23 ديسمبر، 2024 9:42 ص

الحسين (ع)  وعيون الشعر الشعبي قراءة ثقافية

الحسين (ع)  وعيون الشعر الشعبي قراءة ثقافية

ان تحترق فتخلّف دلالة نور وتنبعث حزمة ضوء  يعني انك شاعر ، ان تخترق فضاءات الشعر المليئة بالنجوم وتنتج اسئلة في الوجود واللغة والكتابة والمعنى  وتوجه خطاباتها  وأجوبتها يعني انك مبدع ؛ ولكن .. !!
ان تستثمر ذكاءك الفطري وغناك المعرفي وقدرتك على ترويض الأسئلة وتؤسس حوارا خصبا مع شخصية استثنائية بكل المقاييس الإلهية  وتلتزم بالتحليق في آفاقها الجمالية  هذا يعني انك تستلذ ديمومة التلقي لنداء الحقيقة وطقوسها ، يعني انك اخترت السير على حافة القلق والمضي في خوض غمار الخطر بين ان تكون متفردا ذات بصمة ابداعية مميزة تأتي باللامفكر به او ان تقع في خانة المتكرر التقليدي ، وهذا ما فعلته ثلة من شعراء سوق الشيوخ .
    شعراء  حولوا اللغة العامية الدارجة ( الشعبية) الى سلوك وجداني يسبح في  فلك العاطفة والعقل ،الزمن والمكان ( التاريخ والجغرافيا ) ، القيم والاخلاق والمواقف والمبادئ،  رسموا لوحات تشكيلية شعرية نقلت كل مافيها من خيال وألغاز وأسرار وتشابك في اللون والصوت  وحولته الى اليقين المعلوم  ، عكست اليقين الالهي والرسالة المحمدية وهي تنطق باسم الحسين ثورة شعرية خالصة ،  شعراء ليس بينهم فواصل زمنية وقفوا عند لحظة احدثت انزياحا في تاريخ الزمن ، لحظة كربلاء الطف واستشهاد الامام الحسين (ع) ،  لحظة شهدت  موقفا دينيا وإصلاحيا  محمديا قبالة موقف سياسي أموي منحرف دمومي ، فاستحقت  هذه اللحظة  – لحظة المعنى –  حوارا شعريا ومعرفيا وعقائديا  وخلق مقاربات ثقافية وجمالية وفنية ذات مضامين استشرافية عليا / سماوية وانسانية  من شعراء ابدعوا نصوصا يصعب قراءتها نقديا بهذه العجالة ، نصوصا توجز ماذا يعني ان تكون سوق الشيوخ مدينة شعر وابداع ، المدينة التي تقدر  ربما على احصاء نخيلها ولكنك تفشل في عد شعرائها . باسم الخاقاني وبهاء الركابي وطارق صبار وعباس طالب وعلاء المغشغش وكرار الغريفي ، شعراء سبقتني الحروف الهجائية لترتيب أسمائهم وليس الافضلية فكل منهم يمثل مصافحة جادة وحقيقية للشعر ومضمونه .  
١- ظرفية النص والتداخلي السردي.    يبدأ باسم الخاقاني لوحته الشعرية(    أغاني الرب )  بتجسيد مشهد ألطف تجسيدا دراميا معتمدا على إمكانية السرد القصصي في توظيف الحدث وتوصيفه فنيا مما يحدث مقاربات صورية مع ذهنية المتلقي:   ترافـگـن روس ونـحــيــب..)
وعـيـد وطـبـول وهـبـل حــادي المـسـيـر..

(!! بـدنيه بيــهه الله غــريـــب
لقد نجح الشاعر الخاقاني  في  استخدام عناصر بنية القصيدة على خلقثنائياتصورية متقابلة تتنافس فيما بينها احيانا وتتضاد احيانا اخرى ضمن حدود الجغرافيا الانسانية المتطلعة الى قدرة الرمز  الديني( الحسين ع)  في التمهيد للانفعال والشعور العقلي باقرار انتصار الحياة المنبعثة من النور الى النور في ظل انتقال الموت من الحركة الى السكون وطغيان الصِّلة النفسية المرتبطة بالرمز وتفوقها على حالة الانكسار    
الدنـيه ازغـر مـن محطـات الحسيـن..)
الشال اغانـي الرب رسـايل..
حسيـن ثــوب الحــب 
وأدين الفـقـره 
وطيـوف الجـدايـل 
حسيـن عــرش المـاي ..واحـلام الصـبه ..
وغبشة مطر بعـيونـه شايــل
 ).٢- مدلولات النص والواقع الماثل . 
اما الشاعر بهاء الركابي فقد اشتغل على ربط المضمون بالواقع وجودة الانتقال بمفرداته ضمن ثيمة نصية تعتمد الوحدة والتماسك