يقول عبد الرزاق جبران
غريب امر الحسين ((قتل من الطغاة وهو ميت اكثر مما قتل منهم وهو حي ))
ولأن كلمة غريب جاءت مجازاً , فليس عجيباً امرك يامولاي , مكثت في رحم بضعة رسول الله تسعة أشهر, فصنعت تاريخ لتسعة ائمة من بعدك , يفتخرون به , صنعت تسعة مدارس اخلاقية , فالاولى كانت عنواناً للتضحية , والثانية كانت ترجماناً لرفض الظلم الباطل , والثالثة كانت منارة شامخة لأسقاط لغة السيوف , والرابعة كانت حاملةً لشعار الرضا الذي رفعته , بقولك ( الهي اذا كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى ) في تعليم تقديم القرابين , والخامسة كانت فلسفة في الاقتداء والبسالة , والسادسة كانت ميراثاً للبطولات , والسابعة كانت مدرسةً لتعليم الاصلاح للأمة , والثامنة كانت ساحة للجهاد والدفاع عن الحق وعدم الصمت أمام الطغيان , ولكن مدرستك التاسعة كانت الاعلى والاسمى وهي مدرسة كسر عروش الطغاة .
عذراً أيها العالم فالحسين الخليفة الجهادي الثاني للمسلمين بعد علي , عذراً ايها المجتبى , فأنت قادتك الاعتبارات , واثرت بك شهادة ابيك وضعف جيوشك وقلة طاعتهم , فهادنت في الخلافة، ولم تكن تنازلا، بقدر ما كانت حكمة ذلك الوقت تقتضي الخروج بأقل الخسائر, في مرحلة عسيرة كانت , ولكن الحسين , عندما وجد ان الدين قائم , على خروجه وتضحياته , عندما مر على باله لوهلة من الزمن , ان راية محمد واله الطيبين الطاهرين تحتاج الى من يرفعها امام الكفر , ويجعلها ترفرف وسط ميادين الظلم والجور , تقدمت بكل شجاعة , فانت الذي لايمكن الا ان تكون عنوانا لكل شي , وانت الذي اخترت الشهادة فكانت عنواناً لخروجك لنصرة الدين في معرك انتصار الحق في كربلاء .
من واقعة الطف أستلهمنا البطولات , ومن أكثر المعارك جدلاً في التاريخ الإسلامي صنعنا التاريخ , واعدناه بصورة اخرى , فتلك الملحمة التي دامت ثلاث ايام فقط , فحولت مسار العالم لقرون , جاءات بصورة اخرى , امتدت لثلاث سنوات , لتكون بمثابة الثأر لاتباع الحسين , من اتباع يزيد , في الوقت الذي , كان الشمر واتباعه , يفقهون لغة السيوف , نسيوا ان لغة التضحيات , التي كان يعلمها فقيه الامة علي ابن ابي طالب لابناءه , لن تقف امامها , لا سليل سيوف ولا السبعين الف مقاتل . فها هي اليوم تنطلق من جديد , بشعارات وارهاب وتمويل , ولكن ابناء الحسين , لن يجعلوا ما حصل يعاد , فخرجوا وانتصروا , فمعركة كربلاء كانت , قصة تحمل معاني كثيرة , ” كالتضحية , ونصرة الحق , والحرية ” ومعركة تحرير العراق , من دنس داعش , حملت كل الاعتبارات , والمعاني الجهادية , والتضحية والولاء , التي جاءت بها مدرسة الحسين …