهارون عبرة ومن قبل ذلك مقام أبراهيم مصلى ومن الطواف السبع حول البيت الحرام وبين الصفا والمروة من مغزى ؟
لم يكن الحسين في الصدر ألاول من تاريخ المسلمين أشكالية طائفية وأنما كان أشكالية سياسية , فكيف تحول عاشوراء الى أشكالية طائفية عند البعض ؟
هناك أشكاليات معرفية رغم كل جهود التبليغ والتوضيح من قبل ألانبياء والرسل وخلفائهم ألاوصياء ألا أنها ظلت تشكل حاجزا للذين لايريدون تدبر ألامور على نحو عقلي بعيدا عن الهوى والعاطفة غير المستعينة بمدركات التأمل والتفكر قال تعالى ” أفلا يتدبرون القرأن أم على قلوب أقفالها ” .
ومن كبريات القضايا التي طرحها القرأن الكريم وهي كثيرة ولكن منها مايناسب الحديث هي كل من :-
1-   قضية ألاصطفاء
2-   قضية الذرية
3-   قضية ولاية ألامر
4-    قضية التأويل
وقضية ألاصطفاء : ومعناها : أن الله قد أصطفى لرسالته التي كانت واحدة ولكنها على مراحل مجموعة من ألاسماء المباركة المطهرة وهم :
أ‌-       الرسل عليهم السلام
ب‌-  ألانبياء عليهم السلام
ت‌-  أوصياء الرسل وألانبياء عليهم السلام , وقد أخبرنا رسول الله “ص” وهذا ما حفلت به كتب الصحاح والرواة من السنة والشيعة ” خلفائي من بعدي أثنا عشر كلهم من قريش ”
وألاصطفاء شأن رباني لم يكن للبشر دخل فيه ” ما أشهدتهم خلق السماوات وألارض ولا خلق أنفسهم ” حتى لاتدخل الرغبات والنوازع البشرية وهي كثيرة كما سنرى .
وشاءت حكمة الله تعالى أن يكون لهذا ألاصطفاء ” ذرية ” وهذه الذرية هي من نسل أدم , قال رسول الله “ص” : ” أنا سيد ولد أدم وعلي بن أبي طالب سيد ولد العرب ” .
والمتتبع للقرأن الكريم يجد أن بعض ألايات القرأنية تحتاج الى تأويل أي توضيح وبيان وتفسير , قال تعالى ” لايعلم تأويله ألا الله والراسخون في العلم ” ومن أوضح المواقع التي كانت تحتاج الى التأويل الذي أحتاجه نبي من أنبياء الله وهو كليم الرحمن موسى عليه السلام ماحدث له مع العبد الصالح في عرض البحر وهو ” الخضر ” الذي قام بأعمال عندما رافقه موسى عليه السلام أشكل عليه وطلب منه الخضر أن يصبر على مايرى ولكن موسى ظل يسأل ولكنه لم يفارق صفة التواضع مما لم يجعل بينه وبين الخضر عليه السلام أي مبرر للخلاف والفرقة , فواصلا رحلتهما التي تحولت الى أستكمال للعلم في سبيل الله والمجتمع البشري وهذا ما ينقصنا اليوم في شؤون حياتنا التي مزقتها الخلافات وفرقتها الطائفية والعنصرية والفئوية , قال تعالى :-
1-    ” فوجدا عبدا من عبادنا أتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ” – 65- الكهف –
2-   قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا ” – 66- الكهف – لاحضوا سؤال أهل العلم على لسان موسى عليه السلام هو سؤال من أجل الرشد وهي الحكمة , ومن هنا قال ألامام علي بن أبي طالب وهو تلميذ رسول الله “ص” : سل تعلما ولا تسأل تعنتا ” والذين يسألون اليوم عن مظاهر عاشوراء أغلبهم يسأل تعنتا ؟ .
3-    قال أنك لن تستطيع معي صبرا ” – 67- الكهف –
4-    وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا ” – 68- الكهف –
5-    قال ستجدني أن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ” – 69- الكهف –
6-   قال فأن أتبعتني فلا تسئلني عن شيئ حتى أحدث لك منه ذكرا – 70- الكهف – ثم يستمر تأويل ماحدث من قبل الخضر حتى ألاية – 82- من سورة الكهف المباركة – ذكرت ذلك للدلالة على حاجتنا للتأويل الصحيح في القرأن الكريم وهذا التأويل هو من أختصاص من سماهم القرأن بالراسخين بالعلم , وهؤلاء لهم في القرأن صفات أخرى فهم : أهل الذكر , وهم أولى ألامر , واليوم يسأل بعض الناس كما سألني البعض على أحدى الفضائيات هل يوجد في القرأن الكريم تحديد للحاكم في القرأن الكريم بعد رسول الله “ص” ويبدو أن هذه ألاسئلة نتيجة ألابتعاد وعدم مواكبة الثقافة القرأنية وأخذ مصرها من أهل ألاختصاص وهم ” الراسخون في العلم ” وعن هؤلاء قال رسول الله “ص” عن أهل البيت عليهم السلام : ” لاتتقدموا عليهم فتهلكوا ولا تتخلفوا عنهم فتندموا ولا تعلموهم فأنهم معلمون ” ومن يتمعن بمقولة الرسول “ص” الذي لاينطق عن الهوى أن هو ألا وحي يوحى , يجد أننا أمام تشخيص وتحديد واضح لهوية الحاكم والوصي بعد رسول الله “ص” وأذا أخذنا بنظر ألاعتبار ألايات الكريمة التي تتحدث عن تشخيص ولي ألامر حيث تقول بوضح : ” وأطيعوا الله ورسوله وألي ألامر منكم ” وفي أية أخرى تفسر هذه ألاية حيث تقول “أنما وليكم الله ورسوله والذين  أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ” وقد ثبت عند كل الصحاح والمرويات في الصدر ألاول أن من أدى الزكاة وهو راكع هو ألامام علي بن أبي طال عليه السلام , وفي أية أخرى مثل أية ” المودة ” و” أية التطهير ” وأية ” المباهلة ” وأية ” ويتلوه شاهد منه ” وكان المسلمون يسألون رسول الله “ص” قائلين : يارسول الله من هم أولي القربى ” فيقول : علي وفاطمة والحسن والحسين ” .
