لم يدر في خلد الامام الحسين (ع ) عندما جاء العراق ليدافع عن قيم الاسلام ، أنه كان ( سنيا ) أم ( شيعيا ) بل ليرفع راية العروبة خفاقة على أرض العراق ولتكون كربلاء ، منطلقا لجهاد أكبر ، بإتجاه ارساء القيم العليا ، وكانت الشهادة احد اعلى مراتب القيم ، وأكثرها قربا الى الله سبحانه وتعالى!!أجل..إن الحسين (ع) كان عربيا ، عرف عن أهل العراق حبهم لآل أهل البيت وشغفهم بهم، فأراد ان يكون العراق أحد تلك القلاع التي ترتوي فيها دماء الاطهار ومن ضحوا بالغالي والنفيس لكي ترتفع راية الاسلام، ولم يكن في خلد الرجل ان يبني (مذهبأ) أو يقيم (تحالفا سياسيا) مع أحد ضد آخر، وهكذا نال مرتبة الشهادة، لانه وجد في العراقيين الشرفاء ما يمكن ان يرفعوا من مقام أهل بيت النبوة، وهم من يحافظوا على مثلها وقيمها، وكان ظنه فيهم خيرا، ان بقيت رسالته ترددها الاجيال جيلا بعد جيل!!حتى طوائف العراق ، بعد 1400 عام ما زالت تحفظ لها بين جنباتها ، وبين حنايا الضلوع، ان الامام الحسين (ع) عندما ارتوت أرض العراق بدمائه، فقد زادها شرفا، ان يكون العراقيون هم من يتقدم الصفوف في كل الازمان والعصور لكي يحفظوا للرجل هيبته وللمقام مكانته، ولأهل البيت الاطهار قيمهم العروبية التي ضحوا من اجلها وبقيت نبراسا يضيء لهم الدرب على مر السنين!! لقد كان دفاع الحسين (ع) عند مجيئه الى أرض العراق وحمله راية العروبة والاسلام دفاعا عن آل بيت النبوة وهو دفاع عن كل عربي أصيل يريد ان يكون مثالا حيا يعلي قيم الأمة ومثلها، ليكون الاخرون من بعده قدوة، في أن ينالوا شرف الشهادة من أجل تلك المباديء والقيم العليا التي أرساها الحسين (ع) وكانت دروسا بليغة ، نال منها العراقيون شرف أن يكونوا دوما في الصفوف الأولى في الدفاع عن أمة العرب والأسلام على مر الازمان!! وما يحزن القلب وما يكدر معالم تلك الثورة ، ان (البعض ) أراد تجييرها لنفسه ، وكان العراقيين ليسوا من أهل الحسين ، وحشره ( البعض الآخر) ظلما في (طائفة) أو (مذهب) ولم يكن الرجل يفكر يوما في قرارة نفسه ان تحمله للصعاب وما واجهه من ( تنكر) البعض له ، وخذلانهم عن مناصرته ، انه كان يريد ان يبني مذهبا او طائفة ، سوى ان الرجل حظي بمقام الدارين، وحفظ شرف الاسلام والمسلمين، وأعلى شأن العروبة، عندما اختار العراق وكربلاء على وجه التحديد لتكون منطلقا لثورته ضد الظلم والطغيان، بل لم يكن الحسين (عراقيا ) وان كانت ارض هذا البلد الضارب في اعماق التاريخ ،مكانا مقدسا له للاستشهاد على ترابها الطاهر، ولكن كان (عربيا) أصيلا مسلما ، حمل راية العروبة والاسلام ، وبقيت الاجيال تغترف من نبعه الطيب الأصيل مايرفع هاماتها زهوا وكبرياء الى السماء!!طوبى لثورة الحسين العروبية الاصيلة..بل هو ملهم العروبة وحامل لوائها ورافع راياتها الخفاقة الى حيث ترتفع القيم العليا، وتزدهر مكانة الأخيار من الرجال الأشراف..وكيف لا وهو من أهل النبوة وسليل الدوحة المحمدية الكبرى، التي وصلت الى كل اصقاع الأرض، وما زال عطرها الطيب ومذاقها الأصيل ونبعها الوارف الظلال، يغذي كل الطامحين الى نيل الشهادة ..وبناء قلعة للعروبة ، تعلي شأن الاسلام والمسلمين، وهو ما يلخص مسيرة الدرب للامام الحسين(ع)، في ان يبقى عروبيا فارسا شهما، تغمدت ارض العراق بدمائه الطاهرة فأرتوت من عبقها ما يعلي شأن كل عراقي وعربي ومسلم ، ومن يستلهم مسيرته ليحفظ الله له مكانته في الارض والسماء!!