18 نوفمبر، 2024 12:53 ص
Search
Close this search box.

الحسم الامني خيار الساسة  الفاشلين

الحسم الامني خيار الساسة  الفاشلين

ان مطالب المتظاهرين بالحرية والعدالة، قوتها  تكمن في الاتزان والرشد الذي أبدته مكوناتها المجتمعية والتي ما تزال تتوشّح بالثبات على مواقفها رغم الضغط والحرب الشرسة عليها، مما يضعف موقف الحكومة وهي تحاول اللجوء إلى العنف ، وهو ضعف العرض السياسي الذي يقدمه للخروج من الأزمة القائمة، يقع أصحاب القرار السياسي والأمني في العراق عند رؤيتهم الميدانيه لخيار الحسم الأمني بين حسابين ، فهم من جهة يريدون عملا أمنيا حاسما لا إبطاء فيه، ينهي الاحتجاجات ويسكت الأفواه ويوقف زحف الشارع، لتحافظ الدولة على هيبتها وقوة الردع على جدواها. ومن جهة ثانية يريدون قمعا “مُتَحكَّما فيه”، داعيهم في ذلك حرص شديد على عدم الوصول إلى “نقطة اللاعودة”، والتي تعني تلك الشرارة التي قد تنعطف معها الاحتجاجات نحو ثورة أعلى سقفا وأقوى زخما، وذلك حين يقتل عددا من المتظاهرين وفي تدخل هنا أو هناك وهذا ما حصل بالفلوجه والموصل يوم امس واحتمال ان تقع بأماكن اخرى.
اذا كانت الحكومه قد اتخذت قراربانتهاج الخيار الأمني، فما الدواعي بتاجيله إلى هذا اليوم؟ أهو طول نفس وفتح مجال للحرية لا يمكنه أن يتسع إلى ما لا نهاية؟ هل ان خيار الحسم الامني سالك أمام الحكومه ؟ أم إنه يقع تحت ضغوط سياسية عديدة ومزالق ميدانية واردة يجعله مرًّا ، وطريقا غير واضح الأفق، ومعادلة غير مضمونة النتائج؟ هذا ناهيك عما تجلبه الآلة القمعية التي تديرها الحكومه من سخط المنظمات الحقوقية الدولية وعزلة رسمية دولية وإقليمية لا يستهان بها، وان يضع الأجهزة الأمنية السرية والعلنية تحت المراقبة والمحاسبة الدوليه واحالة المغامرين منهم الى محاكم دولية؟
أليس خيار الحسم الأمني الذي ينتهج في كثير من الدول العربية دون أن يُسكت صوتا أو يُهَدِّئ شارعا؟ ما الذي يجعله ناجعا هنا في العراق بعد أن فشل في كل بقاع الارض؟ وهل يمكن لخيار مرفوض دوليا وغير مؤثر داخليا أن يحسم معركة التغيير السياسي لصالح النظام؟ ألا يمكن أن يكون الحسم الأمني، المبني بالضرورة على الإفراط في استعمال الآلة القمعية، سببا في انعطاف الأحداث نحو اتجاه وحراك أكثر شراسه، ومدخلا إلى رفع سقف المطالب ، او تدخل اممي لاسيما ان العراق لايزال تحت البند السابع.
ممكن ان تختار “المجموعة السياسيه الحاكمه”، بعد عُسْر شديد في حساب كل تلك التعقيدات التي أشرنا إلى بعضها انفا، طبيعة وحجم ونوع ومدى وأدوات “الحسم الأمني” المتحكم فيه، ولكن “القوات الامنيه المتعدده والمتشعبة”، وهي تنزل إلى تفاصيل الميدان المرن والمتحرك وغير المتحكم فيه، قد تدخله بـ”ضربة قاتلة” إلى مرحلة ما بعد “نقطة اللاعودة”، وهي المرحلة المخيفة للنظام أكثر من أي طرف، المفتوحة على المجهول لطرف والمعلوم لطرف، وهي المنزلقات التي يمكن للنظام السياسي تلافي تبعاتها الخطيرة بالاستماع لصوت الشعب وصوت العقل وصوت الديمقراطية قبل فوات الأوان.
ان الوقوف بوجهه”الاستبداد المبرقع بالديمقراطيه” أصعب بكثير من مواجهة الاستبداد المباشر للأنظمة الشمولية، فواحدة من أهم ميزات التي تجعل الحكومه الحاليه بموقف لاتحسد عليه ، إسقاط صفة الديمقراطية بشكل قاطع من هويه الحكومه، واخيرا ان الخيار الأمني بين فكَّي كماشة.. السياسة الفاشله من جهه والميدان ذات الحراك الشعبي من جهه اخرى.
[email protected]

أحدث المقالات