و نحن نعيش هذه الأيام في رحاب الزيارة الأربعينية لأبي الأحرار الحسين بن علي ( عليهما السلام ) حيث نرى الكم الهائل من العراقيين و العرب و الجاليات الأجنبية وهم يشدون الرحال قاصدين كربلاء الشهادة لتحط رحالهم في تلك المدينة العظيمة ذات الأهمية الكبيرة من حيث السياحة الدينية لما فيها من عتبات دينية التي لا ينقطع عنها الزائرون طيلة أيام السنة فضلاً عن كونها تمثل احدى كبريات المنافذ الحدودية للعراق وهذا ما يجعلها من المدن ذات الموارد المالية الهائلة و التي تقدر بمليارات الدنانير سنوياً لكن حالها ليس بأفضل حال من بقية مدن العراق التي تعاني الإهمال و ترزح تحت وطأة الفساد و سطوة الفاسدين من رأس الهرم الحكومي وحتى القاعدة الشعبية التي تقف عاجزة عن تغيير واقعها المرير لأنها و إن كانت تخرج في تظاهرات ضد الفساد و الفاسدين إلا ان ذلك لم يغير شيئاً من واقع العراق برمته حيث لا يزال الفساد يتعاظم و السرقات تحدث كل يوم وفي وضح النهار وعلى مسمع و أنظار العراقيين و بكافة أطيافهم الاجتماعية و الذين أخذت تظاهراتهم تدغدغ مشاعر الساسة الفاسدين و بدوا كأنهم غير جادين حقاً في استرداد كرامتهم المسلوبة و ثرواتهم المنهوبة وصولاً لتحقيق الإصلاح الحقيقي و التغيير الجذري و الذي خرج من اجله الحسين ( عليه السلام ) فحشود الملايين التي تقصد كربلاء ومع كل الأسف باتوا وكأنهم هم أهل الكوفة الذين كانت قلوبهم مع الحسين و لكن سيوفهم مشرعة بوجه الإصلاح و دعاته الصادقين وهذا هو حال العراقيين و مآسيهم التي لا تنتهي ما داموا يتمسكون بموقف مَنْ يأكل مع معاوية و يصلي خلف علي فلا يعقل أن يجتمع الضدان معاً في آن واحد فكم هي الأموال التي تنفق على إعداد موائد الطعام للسائرين لا لأجل شيء ما سوى للرياء و الشهرة لا أكثر و موضع للتفاخر بطولها و كثرة أنواعها في حين أن في العراق فقراء و يتامى و متضررين و نازحين و مهجرين في قمة العوز و يرزحون تحت خط الفقر المدقع وهم أولى بهذا البذخ و الكم الهائل من الأموال التي تنفق من دون مبرر فلو كان الحسين موجوداً بيننا هل سيقف مكتوف الأيدي تجاه ما يجري على تلك الطبقات الفقيرة ؟؟ وهل سيقطع يد العون و المساعدة عنهم ؟؟؟ وهل سيكنز الدينار و الدولار في مصارف الشرق و الغرب و يمنعها من مستحقيها ؟؟؟ جملة تساؤلات تجعل السائرين لكربلاء أمام تحد كبير و موقف عظيم يدعوهم إلى التفكير الجدي و بيان موقفهم في خروجهم لأداء مراسيم الزيارة هل هم مع الإصلاح الحسيني الحقيقي أم مع استشراء الفساد و تسلط الفاسدين وهذا ما تضمنه بيان المرجع العراقي الصرخي الحسني وتحت عنوان ( ثورة الحسين من اجل الأرامل و اليتامى و الفقراء و النازحين و المهجرين ) في 25/11/2015 عندما طرح عدة تساؤلات أمام الحشود المليونية المتوجهة صوب كربلاء قائلاً : (( فيا أيها السائرون والزائرون لكربلاء هل خرجتم وقد عاهدتم الله تعالى على أن يكون خروجكم على نهج الحسين (عليه السلام) في الإصلاح والثورة ضد الفساد والفاسدين مطبّقين لشعار(هيهات منّا الذلة) ؟؟ و هل خرجتم من اجل إصلاح حال إخوانكم واهليكم النازحين والمهجّرين وهل خرجتم من اجل اصلاح أحوال اهليكم من الأرامل واليتامى الذين فقدوا الآباء والأزواج والأبناء على يد الإرهاب التكفيري المليشياوي ؟؟؟)).
فاليوم الشعب العراقي في موقف لا يُحسَدُ عقباه بل هو أصبح الآن في مفترق طرق فإما الإصلاح الحقيقي و التغيير الجذري و قلب الامور رأساً على عقب و بتغيير واقع الحال و إلا فلا مبرر من رفع شعار ( هيهات منا الذلة ) .
http://al-hasany.com/vb/showthread.php?p=1049049878#post1049049878