23 ديسمبر، 2024 4:00 م

الحزب الشيوعي العراقي والحشد الشعبي

الحزب الشيوعي العراقي والحشد الشعبي

رغم أن التحولات التي طرأت عليه واضحة و جلية منذ أمد، لكن باشتراكه في الحشد الشعبي تحققت و ترسخت في الحزب الشيوعي تحولات مهمة تتجلي فيما يلي:

أولا: التخلي عن شعاره الذي طالما رفعه “حصر السلاح بيد الدولة”.

ثانيا: قيامه بوضع اعضاءه و مؤيديه تحت امرة امثال هادي العامري و قيس الخرعلي و غيرهم من قادة الميليشيات الشيعية، حيث ان لهؤلاء النفوذ الطاغي و القوة و التنظيم و الدعم بما لا يقارن به اعضاء الحزب الشيوعي الذين يعيشون حالة تشوش غير مسبوقة. يضع الحزب الشيوعي اعضاءه البسطاء و الصادقين في مشاعرهم في التصدي لجرائم داعش في الخطوط الامامية معرضا حياتهم للخطر في مواجهة ارهاب داعش لمصحلة ارهاب المليشيات الشيعية (مع ارهاب ضد ارهاب آخر!!).

ثالثا: بما أن الميليشيات كما هو معروف متدربة في ايران و تأتمر بأوامر ايرانية و ليست خاضعة لا للحكومة العراقية و لا لمؤسسات الدولة فإن الحزب الشيوعي قد بات هو الآخر تحت هيمنة السياسة الايرانية في العراق. (ملاحظة : كل قادة الميليشيات لا يخفون انهم يسترشدون بالمرشد الاعلى علي خامنئي). فكل الميلشيات الشيعية تدربت في معسكرات تدريب ايرانية و تتلقى الدعم من ايران.

رابعا : اثبت الحزب الشيوعي العراقي انه خاضع لفتوى السستاني التي اسبغت الشرعية على الميليشيات القاتلة بفتوى الجهاد، اكثر من خضوعه لمنطق التحليل الماركسي. كان الحزب الشيوعي قد اعلن تخليه عن اللينينية و لكنه في واقع الحال قد “تراجع” عن اللينينية، اما بهذه الخطوة و غيرها فاننا نرصد بأنه لم يعد حزبا ماركسيا أيضا.

خامسا: لم ينص برنامج الحزب الشيوعي على ان الحزب هو حزب علماني و لكن بعض اعضاءه يحلو لهم الادعاء بأنه كذلك، كل الممارسات التي مارسها الحزب الشيوعي و رفضه تضمين العلمانية في برنامجه و أخيرا خضوعه لفتوى السستاني تعني تحول الحزب الشيوعي إلى حزب طائفي شيعي يضم سنة منتفعين.

سادسا: و بأشتراكه في الحشد الشعبي و تخليه عن شعار “حصر السلاح بيد الدولة” يكون مشتركا مع اطراف اخرى بتنفيذ الإستراتيجية الإيرانية، استراتيجية تقويض مؤسسات الدولة التي تمارسها القيادة الايرانية لمصحلة التوسع و بناء الامبراطورية.

عملت ايران و القوى الشيعية الموالية في كل الدول التي سيطرت عليها أو مارست فيها نفوذا ظاهرا مثل لبنان ، سوريا و العراق على تقويض مؤسسات الدولة و خصوصا الجيش و هو ما قامت به في اليمن ايضا حيث قوضت الشرعية لصالح الميلشيات الحوثية و ستعمد الى هذا السلوك في كل المناطق التي قد يقيض ان تصل يدها لها.

تقوم هذه الستراتيجية على أن الجيش سيكون احترافيا و سوف يرفض تدخلات رجال الحرس الثوري حتى و ان كان جله ، كما في العراق ، من الشيعة لانه سيكون خاضعا لمنطق الاحتراف و العزة الوطنية عاجلا أو آجلا في حين لا تبدي الميليشيات المدربة في ايران أي حساسية على أن تقاد من قبل الجنرال سليماني كما أن مفهوم المواطنة مقصي من حساباتها بالكامل.

كان الحزب الشيوعي العراقي مؤهلا بحكم تاريخه أن يلعب دورا مهما في التخفيف من غلواء التصعيد الطائفي و لكنه بدلا من ان يستغل هذه الميزة ساهم هو في عملية التصعيد اولا بسكوته عن مساوئ الحكومة ثم بأن يكون شريكا لها و ليس ناقدا.

و اذا ما كان من المفهوم أن يشترك حزب شيوعي في العملية السياسية فإنه ليس مفهوما أن يندمج مع كل ما تقوم به الحكومة مثل الاشتراك في الحكومة و عدم استغلال البرلمان لفضح حكومة اشتهرت بالفساد و المحاصصة و الطائفية، كما تقتضي التكتيكات اللينينية و كما يقتضي المنطق السليم فقد مر مثلا بسلام و دون احتجاج قانون الاحوال الجعفري و وافقت عليه حكومة المالكي دون احتجاج من جهات قيادية شيوعية كانت في واقع الحال حليفة و داعمة للمالكي.

و بما أن التيار الديمقراطي هو احدى واجهات الحزب الشيوعي حيث لا يخفي الحزب الشيوعي ذلك بل ويقاد من قبل عضو في المكتب السياسي في الحزب فإن ما ورد اعلاه من تحولات ينطبق عليه ايضا.