22 ديسمبر، 2024 6:57 م

الحسين ذبيح الإنسانية

الحسين ذبيح الإنسانية

ما إن تعلن السماء بغمرتها الحمراء عن بدء أعظم جريمة ارتكبت على وجه الأرض حتى تضجُ مضاجع العالم بالسواد وترفع الرايات حزنًا على ما ارتكب في هذا اليوم المشؤوم، لا تكاد بقاع العالم ان تخلو من أسمٍ كان حين يصدح يعرف ان الظلم قد وقع وان الشر قد تأسس وقوى الظلام قد احتدمت واشتدت؛ أنه اسم “الحسين” ذبيح الطف.

كان دور الإمام الحسين عليه السلام دور القائم بأمور الناس واستمد هذا الدور العظيم من جده رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم والذي قال فيه “حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا” وقال أيضًا “إن لقتل الحسين حَرَارَةً في قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لا تَبْرُدُ أَبَداً ثُمَّ قَالَ عليه السلام بِأَبِي قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ قِيلَ وما قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ يَا ابْنَ رَسُولِ الله قََالَ : لا يَذْكُرُهُ مُؤْمِنٌ إِلاَّ بَكَى” وتوارد عن النبي الأكرم الكثير من الأقوال والاحاديث بحق حبيبه وحبيب الله الإمام الحسين عليه السلام.

ولهذا الدور المهم والكبير للإمام في ذلك العصر يحتم عليه ان ينبذ الظلم والاضطهاد وان يشرع الاسلام والإنسانية والدين الحنيف وإن لا يتوانا عن ردع الظلم والظالمين بعد ما استشرى آنذاك وانتشر في عصر حكم يزيد بن معاوية مما دعت الضرورة ان يخرج الإمام الحسين عليه السلام مطالبًا بالعدل والحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلًا ” إِنّى لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلا بَطَرًا، وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي، أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأَبي عَلِيّ بْنِ أَبي طالِب” من هنا جاءت دعوة الحق وكلمة الحق ليستنهض في نفوس المؤمنين المواليين لنبي الأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وفي الطرف الآخر من غرتمهم الدنيا وملذاتها والذي حالو دون الحسين ورسالته ودعوته ونسوا قول نبيهم وقرابته منه، راحوا ولعا وفرحا بدنانير يزيد والحكام ولعبت فيهم السياسة الدور الأكبر من الفساد الديني والإداري.

حتى عدت العدة لخروج الحسين عليه السلام وعياله جميعا بما فيهم النساء والأطفال سائرا من المدينة المنورة إلى كربلاء المقدسة وهو يردد أبياته قائلًا :

سأمضي فما في الموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقّــاً وجاهد مغرمــــــاً
وواسى الرجال الصالحيـــن بنفســــه * وفـارق مذموماً وخالف مُجرِمــــــاً
فإن عشت لم أندم وإن مت لـم ألَــم * كفى بك ذلّاً أن تعيش وترغمــــــا

كان خير مثالاً للإمام الواعظ القائم بالعدل المضحي والذائد عن حرم رسول الله؛ حتى وصلوا كربلاء وجحافل المقاتلين تشد وتتضاعف في جيش يزيد معلنةً عن وقوفها في وجه الحق مع الظلم والطغيان وجيوبهم ممتلئة بدنانير السياسة الماكرة.

تقرع طبول الحرب ويشتد القتال وتسطر أروع الملاحم والبطولات لأبناء علي بن أبي طالب عليهم السلام وال بيت النبوة، تغلبهم حينها غلبة العدد والغدر الذي مارسه جيش يزيد حتى وقعوا جميعهم على أرض كربلاء بين ذبيحا ومقطع لم يبقوا لهم باقية حتى النساء سبيت واقتيدت وهنَ نساء محمد وال محمد؛ سجلت حينها ابشع الجرائم وأكثرها عدوانيه صنفت بالجرائم السياسية وفي سابقة لم تلحقها او تسبقها مثيل، ومن ذلك الوقت إلى وقتنا هذا يقيم المؤمنين مأتم العزاء والحزن والحداد وفي جميع بقاع العالم.

كان للعراق الحصة الأكبر من الحداد لاحتواء أرضه على مرقد سيد الشهداء ابي الأحرار وأخيه مقطوع الكفين ابا الفضل عليهما السلام؛ وأبناء هذا البلد انتهجوا نهج الحسين عليه السلام في دروس الشجاعة والآباء والكرم المحمدي الأصيل بضيافة زوار مراقد شهداء الطف.