23 ديسمبر، 2024 9:43 ص

الحزم: هدوء العاصفة او ثورة البركان

الحزم: هدوء العاصفة او ثورة البركان

لم يكن اكثر المتفائلين ولا اشد المتشائمين يتوقع ان يتكون تحالف من عشر دول تقوده السعودية لمهاجمة ميليشيا الحوثي في اليمن, وايقاف الهيمنة الايرانية التي امتدت من شمال الجزيرة العربية في العراق والشام الى جنوبها حيث اليمن المطلة على واحد من اهم الممرات البحرية وهو مضيق باب المندب .

 

عاصفة الحزم وان جاءت في وقت متأخر كما يراها البعض الا انها تحمل الكثير من الدلالات, فقد ضربت العاصفة الغرور الايراني في مقتل, فعنجهية الولي الفقيه واستهتار اتباعه في اليمن وحتى في العراق ولبنان وسوريا اعماهم عن النظر ابعد من انوفهم, فلم يتوقعوا ردة الفعل هذه من دول الخليج اضافة الى مصر والاردن والمغرب والسودان, وهذا الاخير كان يوصف بانه حليف ايران لكن فضائع ايران او غبائها باستعداء اكثر من مليار مسلم لم تترك لها حليفا, بل حتى باكستان الدولة النووية البعيدة عن احداث المنطقة اصطفت مع التحالف العشري وهي تسمع التهديدات الايرانية لبلاد الحرمين (مكة والمدينة), في حين نرى ان تركيا التي حافظت على نوع من الدفئ في علاقاتها مع ايران, ضاقت ذرعا بالغطرسة الايرانية واعربت عن استعدادها لدعم العمليات العسكرية لوجستيا.

 

لا شك ان الهدف المعلن من عاصفة الحزم هو اعادة الشرعية الى اليمن بدعم الرئيس هادي وايقاف الصلف الحوثي المتمدد, وتصحيح الخطأ السابق بدعم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح, اما الاهداف الخفية فهي كثيرة منها ايقاف الزحف الفارسي بما قد ينعكس مستقبلا على الوضع في سوريا والعراق, وترك الاعتماد على البارجة الامريكية, واعادة التوازن الى المنطقة, وهو الدور الذي كان يقوم به العراق قبل 2003, مع الاخذ بنظر الاعتبار ان التحالف يمكن ان يصنف على انه الموقف العربي الابرز منذ حرب 1973.

 

العاصفة هذه وجدت ترحيبا من غالبية العالم الاسلامي شعوبا وحكومات, سوى تلك التي تدور في الفلك الايراني, والموقف العراقي الذي ظهر على لسان وزير الخارجية ابراهيم الجعفري فهمه البعض على انه جاء متماهيا مع الموقف الايراني لاسباب لم تعد خافية على احد, فتعقيدات المشهد العراقي تجعل موقف ساسة العراق متناقضا بين الدعوة الى حل سلمي في اليمن ورفض غارات التحالف العربي, وبين الالحاح على التحالف الدولي لمساندة العراق في ضرب تنظيم الدولة, وتحرير تكريت ما كان له ان يحصل لولا الضربات الجوية بعد فشل ايران في تحقيق تقدم في المدينة الصغيرة فيما يشبه الفضيحة في الاعراف العسكرية.

 

التناقض انسحب ايضا على موقف العراق من مشروع القيادة العربية العسكرية المشتركة والتي حصل عليها شبه إجماع وعربي , مع أن مشروع القيادة العسكرية يستند إلى مجلس الدفاع العربي المشترك التابع للجامعة العربية.

ولم يخرج اجتماع قادة الكتل السياسية العراقية بموقف موحد حول “عاصفة الحزم”، بل ان المشادات بين اتحاد القوى والتحالف الوطني تشير الى عمق الانقسام وانشطار الموقف بين المعسكرين قربا وبعدا من ايران.

 

الموقف الذي بدى متوازنا اكثر هو ما عبر عنه رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بعدم التدخل في هذا الموضوع لانعكاسه المباشر على الوضع في العراق وتاثيره على وضعه الداخلي الهش اصلا.

 

يبقى ان نقول ان على النتائج التي ستخرج بها عاصفة الحزم مرهونة بجدية دولها العشر في ابقاء تحالفها وتقويته, وارسال رسائل تطمين الى الغرب الذي قد يقلق من اي تقارب بين دول اسلامية كبيرة, كما ان اتفاق الاطار الذي وقعته طهران مع دول (5+1)حول الملف النووي من شانه ان يعزز الموقف الايراني بعد رفع العقوبات التدريجي ويدخل القضية في حسابات جديدة اكثر تعقيدا, وعندها ستتحول العزم من عاصفة الى بركان قد تطال حممه المنطقة باكملها, او تهدأ العاصفة بعودة الاوضاع الى ماكانت عليه قبل عام وهو ما يمكن ان يرضي طرفي الازمة.