22 ديسمبر، 2024 10:12 م

الحسين ذِبحٌ عظيم

الحسين ذِبحٌ عظيم

الخلافة قضية عالقة منذ الامام علي (ع) تركها الحسن مفتوحة وأغلقها ابي عبد الله بدمه
يقرأ بعض المفسرين الاية الكريمة، التي تخص النبي إسماعيل.. عليه السلام “وفديناه بذِبحٍ عظيم” على أنها إشارة الى إستشهاد الامام الحسين.. عليه السلام، في واقعة “الطف” العام 61 للهجرة، دليلا على صلة الايمان الممتدة بين الازمنة والامكنة.. فالله واحد والتاريخ محوري، يدور حول نفسه، مكررا معطياته، بنماذج ووحدات تلائم كل عصر، لكن الروح واحدة عند الله رب العالمين.
وما تجدد معطيات العلاقة الربانية، بين الآب إبراهيم ونجله إسماعيل.. عليهما السلام، الا إنموذج لعلاقة الحسن والحسين، بتبعات قضية، ظلت عالقة، منذ إستشهاد أبيهما.. أمير المؤمنين علي.. بن أبي طالب.. عليهم السلام، تركها الحسن مفتوحة، وأغلقها الحسين بدمه.
 
زمن ملتبس
لذا تستوقفنا تلك الحادثة الأليمة أمام مسؤوليتنا بقراءة التاريخ، وفهم حكمته العميقة، لتنخذها موعظة كبرى في حياتنا الراهنة؛ بغية إنتشال ذواتنا مما أحاطها من أقدار ملتبسة، تداخلت من حولنا؛ فإلتصنا في إنتشال واقعنا منها.
نحتاج القدوة الحسنة، كي نعيد تشكيل مناهج الوعي، بما يمكننا من الخروج من تلاحق الازمات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تكبل الدول الراهنة.. سواء العراق أم غيره، ممن يعيشون ظروفا متشابهة.
إذن الامام الحسين.. عليه السلام، في واقعة “الطف” فنار هادٍ للسفن الموشكة على الغرق، وسط تلاطم الامواج، يمكن لأية أمة، في أي زمان أن تستفيد من حكمة إختيار الموت من بين إثنين، أحدهما العودة الى دياره معززا بالنجاة، بعد قبول البيعة في زمن منفلت.
فهل نقبل الان ان نبايع إنفلات المرحلة؟ هذا واحد من مجموعة أسئلة، تشكل مواقف عظمى على الانسان المعاصر ان يتأمل فيها؛ يؤسس لحياة مثلى، على الأصعدة كافة.. الدينية والشخصية والاجتماعية والسياسية.
 
الدين المعاملة
ولأن “الدين المعاملة” فالتأمل في تجربة الامام الحسين.. عليه السلام، في متسعات أطر “واقعة الطف” التي لا يحدها مكان ولا زمان، يجدها قضية أبعد أفقا في إمتدادها، من المعنى المحدد بإطار؛ لأن الدين الحق، قابل لحمل الحلول في الميادين الايمانية والمدنية معا، بما إستقى منه الحسين قوة المواجهة، بقلة من رجال وخلفه عياله، إزاء جيوش بالآلاف، يتعذر عدها.
ولكي لا نطيل البكاء، علينا التأمل في عطاء إستشهاد الحسين، ونستقي منه الحكمة الدينية، التي تقينا الوقوع في الأخطاء المدنية، وتوجد حلولا تكاد تكون سحرية؛ لأنها مؤسسة على طاقة بشرية كبرى، تقترب من السحر.
فسلام على ابي عبد الله الحسين.. يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.