كتب الاستاذ حسين عبد الزهرة مقالا بعنوان (ليس بيزيد ، ولا بقومه يحيا الانسان) .. ومن لايعرف الاستاذ حسين فهو استاذ ادب انكليزي في جامعة البصرة.. هذا يعني اننا سنتحاور حوارا معرفيا..واشكالية المتعاطين بالثقافة والمعرفة انهم يفتقدون الى الدرس الاول في الحوار والنقاش والكتابة والذي يعتمد على القانون المؤسس للاستقراء المنطقي لدى ارسطو وهو (المقدمات الصحيحة تؤدي الى نتائج صحيحة وبالعكس)،لذلك تقود المقدمات الخاطئة لدى المتعاطين في الشأن الحواري والكتابي الى نتائج استقرائية واستباط خاطئ.. ومنهم الاستاذ حسين عبد الزهرة في مقاله المذكور.وبدءا بالعنوان فانه قام بالتناص مع مقولة مشهورة ( ليس بالخبز وحده يحيا الانسان) وهذه حسنة من حسنات الكتابة .. لكنه يدخل بمدخل بديهي جدا ويقول ..(في تأريخ البشرية أحداثٌ ووقائع تسبق الزمان الذي وقعت فيه).. ولعل خاصية ظهور العباقرة والمفكرين والمبدعين والثوار.. الخ انهم يسبقون زمانهم لانهم يمتلكون خاصية الاستشراف والاستشراق ..ثم ينتقل الى المقدمات الخاطئة التي قادته الى نتائج خاطئة وهي :ـ
1 ـ يقرأ الاستاذ حسن الوقائع قراءة مادية ويضرب مثال بوذا واعطي اسمه ( السدهارتا غوتاما ولم يخبرنا بالمعنى للاسم الذي هو( صاحب الهدف المحقق)( اعادني الى روايات هرمان هسه منها ذئب البراري وسدهارتا وكينلوب والى تعاليم بوذا) ..ثم يساويه بذات الزاوية والدرجة والاتجاه مع المسيح بن مريم ع وبعدها ينتقل الى الحسين ع واخيرا ينتقل الى جيفارا.. ان نماذجه التي ضربها ضمن المقدمات الخاطئة / حيث يختلف كل واحد من حيث الرسالة ونوعها ومرجعيتها وتأثيرها.. ان بوذا كان يبحث عن خلاصه الذاتي الشخصي لكن تحول الى نبي لدى طائفة البوذيين وتأثروا بافكاره..انه من نمط مايسميه ماركس بـ(الانسلاخ الطبقي).وهذه حدثت ايضا حين تحول العديد من البرجوازيين الى تبني افكار ماركس الداعية الى سلطة البروليتاريا،لكن بوذا دون انسلاخه على شكل بحث ذاتي عن خلاص وكذلك الحال مع زرادشت..اما السيد المسيح فهو وليد معجزة ومرسل بمعجزة ( وهذا مايؤمن به الماديون والميتافيزيقيون معا).. أي انه ولد من امرأة باكر لم تتزوج (الا اذا اتهمتها بالزنا). أي ان ولادته بمعجزة وكلامه في المهد معجزة (ان كنت تؤمن بذلك).. واستمرت المعجزات مصاحبة للرسالة اليسوعية.. اما الحسين فهو واقع مجسد مصحوب بقرار وتسديد ومد وهدف الهي.. أي انه ليس نبيا لكنه وريث نبي ومنفذ لأمر الهي .. واخيرا يأتي جيفارا فهو متأثر برسالة دنيوية رفض القوانين الماركسية الاصلية وذهب الى الكفاح المسلح ،وهنالك الكثير ممن يشبهه عبر التاريخ واكثر منه اسطورية ..هنا يمكن ان نرى بين الاربع امثلة ثمة تناقضات وتفاوت،وجاء الجمع يحمل جينات العشوائي المتناقض.ولايمكن الجمع والمقارنة بين متناقضات حتى لو كان بخاصية فداء الروح من اجل الآخر لانه سينطبق عليه القانون الماركسي الثالث صراع الاضداد ،ولاينطبق عليه القانون الهيغيلي وحدة الاضداد ..
