كثيراً ما نسمع في الزيارات والمجالس أن الحسين (عليه السلام) هو رحمة الله الواسعة وباب نجاة الأمة، وأول ما قد يتبادر إلى الذهن أن الإمام الحسين (عليه السلام) هو شفيع هذه الأمة ومنقذها من النار لوجود الروايات التي تشير إلى هذا المعنى، ومنها ما ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله (… فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء يحطّ الذنوب العظام …) إلى غيرها من الروايات.
وهناك معنى آخر تطرق له البعض، وهو نصيحة الإمام (عليه السلام) لمن لم ينصره ولم يكن ضده، أي الذين وقفوا على الحياد، حيث كانت نصيحة الإمام (عليه السلام) لهم أن يبتعدوا عن ساحة المعركة كي لا يسمعوا واعيتهم لأن من سمع واعيتهم ولم ينصرهم فقد أكبه الله على منخريه في النار، وهنا ينصحهم الإمام بالابتعاد عن ساحة المعركة رأفة بهم وعطفاً عليهم .
وأيضاً ممكن اعتبار بكاء الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء على أعدائه الذين قاتلوه من هذا القبيل إذا صح النقل في هذا المجال.
لكن نحن هنا نريد أن نلج وندخل في معنى آخر نعتقد أنه مهم أو أنه الأكثر أهمية من غيره من المعاني والمقاصد وهو أن الرحمة الإلهية التي تحققت بخروج الإمام الحسين (عليه السلام) تكون مشروطة على تفاعل الأمة معها، وعندها تكون كربلاء باب نجاة الأمة، أي بمعنى آخر أن هذه الرحمة الإلهية يُشترط لتحقق آثارها على الأمة والتنعم بها أن تسير الأمة على النهج الذي خطه لها الإمام الحسين (عليه السلام) في مقارعة الظالمين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإذا فعلت ذلك مقتدية بالإمام فإنها سوف تجني ثمار عملها وسيرها على طريق الإمام وبذلك سوف يكون الإمام الحسين (عليه السلام) باب النجاة لهذه الأمة.
أما إذا تخاذلت الأمة وبقيت على خنوعها وموقفها المتخاذل في مواجهة الظلم وركونها لأهل الباطل ورضاها بالمنكر فإنها لن تكون مستحقة للرحمة الإلهية لأنها سارت بطريق يخالف طريق الإمام الحسين (عليه السلام)، وليس من المنطقي أن تنزل الرحمة الإلهية على من يخالف المنهج الحسيني، وهو المنهج الذي ارتضاه الله لعباده الصالحين لكي يعمروا الأرض ويشيع الأمن والسلام والخير بين الناس، وكان القربان في سبيل هذه الغاية الإلهية السامية هو التضحية بالإمام الحسين (عليه السلام) وبأهل بيته وأصحابه.
ويقول احد العلماء ناصحاً للأمة مشيراً لهذا المعنى (… لنسأل أنفسنا : هل نحن حسينيون ؟ هل نحن محمدّيون؟ هل نحن مسلمون رساليون؟ ولنسأل أنفسنا :هل نحن في جهل وظلام وغرور وغباء وضلال؟ أو نحن في وعي وفطنة وذكاء وعلم ونور وهداية وإيمان؟
إذن لنكن صادقين في نيل رضا الإله رب العالمين وجنة النعيم ، ولنكن صادقين في حب الحسين وجدّه الأمين (عليهما وآلهما الصلاة والسلام والتكريم) بالإتباع والعمل وفق وطبق الغاية والهدف الذي خرج لتحقيقه الحسين (عليه السلام) وضحّى من أجله بصحبه وعياله ونفسه ، انه الإصلاح ، الإصلاح في أمة جدِّ الحسين الرسول الكريم (عليه وآله الصلاة والسلام)).
وعلى هذا فإن الإمام الحسين (عليه السلام) ليس حائط مبكانا كما يفعل اليهود، بل هو قائد مسيرتنا نحو التحرر والعزة والكرامة ، والدمعة التي تراق لأجله يجب أن يصاحبها وعي بأهداف الحسين لتحقيقها.