من المعلوم أن أول ثائرٍ في التاريخ، هو الحسين إبن علي بن أبي طالب، “سلام ربي عليهم” وهو يعلم أنه مقتول لا محالة، ولم يكتفي بذلك بل أخذ معه كل عياله معه للموت المحتوم، وقد خرج يوم التروية! لئلا يدنس الحرم المكي وتراق به الدماء .
معادلة صعبة التي إنتهجها الإمام الحسين، منها خروجه من مكة، والسير الى كربلاء بعدد قليل، لا يصمد أمام الجيوش الجرارة التي تم تهيئتها له، وهو يعلم أنه مقتول بكلتا الحالتين، ومثلي لا يبايع مثله إنما هو الرفض لنهج بني أمية، ومن قبلهِ أخاه الإمام الحسن قد تم تسميمهُ، والخلاص منه لأجل ذلك الكرسي اللعين .
نهرو كان هندوسي الديانة، يعبدون البقر! وهذا لا يقلل من قميته كونه غير مسلم، بل يملك العقلية الراجحة ،والثقافة والعلم وبواسطتها أخرج بريطانيا العظمى من الهند ذليلة، لأنه إنتهج مسار واحد من مسارات الحسين، وقد عرف كيف ينتصر بالظلم! فكان مظلوما لكنه ليس بقدر ظلم يزيد للحسين، ولأنه عرف كيف يقود شعبه الى الحرية والتحرر، من خلال تواصله مع شعبه الذي أطاعه في كل الأوقات الحرجة، التي تستوجب منه محاربة أعداءه بالكلمة والعصيان، والإبتعاد عن سياسة العنف.
الطريقة يستعملها المحتلون في بعض الأحداث، وتكاتف المسلمين مع باقي الديانات الذي يزعجهم والهندوس منهم، فيقتلون بقرة ويرمونها بالشارع! لجعل الفتنة تدب بينهم ليبقوا جاثمين على صدر المواطن الهندي، لكنها لم تنطلي على نهرو، وعالجها بالحكمة! فكان الإنتصار حليفهم، والفضل يرجع للحسين.
جيفارا ذلك الثائر من أمريكا الجنوبية، أيضاً سلك أحد المسالك التي تؤدي الى التحرر من الهيمنة، ومن كلماته التي تتطابق مع أهداف الحسين، “خيرُ لنا أن نَمَوتَ ونَحنُ واقِفين مَرفوعيّ الرأس , مِنْ أن نَموُتَ وَنَحْنُ راكعين” ،فكان يتنقل في كل الدول المستعمرة من قبل الإمبريالية العالمية، بل ويقاتل معهم ضد الظلم لينالوا الحرية، وقد حقق مكاسب كثيرة، وصار مثالاً للتحرر في العالم .
الجسين ذلك الإمام الصلب، الذي لا يخافُ ولا يهابُ الموتْ، ليس كهؤلاء! وإن كانوا ثواراً، لأن هؤلاء يأملون بالحياة، بينما أبا الأحرار قال كلمة لا زالت ترددها الأجيال، ويذكرها التاريخ “إذا كان دين محمد لا يستقم إلا بقتلي، فيا سيوف خذيني ” فهل هنالك بطل او ثائر قال كلمة ككلمة الحسين؟.
ليس من الإنصاف أن نقارن الأسماء التي ذكرناها كنهرو وتشي جيفارا بالحسين! لان نهرو عاش بعد الثورة ورأى نتاج كفاحه، وفرح بالإنتصار، وجيفارا نحج في أكثر من مكان، وحقق بعض أمنياتهِ، ولو لا خيانة بعض الفلاحين البوليفيين له وإعدامه من قبل أعدائه، لبقي ودار على باقي الدول، التي تعاني من القهر والإستبداد والعبودية والظلم، وعلمهم معنى الثورة والإنتصار .
الإمتداد لتلك الثورة التي قام بها سبط النبي الأكرم، لا زال موجوداً ليومنا هذا، وإحياء هذه الذكرى سنوياً إنما هو التذكير بأن الطغاة لا بد لهم من زوال، ويذهبون الى غير رجعة، لكن هذه الثورات ثمنها أرواح ودماء وتضحيات وأموال، وكلها كانت عند الحسين سيد شباب أهل الجنة .