2 ـ تشكلت ذاكرة جمعية واتباع لكل من المسيح ع والحسين ع وبوذا وجيفارا بدرجة اقل.. وصاحب حركة هؤلاء الاتباع ممارسات خاطئة.. البوذيون الذين تأثروا بفكى بوذا في التسامح والمحبة مارسوا ويمارسون في (مينمار) حاليا اكبر مجزرة واكبر عملية تهجير .. فهل منعتهم تعاليم بوذا من ان يقتلوا ويحرقوا ويهجروا.. وهل الخلل في تعاليم بوذا؟ اترك الجواب لك.. كما مارس المسيحيون في العصور الوسطى الكثير من المجازر والقتل بتهم الهرطقة كما فسق وطغى القساوسة ومارسوا الثراء الفاحش عبر صكوك الغفران.ومايزال الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت في بريطانيا مشتعلا .. فهل كان الخلل بتعاليم السيد المسيح ؟ اترك الجواب لك.. مارس اتباع جيفارا الكثير من المجازر بأسم الشرعية الثورية وخاصة بعد سيطرة كاسترو على كوبا،كما انه يرفض الكوبي الآخر المختلف فكريا ، فهل هو ما آمن به جيفارا وفدى نفسه من اجله؟..اما الحسين الشهيد فله محبين وزوار ومورس ضدهم كل الاضطهاد والتقتيل عبر التاريخ واتيح لهم الآن ممارسة الزيارة شبه الآمنة .. فلماذا نعيب على بعض الممارسات ونعتبرها سبة ضد التشيع وضد منهج الحسين الشهيد.زنقول ان ثورة الحسين لم تستنهض النفوس للتغيير. لماذا لاننظر لها بذات القانون الماركسي الذي تؤمن به ونقول ( التراكم الكمي يقود الى المتغير النوعي).. والتراكم الكمي للممارسة الشعائرية سيقود حتما ( ضمن الحتمية المادية ) الى التشذيب الذاتي ونبذ الممارسات الخاطئة عبر تراكم كمي للطقوس سيخلق النوع الطقسي والفكري والسلوكي الحقيقي ويزيل الغبار عن الجوهرالطقسي..وعبر التاريخ نعرف ان الكثير من الادعياء والعوام والمنافقين يصاحبون الحركات الكبرى للتغيير، وهذا ماحدث مع تجربة الصعود البلشفي في الاتحاد السوفيتي وايضا مع يهوذا الاسخريوطي الذي خان المسيح وهو من حوارييه وكذلك السامري مع النبي موسى، فلماذا تعيب وتنسف ثورة الحسين،لان العوام والمنافقين قد تسلل اليهم الخلل او مارسوه؟..ان ثورة الحسين ثورة كوزموبوليتية وانت تعرف ذلك جيدا، وان الحسين بطل كوزموبوليتي قد الهم الكثير من المفكرين والثوار.. انه هوية اصلية فلماذا نبحث عن هويات الآخر الشاحبة لنلبسها .. الهويات تنبع من الجعرافية فلماذا نستورد هويات من جغرافيات اخرى.. الآخر لديه ازمة هوية بينما نحن نمتلك الهوية التي نتفاخر بها ..عملت وتعمل اوربا وامريكا على الترويج لرموز اسطورية وتاريخية لخلق التفوق الحضاري الدعائي وكمثال ترويجهم لفيلم 300(ويمكن ان تشاهده لتعرف حجم الترويج)،بينما نحن نستنكف من البطل الكوني الذي نمتلكه لان بعض الطقوس لاتعجبنا!!!..واعيد لك قول المفكر المسيحي انطوان بارا( لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية،ولأقمنا له في كل أرض منبر،ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين)..لقد حدثتك يااستاذ حسين عبد الزهرة بحوار معرفي عسى ان اكون قدمت خدمة معرفية قد تكون انت قد وقفت في زاوية نظر لم تتح لك رؤية المشهد في العمق..نحن بحاجة الى بحث اركيلوجي في مسائل عديدة منها اشكالية الهويات وصراعها ..نذهب الى اركيلوجيا الموروث كي نجيب على العديد من الاسئلة ونصحح ..ان اللوم لاينفع والاستهزاء والسخرية والانتقاص لاينفع.نحن بحاجة الى حوارات المكاشفة ، بحاجة الى الحوارات المعمقة من اجل حاضرنا ومستقبل الاجيال ونرمي غبار وعاظ السلاطين ووعاظ الايدلوجيا ومروجي القتل والتكفير.. وللحوار المعرفي بقية ان اردت ..
[email protected]