لايخفى على أحد ان الحزب هو السلطة العليا في أي نظام أو حكومة يحكمهما، كونه يرسم سياسة الدولة ويعين قادة الحكومة ويرشح الاعضاء الى البرلمان، وامور اخرى كثيرة، ومنه يأتي الصالح والطالح والجيد والرديء والنافع والضار، اذاً وبالنظر لأهميته، يستغرب المرء من وجود مستشارين للقادة الحزبيين ولقادة الحكومة في مختلف المستويات السياسية والاقتصادية وو.. الخ في حين يفتقرون الى المستشارين الحزبيين ، ناهيكم عن اختفاء المناضل والمفكر الحزبي منذ زمن في الأحزاب، فزوال قنوات الثقافة الحزبية في معظم الاحزاب ان لم نقل جميعها، اذ لم يعد من ذكر للمجلات الحزبية التخصصية في التنظيم: الكادر للحزب الديمقراطي الكردستاني و (ريبازي نوي) للأتحاد الوطني الكردستاني و(مناضل الحزب) للحزب الشيوعي العراقي والاشتراكي لحزب البعث الاشتراكي رغم ان الاخير محظور.. الخ نعم في الوقت الذي نجد فيه انفسنا امام كومة من الاصدارات اليومية والاسبوعية و الشهرية والتي تتشابه مضامينها وتتطابق، صارت الدوريات الحزبية المتخصصة في الشؤون التنظيمية في خبر كان، في وقت وفي اجواء التنافس الحزبي والتطورات التي حصلت في الحياة الحزبية عليه فان الاهتمام بالحزب وتطويره وتحسين ادائه يجب ان يتقدم على بقية الاهتمامات الاخرى.
لقد ادى غياب الاهتمام بالحزب الى تفشي التسيب واللاابالية وامراض اخرى مثل الفساد في الحكومة ومنها الى الشعب، علماً ان تراجع حكم القانون في البلاد، اية بلاد انعكاس اصلاً لتراجع حكم القانون في الحزب، فالنظام الداخلي للحزب وميثاقه الوطني، قلما يطلع عليهما العضو الحزبي، واذا كان من واجب المحامي المعرفة بالقوانين واحياناً حفظ بنودها عن ظهر غيب، فان على العضو الحزبي واجب مماثل. في الالمام بالنظام الداخلي لحزبه وان حكم القانون لن يتحقق في الدولة بالشكل المرجو مالم يتحقق حكم النظام الداخلي في الحزب القائد للسلطة، ولا شك ان احاطة عضو الحزب بنظام حزبه الداخلي وميثاقه الوطني ستنعكس ايجاباً على أداء الحكومة، والفوز بنتائج باهرة في الانتخابات، واذا أريد ان يكون النظام الداخلي للحزب نافذاً فان تفعيل بند العقوبات فيه ضروري، فالقانون في أي مجال لن يراعى مالم يكن مدعوماً بالعقوبات، وبدون توعية العضو الحزبي بالنظام الداخلي للحزب، فان الجهل والتسيب، سيسودان الحزب. وعلى الحزب، ان يلوذ ابداً باستطلاع الاراء ويجريه بين حين وحين بين اعضائه على حدة والجمهور كذلك لان مؤسسات استطلاع الاراء هي الاداة المعاصرة للاتصال بالجماهير، وليس الاحتكاك بها في المقاهي والنوادي والحفلات مثلما كان في السابق، كما على الحزب ان لايخشى من نتائج الاستطلاعات بل يقوم بتقييم لاوضاعه واوضاع الحكومة التي يقودها، في ضوئها. ونحن على يقين، من ان الاكثرية الساحقة من اعضاء الاحزاب يعانون الجهل بالأنظمة الداخلية لاحزابهم، بل ان قادة الاحزاب انفسهم يجهلون عنها الكثير، وفي اجواء تراجع حكم القانون والانفلات الامني في البلدان المضطربة فان ذلك الجهل يتعمق اكثر. وعندي انه متى ما حصل الوعي بالنظام الداخلي للحزب، فان العمل الحزبي يسير دون معوقات ويتقدم عمل الحكومة كذلك، ويترسخ التفاهم بين الاحزاب نفسها لذا فان نشر الثقافة الحزبية ضروري وجعل النظام الداخلي مادة امتحانية في دورات الكوادر وترقية الاعضاء واجب..
نعم، الحزب ثم الحزب ثم الحزب.
[email protected]