وعندما أستشهد الحسين عليه السلام كان واضحا للصحابة ومنهم عبدالله بن عمر, وجابر بن عبدالله ألانصاري  وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير  وغيرهم كثير كانوا يرون الحسين سبط رسول الله “ص” ويرون يزيد مغتصب الخلافة فاسق فاجر , هذا هو حال رأي الصحابة فضلا عن رأي بقية المسلمين ولذلك عندما يقتل سبط رسول الله “ص” على يد ظالم مغتصب لسلطة الخلافة هو يزيد بن معاوية لم يكن لدى المسلمين غير المضللين من شك في ظلامة الحسين وصواب موقفه , فلم تحدث أشكالات طائفية ألا بعد أن بدأت السلطة الزمنية ممثلة ببني أمية وبني عباس تستأثر بالحكم وتحرف الحقائق وتضع التحريف في الرواية وبمرور الزمن نشأ ألاختلاف في الرأي بناء على ألاحاديث الموضوعة حتى كان أبن تيمية الذي خالف علماء السنة والجماعة في خمسة عشر رأيا والذي أخذ على عاتقه تحسين صورة معاوية والتقليل من شخصية ألامام علي وأخفاء فضائله متعمدا أثارة الفتنة فكان شعاره ضد شيعة أهل البيت عليهم السلام ” عليهم السيف المسلول الى يوم القيامة ” وهذا الشعا ر لايزال مثبت في كتابه ” منهاج السنة النبوية ” .
وبمرور الزمن ساد جو من الضعف عن قول الحق رغم وجود المؤلفات التي كتبها علماء أهل السنة وأثبتوا فيها حق الحسين مثل الصحاح , وكنز العمال والسيوطي , والصواعق المحرقة , ألا أن ظهور المذهب الوهابي أجج الروح الطائفية التي لم تكن موجودة عند علماء أهل السنة في القرن ألاول والثاني والثالث وحتى فقهاء المدارس المذهبية ألاربعة لم يكونوا من مروجي الطائفية وأنما كانت أرائهم في سياق ألاجتهاد في الرأي حتى أن ألامام الشافعي كان يقول بحق أهل البيت :-
يا أهل بيت رسول الله … حبكم فرض من الله في القرأن أنزله
كفاكم من عظيم الشأن أنكم .. من لم يصلي عليكم لاصلاة له ؟
والتلاعب الذي تم حول معنى أهل البيت , ثم التلاعب الذي تم يحذف عترتي وأستبدالها بسنتي في القرون المتأخرة والتعمد في تضليل الناس حول مفهوم ” أولي ألامر ” هو الذي هيأ للمناخ الطائفي الذي أشتد بعد ظهور المذهب الوهابي وهو ليس بمذهب فقهي يمتلك ألاستدلال الفقهي المبني على ألاستنباط من ألادلة الشرعية .
ومن هنا نجد اليوم من يريد أن يوجه مايحدث من أحياء لشعائر ثورة ألامام الحسين عليه السلام توجيها طائفيا وهو عمل فيه الكثير من تغييب الحقائق عن المسلمين , فالحسين ملك للآمة ألاسلامية أولا وملك للبشرية ثانيا , والمسلمون السنة يحبون الحسين , والوهابية لاتمثل كل أهل السنة , وهذه مجازرهم بحق المسلمين من سنة وشيعة وبقية المذاهب حتى وصلت الى المسيحيين أنما تدل على جهلهم ومنهجهم التكفيري يبرأ منه علماء أهل السنة مثلما يبرأ منه علماء أهل الشيعة فهذا أمام المسجد ألاقصى في القدس يعلن حرمة سفك الدماء في سورية وهذا الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رئيس أتحاد علماء الشام وأمام المسجد ألاموي في دمشق , والشيخ بلال شعبان في طرابلس لبنان والشيخ ماهر حمود أمام مسجد في صيدا يرفضون أعمال الوهابيين ويدحضون أرائهم في الفتنة الطائفية التي تريد أن تجعل من مناسبة عاشوراء وألاحتفال بذكرى ثورة ألامام الحسين وسيلة لتحريك الفتنة بين المسلمين وهو نفس النهج الذي تسعى لتحقيقه أسرائيل ومعها أمريكا التي تقف اليوم لدعم أسرائيل في حربها ضد غزة .
وبهذا يكون الآمام الحسين من الذرية المصطفاة ومن أولي ألامر لآنه من الراسخين في العلم ومن أهل الذكر الذين يمتلكون القدرة على التأويل والذين لم يعرف عنهم أنهم درسوا أو تتلمذوا عند أحد غير رسول الله “ص” عن طريق ألامام علي بن أبي طالب الذي قال عنه رسول الله “ص” أنا مدينة العلم وعلي بابها ”
أن ألاشكالية الطائفية ستنهزم أمام وهج الثورة الحسينية مثلما أنهزمت سابقا في كل محطات صناعة الفتنة .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب