حالة طبيعية بروز الانشقاقات و الاختلافات و التجاذبات داخل الاحزاب في کل بلد يؤمن بالديمقراطية و يعمل في ضوئها، لکن الانشقاقات و الاختلافات الحادة الحاصلة في داخل حزب الدعوة و الفضائح التي لاحقت و تلاحق قادته البارزين و الفساد الذي إستشرى في العراق بسبب من السياسات التي إتبعوها أثناء حکمهم، تؤکد بأنها حالة سلبية غير إعتيادية وهي في الحقيقة رد فعل على موقف الشارع الشعبي العراقي منهم والذي يتعاظم يوما بعد يوم.
رفض حزب الدعوة النزول الى الانتخابات بإسمه، دليل صريح على إعتراف واضح من جانب الحزب بکراهية الشارع العراقي له، وعدم ثقته به، ولعل زعيم حزب الدعوة، نوري المالکي، أکثر الوجوه کراهية و رفضا من جانب الشعب العراقي ولاسيما إن معظم السياسات الخاطئة للحزب و بالاخص مساعدته من أجل إنتشار النفوذ الايراني في العراق بصورة غير مسبوقة الى جانب إختفاء مبالغ طائلة و المشاريع الوهمية و العقود الفاسدة ولاسيما فيما يتعلق بالسلاح، ن بالاضافة الى أن المالکي قد جعل من العراق تابعا إقتصاديا لإيران، کل هذا قد ألقى بظلاله السلبية على الاوضاع المعيشية للشعب العراقي.
حزب الدعوة الذي رکز و يرکز على کراهية حزب البعث من جانب الشعب العراقي، يتناسى و يتجاهل من إنه يسير على نفس الطريق وإن کراهية الشعب العراقي له صارت تمضي بإتجاه بحيث من الممکن أن يتفوق حزب الدعوة على البعث من حيث الکراهية الشعبية ضده، لکننا يجب أن نشير هنا الى نقطة مهمة وهي إن حزب البعث کان دائما يتهم حزب الدعوة بالحمالة و الارتباط بإيران، وهو الامر الذي أثبته المالکي عمليا و بمنتهى الوضوح خلال ثمانية أعوام من ولايتين کارثيتين له.
حزب الدعوة وبدلا من أن يحمل کل مابوسعه من أجل تحسين الاوضاع و الظروف المعيشية للشعب العراقي و و يدفعها للأمام و بدلا من أن يسلك نهجا يجمع مختلف أطياف و شرائح الشعب العراقي تحت جناحيه، فإنه صار مجرد تابع مشبوه لإيران بل و جحل من نفسه في خدمة المشروع الايراني بل وحتى يدافع عنه أکثر من الايرانيين أنفسهم وفي الوقت الذي کان النفوذ الايراني يزداد في العراق و يرى الشعب العراقي الميليشيات التابعة لطهران تسرح و تمرح، فإنه وفي هذا الوقت بالذت، شهدنا کيف إن الاختلافات الطائفية و العرقية إستفحلت في العراق والتي کانت أيضا من ثمار التدخلات الايراني و جزءا من المشروع الايراني الخبيث، خصوصا إذا ماتذکرنا بأن المالکي قد کان خاض حربا بالوکالة ضد المعارضين الايرانيين الذين کانوا يتواجدون في معسکري أشرف و ليبرتي، ولذلك فإن حزب الدعوة يمضي على طريق غير مأمون خصوصا وإنه وکما يبدو لم يستفد ولم يتعظ بما فيه الکفاية من تجربة حزب البعث!