23 ديسمبر، 2024 2:00 ص

الحسين بين الأمس واليوم

الحسين بين الأمس واليوم

يمر التاريخ على كثير الأحداث ولا يقف عندها بقدر واقعة الطف، والتي تتجدد كل عام مع دخول العام الهجري الجديد.. فيتوشح الوسط والجنوب العراقي بالسواد، حزناً وتأسفاً على ما مر به سبط النبي الأكرم عليه وأله أفضل الصلوات..

يذكر المؤرخون الواقعة منذ خروج الامام الحسين يوم الثامن من موسم الحج والذي يصادف يوم التروية، خشية من إسالة دمه في أقدس بقعة في الارض، فمضى مبتعداً عن من يريد قتله صوب العراق، والدولة الاموية ستكون ضعيفة بوجود الحسين..

القوم أبناء القوم وسياسة آل ابي سفيان بُنيت على الدماء ونكالاً ببني هاشم لتشرفهم بالنبوّة صارت تقتل كل من يقف بوجهها، حتى لو كان أبن علي وفاطمة بنت النبي الأكرم (صلوات ربي وسلامه عليهم) .

حاول حُكّام نَجْدٍ والحجاز بكُل الطُرق والممكنات، أن يطمسوا أثر هذه الجذوة المتقدة منذ عام الواقعة ليومنا الحالي، فبائت كل المحاولات بالفشل، حيث أقدمت العصابات الوهابية على حين غرة، في العشرين من نيسان عام الف وثمان مائة واثنان ميلادي، على إجتياح المدينة قبل أن تعيث بها فساداً وتخرّب المراقد المقدسة وتنهبها، وإستباحت الدماء وأبنائها والأموال، مرتكبةً مجزرةٍ إهتزَ لها ضمير العالمُ الإسلامي والإنسانية جمعاء .

أوغل ال سعود في قتل أهالي المدينة المقدسة، حتى الشيوخ والنساء والأطفال لم يسلموا من الحقد الوهابي الأعمى، وقد قدر عدد الضحايا بين الفين الى خمسة آلاف شخصا.. ثم إستباحوا المرقد الشريف وهدموا القُبّة الموضوعة، وسرقوا العديد من النفائس والمجوهرات، والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والشمعدانات، وقلعوا حتى الأبواب المرّصعة بالأحجار الكريمة.. وإستمر الهجوم لمدة ثماني ساعات، ثم خرجوا منها قرب الظهر، ونقلوا ما سرقوه على أكثر من أربعة آلاف جمل .

أمّا في تاريخنا الحديث خاصة بعد عام الفين وثلاثة دخل للعراق من السعودية وحدها، ما يقارب الخمسة آلآف إنتحاري، ليفجروا أنفسهم في المناطق الشيعية حصراً بغضا بالثورة الحسينية، موقعة عشرات العراقيين بين شهيد وجريح، نتيجة الحقد الاعمى الذي أعمى بصائرهم .

الشعار الذي بقي يؤرق المعادين لثورة الحسين ( لم اخرج أشراً ولا بطراُ ولا مفسداً ولا ظالما، ولكن خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أُمرتْ أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن ابي طالب) والتي يقتدي بها مفجرو ثورات العالم، الذين نهلوا منها الحكمة والصبر والأخلاق والقيم الإنسانية، إستطاعوا أن ينتصروا وغاندي أحد أُولئك .

بعد كل الأحداث التي مرت عبر التاريخ، ومحاولاتهم المستمر لتشوبه ثورة الحسين ومحاولة التشويش عليها، لم يستطيعوا تغيير ولو لجملة واحدة حتى من التي القاها على القوم، أو بكائه عليهم لانهم سيدخلون النار بسببه، أو بطولات أل بيته وأصحابه.. فأستبدلوا وحرفوا كتب التاريخ وزوروا ووضعوا أحاديث تذكر محاسن كاذبة لدولة بني آمية.. ولكن دون جدوى..

بقيت الثورة الحسينية نبراسا وقدوة تستنير بها الأمم. ويتخذها الأحرار منهاجا لهم يتبعون مباديء قائدها، في الثبات والصبر والتضحية.