18 ديسمبر، 2024 7:50 م

الحسبة .. على ناس وناس !!

الحسبة .. على ناس وناس !!

الحسبة هي مجموعة من الأشخاص يقومون بمحاسبة الناس على أي تصرف يرونه خارج عن الشريعة الإسلامية بحسب ما يراها ابن تيمية وأتباعه حيث جعلوا عنوان الحسبة هو العنوان الأكثر شمولية من ” الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ” وقد تأولوا على رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وعلى الخلفاء والصحابة رضوان الله عليهم بهذا الأمر وذلك من خلال جعل الحسبة تقوم بمعاقبة الناس وضربهم وجلدهم عند ارتكابهم أي خطأ ويقول التيمية هذا من سنة النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” والتأويل الآخر هو بتغير عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى عنوان الحسبة, وعندهم الحسبة هي بأمر الحاكم – ولي الأمر – حيث يكلف مجموعة من الأشخاص بمحاسبة الناس على أخطائهم !!!.
وهذا الأمر ليس بجديد على الدواعش التيمية فهم من شرعن لتك القضية لما فيها من منصب دنيوي وكذلك فيها مداراة وتغطية على قبائح أفعالهم, حيث جعلوا منها منصباً يشغله أحد أئمتهم وشيوخهم ويأخذ من الحاكم كل ما يحتاجه من ” الأموال والأعوان والمساعدات والوسائل اللازمة ” وكأن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” شكل مثل هذه اللجان !! وقد شرعن التيمية لهذه القضية بشتى الطرق والوسائل وألّفوا الكتب والمجلدات من أجل أن يشرعنوها، منها كتاب الحسبة لابن تيمية, لذا نجد أن دواعش اليوم يؤكدون على عنوان ومنصب الحسبة التي عانى ما عانى منها أهلنا في الموصل والانبار وصلاح الدين وديالى ومناطق حزام بغداد, فالحسبة لم تكن من بنات أفكار الدواعش بل لها جذور تاريخية مشرعنة كما يذكر ذلك ابن كثير في كتاب البداية والنهاية, حيث يقول ((وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ الْخَلِيفَةِ وَاقِفُ الْجَوْزِيَّةِ بِدِمَشْقَ أستاذ دار الخلافة مُحْيِي الدِّين يُوسُفُ بْنُ الشَّيخ جَمَالِ الدِّين أَبِي الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، وَنَشَأَ شَابًّا حَسَنًا، وَحِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَعَظَ في موضعه فأحسن وأجاد وأفاد، ثم لم يزل متقدماً في مناصب الدنيا، فولي حِسبة بغداد، وولي أستاذ دار الخلافة، وكان رسولاً للملوك من بني أيوب وغيرهم من جهة الخلفاء، وانتصب ابنه عبد الرحمن مكانه للحِسْبة والوعظ، ثُمَّ كَانَتِ الْحِسْبَةُ تَتَنَقَّلُ فِي بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ عبد الرحمن، وعبد الله، وعبد الْكَرِيمِ. وَقَدْ قُتِلُوا مَعَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ )) وكما يقول المرجع الصرخي في المحاضرة الأربعين من بحث وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ((الحِسْبة الحِسبة الحسْبة!! من هنا نرى داعش المارقة يؤكّدون على الحِسْبة والحِسْبة والحِسْبة، فلهم أساس تيميّ متجذّر وملازم للإرهاب والتكفير )) …
كما نلاحظ إن منصب الحسبة هو من مناصب الدنيا كما وصفها ابن كثير وقد استغل بها ابن الجوزي وأبنائه, لكن الغريب بالأمر إن الحسبة لم نسمع بها قد طبقت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الخليفة عندما كان يراقص النساء ويلاعبهن في القصر وعندما يقيم ويحيي الليالي الحمراء والرقص والمجون فإين ذهب ابن الجوزي وإين ذهب أبنائه وأين ذهبت لجان الحسبة ؟! وهذا الأمر يذكرني بخبر نشرته قناة أعماق التابعة لتنظيم داعش, حيث نشرت صوراً للجان الحسبة وهي تجلد احد شباب الموصل لأنه يرتدي بنطالاً من الجينز والغريب بالأمر كان الذي ينفذ الحد يرتدي بنطالاً من الجينز أيضاً !!.
فالحسبة عند الدواعش التيمية وعلى كل من سار على نهجهم هي تطبق على الناس البسطاء من أجل التغطية على قبائحهم وجرائمهم وفسادهم وكذلك جعلوا منها منصباً من أجل الأموال التسلط على الناس وإرهابهم وتخويفهم ولينفروا الناس من الإسلام, فحسبتهم تطبق ” على ناس وناس ” فهي لم تحارب رذائل الخليفة العباسي الذي يصفه ابن كثير وابن الأثير وكل من كتب عنه بأنه إشتغل بالشهوات !!.