17 نوفمبر، 2024 2:46 م
Search
Close this search box.

الحسينُ رائدُ العروج المُقدَّس نحو المعشوق الأقدس

الحسينُ رائدُ العروج المُقدَّس نحو المعشوق الأقدس

الحُبُّ والعشقُ هو الذي يُحرِّك العاشقَ نحو المحبوب والمعشوق…

وقف في عرفات ليختلي بمعشوقه… فراح يناجيه بأعذب الكلمات، وأنقى الحروف، وأسمى المعاني تليق بحضرة المعشوق…كلماتٌ تجسَّدت في سلوكِ ومواقفَ العاشق فأضاء الدنيا بنوره الذي لا ينطفئ…

دخل الى حياض المحبة والعشق.. رَفع رأسه وبصره إلى السماء وعيناه تمطر دموع العشق، وراح يناجي معشوقه، فقال:« إِلهِي تَرَدُّدي فِي الآثارِ يُوجِبُ بُعْدَ المَزارِ فاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ…»، فكانت الخدمة التي توصل العاشق الى معشوقه هي الشهادة… هي الدماء…وبذل المُهج دون المعشوق الأقدس…

يستمر العاشق بالمناجاة فيقول: « عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقِيباً وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلَ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً »،فكانت صفقة العاشق مع المعشوق هي الحُبُّ والعشقُ لا غير… ليخط للأجيال بدمه الصورة المُثلى للصفقة الرابحة…

وقال:« لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوَّلاً…»، لم يرضَ العاشق ببديل دون المعشوق الأوحد…لذلك قال:« مثلي لا يبايع مثله» ليخطَّ بدمه المنهج العلمي الشرعي الأخلاقي للبيعة…،

ولأنَّ العاشق المعصوم كان يرى أنَّ الوجود الحقيقي هو المعشوق الأوحد… فمن وَجَدَه وَجَدَ كلَّ شيء، ومن فقده فقد كلَّ شيء… لذلك عبر عن تلك المعرفة النورانية بقوله: « الهي ماذا وَجَد مَن فَقدَك وما الذي فقد من وجدك…؟!!!».

بهذه الروح العاشقة قرَّر الحسينُ العاشقُ العروج الى معشوقه الأوحد…إنَّه عروجُ الدم الناطق… عروجُ النحر الذبيح… عروجُ الرأس القطيع…عروجُ الشيب الخضيب… عروجُ التضحية والفداء والعطاء…عروجُ الشهادة المُقدَّس…

عَرَجَ العاشق المعصوم وهو يُرتل آيات العشق المقدس: « هَوَّنَ ما نزل بي أنَّه بعين الله »، إنَّها رسالة العاشق المعصوم الى العاشقين: كلُّ شيء يهون ما دام في عين الله والفكر والأخلاق والإنسانية… ورتَّل قائلًا: « رضًا برضاك لا معبود سواك »، إنَّها صرخة هذا العاشق: لا لكل ألوان العبودية الا العبودية لله… لأنها تعني عند العاشق المعصوم: الحريَّة… تعني الفكر… تعني الأخلاق… تعني الإنسانية…تعني السلام…

والآن… ماهي ثمار هذا العروج العاشق المُكَلَّل بالدماء الطاهرة والأنفس الزاكية…؟

الاستاذ المُعلم يبين لنا ذلك بقوله: « أصبحت ثورة الحسين ونهضته وتضحيته هي الهدف والغاية التي ملكت القلوب، وصُـهرت أمامهـا النفـوس فانقادت لها بشوق ولهفة حاملة الأرواح على الأكفّ راغبة في رضا الله تعالى لنصرة أوليائه وتحقيق الأهـداف الإلهيـة الرسالية الخالدة…».

إذن الحسين ونهضته الخالدة صارت هدفًا أسمى وغايةً أنبل جذبت القلوب الواعية وذابت فيها النفوس الأبية فحملت ارواحها على اكفها لتقدمها قربانًا لله في نصرة المصلحين وتحقيق الاهداف الإلهية التي خرج وضحى من أجلها الحسين العاشق…

الحسينُ… علمٌ…تقوى… وسطيةٌ… أخلاقٌ…

الحُسينُ… شَهيدُ الله… وشُعاعُ نورِه الذي يُبدِّدُ الظُلمات..

الحُسينُ… شَهيدُ الفِكر… شَهيدُ الاعتدال… شَهيدُ الأخلاق… شَهيدُ الإنسانية…

شُبِّه لَهم أنَّهم قَتلوا الحُسينَ… فَلَمْ يُدرِكوا أنَّ الله رَفعه ليكون قِبلةَ العاشقين، ومُلهِمَ الأحرار، وأنيسَ المظلومين.

أحدث المقالات