منذ بدء عمليات الكيان الصهيوني البرية في الرد على التحرك العسكري لكتائب عز الدين القسام في معركة “طوفان الأقصى” والمحلّل العسكري اللواء فايز الدويري يسيطر على المشهد الإعلامي.
وبدأ أسم الرجل يتداول بكثرة في وسائل التواصل الاجتماعي، وباتت مقاطع الفديو الخاصة به إحدى الوسائط التي تنتقل من هذا الهاتف لذاك بكثر، وتصاعدت سمعة الرجل حتى ظهر أحد مقاتلي القسّام في مشهد دراماتيكي وأثناء تنفيذه لهجوم على إحدى عجلات الكيان الصهيوني منادياً بإسم الرجل “حلّل يا دويري”.
وبطبيعة الحال فإن تحليلات الدويري كانت تتزامن مع تحرّك برّي متعثّر لجيش الكيان الصهيوني في غزة، لتسيطر قناة الجزيرة على المشهد الإعلامي القادم من هناك لاسيما وأن عيون الشعوب تراقب الحدث بحثاً عن بصيص أمل في هذه المواجهة غير المتكافئة، فكان الدويري بتحليلاته المتفائلة والتي برغم حجم المأساة الإنسانية في غزة تعطي أنطباعاً بأن الحرب تجري بسياق لا يعكس التوازن العسكري بين الطرفين وأن مقاتلي القسّام قادرون على إحداث المعجزة.
هنا وفي هذه اللحظة كان الإعلام المقابل يعاني كساداً وتراجعاً في عدد متابعيه، وبات جمهوره –المعارض لمعركة طوفان الأقصى- حائراً يبحث عن منفذاً أو آلية ً لنقل وجهة نظره وموقفه لمدة ليست بالقليلة… حتى جاءه الفرج.
أرتبط المشهد ببداية التحرّك البري الصهيوني في جنوب لبنان والذي أدخل حزب الله اللبناني ضمن دائرة المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني، وهنا برز إلى الواجهة محمد علي الحسيني على قناة العربية، وهو وجه قديم جديد بعمامة سوداء ولهجة لبنانية تصرّح بمعلومات أقرب إلى الاستخباراتية بنبرة غاية في الإثارة.
طبعاً هذه المعلومات بلا مصادر معلومة لكنها تطرح بطريقة وسياق وتوقيت غاية في الحساسية، الأمر الذي يمنحها دفعة على المستوى الإعلامي وجواز مرور بلا توقف بين صفحات منصات التواصل الاجتماعي..
وما أعطى تلك التصريحات أهميّة أن بعضها تحقّق بالفعل بعد وقت يسير، كما في التنبؤ باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين.
وبكل تأكيد كان لتلك التصريحات طريقة خاصة في إلقائها تعتمد تهييج المشاعر وإثارة العقول والقلوب، وظلت كلمات الحسيني التي وجهها للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله: “أجمع شملك وأعهد عهدك واكتب وصيتك فمن اشتراك باعك اليوم”.
بعدها ظهر الحسيني مخاطباً أبو عبيدة الناطق العسكري لكتائب عز الدين القسام بإن القناع قد سقط وأن مكانه اليوم معلوم، ناصحاً إياه بالهرب إلى مصر.
محمد علي الحسيني – الذي يظهر ناطقاً بإسم المجلس الإسلامي العربي والذي لا يمتلك وجوداً حقيقياً إلاّ على الإنترنت ولا يعرف له أعضاء إلاّ السيد محمد الحسيني نفسه- دائماً ما يستخدم الجمل المبتورة في حديثه ولا يعطي معلومات كاملة عن أي حادثة أو واقعة لإعطاءها مزيداً من الإثارة، بالتالي هو لا يكشف مصدر معلوماته كما أنه دائماً ما يتحدث بضمير المتكلم للجماعة (نحن) دون أن يكشف من هم؟
هنا أضحى المشاهد بين نوعين أو لنقل نمطين إعلاميين لطالما تنافسا وسيبقيان محل تنافس للظفر بالنسب الأعلى للمتابعة، أولهما هو الإعلام المنضبط إلى حدٍ ما بسياقات العمل الإعلامي* والآخر الذي يعتمد الإثارة منطلقاً له في تغطياته الإعلامية، وبطبيعة الحال فإن قراءات التاريخ تكشف أن منطق الإثارة يظل الأكثر جذباً للمتابع لكن هذه النتائج تبقى على المدى القصير لكنها لا تستمر كذلك في ظل وجود إعلام يجتهد للوصول إلى درجة من الموضوعية وإن كانت بمستوى بسيط.
* لا نقصد هنا الملائكية في الطرح، ولكنه على الأقل يلتزم بالقواعد المهنية في الصياغة والنقل الإعلامي