17 نوفمبر، 2024 11:37 م
Search
Close this search box.

الحسين ع إنسانية إخترقت حجب الأكوان البشرية

الحسين ع إنسانية إخترقت حجب الأكوان البشرية

في كل محطات حياته تلألأت إشعاعات أنواره الإنسانية تجاه من يكنون له البغض والضغينة والحقد الأسود فضلآ عن أحبته ومن أحاط به من أهل بيته وذويه وأصحابه ومن عرف قدره ومنزلته ، كهفآ وملاذآ ومعينآ للمظلومين وينبوعآ للعطاء الفكري وسورآ أمينآ للعقيدة ومنهلآ وضاءآ للهداية ومتراسآ للشجاعة وعنوانآ للحرية وبوابة للجهاد في سبيل الحق ونصرة الملهوف .
الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ضرب أسمى الأمثلة واروعها في إختزال النفس والذوبان في طاعة الخالق ورفع راية الجهاد ضد الباطل ومن يلوذ به ويدافع عنه ويحتمي بظلاله ولا تأخذه في الله لومة لائم مهما كانت الظروف المحيطة والنتائج المترتبة عليها ، ولكن تلك المسيرة الجهادية لم تتغافل لحظة عن النظرة الإنسانية والتعامل الإنساني والتمسك بالثوابت السماوية التي صدحت بها الرسالة المحمدية حتى وصلت في صفاتها حد الكمال . وما أحداث كربلاء وواقعة الطف إلا شمس ساطعة لهذه الخصال وهذه الصفات وكأنه سفر تاريخي عظيم تتصفحه عقول الناس وتراه ببصيرتها وتطأطأ له رؤوس البشر لتغرف من حناياه وتتوقف لتعتبر به ومن خلاله وتنهل منه رحيق الإنسانية .
مشاهد كربلاء التي دونتها كتب التاريخ والصور التي نقلتها عيون وأسماع من واكب الملحمة تجسد في معانيها كل مادونه السابقون والاحقون عن المفهوم الحقيقي للإنسانية .
مشهد جيش الحر بن يزيد الرياحي وقوامه 1000 فارس قدموا يجوبون منافذ الطرق التي سيمر بها ركب الحسين ع وأهل بيته وأصحابه لمحاصرتهم والقبض عليهم أو قتلهم ، أجهدهم عناء البحث والمسير ونال منهم التعب وعصف بهم هجير الصحراء ونفذ من قربهم ماء الحياة وأوشكوا على الهلاك أجمعهم هم والبهائم التي تحملهم وحانت لحظة التلاقي بين الجيش والركب والحر وجيشه في تلك الحالة المزرية ، فما كان من إمام الهدى إلا أن يبادر بروح المبادئ والقيم ويطلق العنان لقمة الأخلاق المتسامية والمثل الأنسانية الرفيعة ويأمر أصحابه وأخوته وأبناءه أن يسقوا القوم الماء ويرشفوا الخيل ترشيفا وكان هو المبادر معهم في التسابق والتسارع في إنقاذ القوم من الهلكة .. هذه وقفة
وأخرى في سوح الوغى عند تشابك الرماح وتقاطع السيوف وتخالف النبال ومصارع الرجال وقف أبا الأحرار وسيد الشهداء وأبي الضيم ناظرآ الى الجموع المتجحفلة لقتاله ، في تلك اللحظة إغرورقت عيناه بالدموع وتسيح على وجنتيه ولحيته فيقول له القائل :                     
ـ علام بكاؤك ياإبن رسول الله
ـ أبكي على هؤلاء القوم غرتهم الدنيا وسيدخلون النار بسبب قتلهم إياي.

أحدث المقالات