7 أبريل، 2024 5:16 م
Search
Close this search box.

الحزب الشيوعي ازمة لغة ورأي

Facebook
Twitter
LinkedIn

طوال تاريخ الشيوعيين تميزت لغة خطابهم في الحقل السياسي بمستوى من الرفعة والسمو واحترام الراي الاخر وعدم التجريح ومحاولة النيل في الاختلاف من المختلف سواء كان من الاقلية او الاكثرية ،بل حتى من الذين في الاحزاب الاخرى ومن الجمهور عموما .

ما يلفت النظر شيوع اللغة الحادة والخشنة والتخوين والاتهام بالتآمر في المناقشات بشان التحالفات ،بل ان البعض الاخر يرمي مما هو فيه من سوء وبقع سوداء في مسيرته على رفيقه وصديقه وكانه يريد الحصول على صك الغفران من شيء يؤرقه لا يجد غير الاتهام والشتيمة تنفيسا له ، ولا ادري كيف سيجتمع ويعمل معه بعد كيل كل النعوت التي ما انزل الله بها من سلطان عند التراجع عن المواقف والاراء واتضاح خطئها .

للاسف لوحظ في الاونة الاخيرة انجراف البعض في الحط من قدر الفكرة المعترضة او الموالية ويستكثر على رفيقه اوصديقه او حتى الجمهور من التعبير عن ارائهم اذا كانت تختلف مع الراي الرسمي .

هذا السلوك تحكم فيه الديمقراطية وحرية التعبير والنظام الداخلي للحزب الشيوعي التي تتحيح ابداء وجهات النظر في اطار آداب الحوار ، منذ زمن بعيد كان هناك حقلا في فقرات التقارير الحزبية التي ترفعها منظمات الحزب يشير الى الاراء المغايرة تترتبت على من يرد اسمه في هذا الحقل تبعات سياسية وفكرية وتنظيمية الا انه تحت ضغط الازمة في حينها والحاجة لتفعيل العمل الفكري والحوار والنقاش وتنشيط حيوية الحزب وعمله وجعله قوة جاذبة والتطوير للحياة الداخلية الحزبية تم حذفه في عام 1990 وبالاخص الضغط من الاسفل على الاعلى الذي جعل الاستمرار بالصيغ ذاتها غير ممكن، لضخ جرعة صغيرة من الديمقراطية انذاك … تبدو الحاجة ماسة الى هذه الروحية من التفكير والعمل .

ان المادة (1 ) من المبادىء التنظيمية للحزب ونشاطه الفقرة الثانية تنص على ما يلي ” حق الاقلية في مناقشة سياسة الحزب العامة، وسياسته التنظيمية ، وفي ابداء الاعتراض عليها امام الهيئات الحزبية المسؤولة بما فيها المؤتمر والتعبير عن رايها في منابر الحزب الاعلامية ” .

وفي مورد اخر ” الاستماع الى الاراء المخالفة واحترامها والاستفادة منها ”

ورغما عن انه لا يوجد معيار دقيق لتحديد الاقلية والاكثرية في المواقف من هذه القضية اوتلك . والاستفتاء اقتصر على عينة ليست كافية لاتخاذ قرار بهذه الاهمية والخطورة .

ان الوسائل الاعلامية الحزبية مقفلة ولا يسمح لاحد ان يبدي رأيا مغايرا او يتقاطع مع رأي القيادة ولا يتطابق معها مائة بالمائة ، والاغرب ان موقع الحزب الالكتروني ينشر مقالات متنوعة ولكن لم نقرأ يوما مقالا نقديا لسياسة الحزب على سعة ما نشر لا من قريب ولا من بعيد ويعتقد كثيرون ان المعترضين هم الاكثرية وعبروا بحق عن الراي العام الحزبي .

والمفارقة الصارخة حتى اعضاء من اللجنة المركزية للحزب عبروا عن وجهات نظرهم في مواقهم على الفيس ولم تجد ارائهم مكانا لها في الوسائل الاعلامية الحزبية . الا يشكل هذا اخلالا بالنظام الداخلي والتقاليد المتعارف عليها الذي اعطى الحق للمختلف مع سياسة الحزب ان يتوجه الى الجمهرة الحزبية لاقناعهم بفكرته ورأيه ومواقفه السياسية .

لقد كانت هذه مبادرة مهمة لانعاش الديمقراطية الداخلية ، فليس من المعقول في زمن ثورة الاتصالات والتواصل الاجتماعي ان لا تسمع رأي للقيادي الا في المؤتمرات او الاطر الضيقة هذا ان تكلم .

ان بقاء وسائل الاعلام الحزبية تعبر عن سياسة وافكار القيادة حصرا فيه ضرر جسيم ، فليس كل ما تطرحه سليم وكلي الصحة وقد يحتمل الخطأ ، وتفوت الفرصة لاعادة تقويمه وتصويبه.

الان في ظل تطور وسائل الاتصال وشيوعها للاستخدام الفردي والجماعي لا يمكن السيطرة على الافكار والمواقف السياسية وحجرها ، فاشاعتها مسالة طبيعية واطلاقها لا يخضع الى قيود .. والمفارقة ايضا اننا نلحظ قياديين ومسؤوليين في احزاب اخرى لدينا ملاحظات كثيرة على الديمقراطية فيها يدلون بارائهم في الندوات والحورات ووسائل الاعلام الخاصة بهم تتقاطع مع مواقف جهاتهم السياسية ، ولم نسمع عن ما يسيء لهم ولا يقال لهم انه يجب الادلاء بها في داخل الاطر التنظيمية ويحرم التصريح بها .

واصلا الجريدة التي هي الوسيلة الوحيدة لم تعد ذاك المنبر الذي يحضى بالقدر من التاثير وانفتاحها يعيد لها الحياة لدى الشيوعيين وغيرهم .. انا عملت في عدد من الوسائل الاعلامية البارزة كلها تحذف اضافتها من الصحف التي تشتريها لانها لا تلبي طموحات التنوع بصفحاتها . فالانفتاح على الراي الاخرمن الوسائل المهمة لاستعادة العافية على كل الصعد.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب