18 ديسمبر، 2024 11:16 م

الحزب الإسلامي العراقي بين دمِ العقيدة ولذة السلطة

الحزب الإسلامي العراقي بين دمِ العقيدة ولذة السلطة

تنبيه: المقال عرض تحليلي لوقائع تنظيمية ونقد عقائدي .. لو بَقينا ننزفُ دماً منذُ عام 1960 وحتى عام 2003 لكان أفضل لنا ولعقيدة حزبنا عمّا أصاب الحزب من تصدُّعٍ واضح وشرخٍ كبير في القاعدة الجماهيرية له منذ عام 2003 وحتى الآن.. هذا نصٌ شفهيٌ منقول على لسان أحد قادة الحزب الإسلامي العراقي ممن توفاهم الله قبل مدة قليلة ومن الّذين كانوا يعترضون على المنهج التنظيمي للحزب بعد عام 2003 وعلاقته بالسلطة ومواقف قادة الحزب من الأحداث التي مرَّ بها العراق ، وعدَّ هذا القيادي مشاركة الحزب الإسلامي في السلطة بعد عام 2003 تسرعاً مريراً كلف الكثير من المنتمين إلى الحزب أرواحهم وقلَّصَ قاعدة الإنتماء الجماهيرية في الوقت الذي كان السياسيون والمؤرخون في داخل العراق وفي خارجه يعتبرون الحزب الإسلامي وإيديولوجيته التنظيرية علامة فارقة منذ تأسيسه في عام 1960 بين نظرائه من الأحزاب المعارضة.. وفي هذا السياق إعتبر المحللون السياسيون أنَّ الحزب الإسلامي العراقي كان الوحيد المعارض لجميع السلطات التي حكمت العراق منذ عام 1960 وحتى عام 2003 رغم إختلافها الكبير وحدوث ثورات وإنقلابات متعددة في تلك المدة ودخول العراق والمنطقة في صراعات ومتغيرات جذرية كبيرة ساهمت تباعاً في تغيير خرائط الواقع السياسي والجغرافي والإقتصادي في المنطقة العربية والشرق الأوسط.. بعد عام 2003 كشفَ الحزب الإسلامي عن جزءٍ يسير من تواجده الجماهيري والشعبي من خلال دفع العديد من قياداته وكوادره إلى الحياة السياسية والإنتخابية وتبوأ الكثير منهم لمناصب مهمة جداً في المحافظات ذات الأغلبية السنية وتسنّم شخصيات محسوبة على الحزب الإسلامي وزارات سيادية ومراكز حساسة جداً في السلطات الثلاث .. ما الذي يحدث إذاً من ظهور تفاوت عميق وخلاف يتراكم يوماً بعد يوم بين الحزب الإسلامي وبين مواطني المحافظات التي يَنشرُ فيها الحزب قواعده الجماهيرية؟..
كما هو معروف فإنَّ جميع المنتمين إلى صفوف الحزب الإسلامي هم من محافظات نينوى والأنبار وبغداد وجزء من محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك وأعداد قليلة في محافظات بابل والبصرة وإقليم كردستان ..بمعنى آخر هناك تعريف تنظيمي مسبق بمن يرغب بالإنتماء وهو مالم يُعلن عليه الحزب وأظهره للرأي العام بل ما تعتمده لوائحه العقائدية وميادين وآليات كسب الأعضاء الجدد .. هذا الأمر عزلَ الحزب ومنحه الهُوية المناطقية الطائفية وهو سلاحٌ ذو حدين .. فمن الممكن زيادة عدد الأعضاء لكن من المستحيل القفز على خطوط حمراء حددتها الوقائع الديموغرافية في العراق ماساهم في شحة إمكانات الدخول لمناطق نفوذ أخرى .. قادة الحزب الإسلامي لم ينتبهوا لأمرٍ مهمٍ جداً وهو الإلتفات إلى ما يعنيه ألم الغير كما يقول شكسبير.. فالإنكفاء حول دائرة المصالح الحزبية بإبقاء باب العلاقات مفتوحاً على مصراعيه مع قوى لها اليد الطولى فيما جرى ويجري من خراب وتدمير في العراق يساهم بلا أدنى شك في تأشير إتجاه جماهيري عام مباغت ومضاد للحزب الإسلامي في المناطق التي ذُكرت .. رغم هذا يؤمن مواطنو المناطق المعنية بأنَّ الحزب الإسلامي لم يُقدم لهم ماكان يُفترض أن يُقدَّم وهو ما يُحسب على تصرفات فردية بطبيعة الحال ولا تحسب على الحزب ككل، وهذا مالم يتمكن قادة الحزب وكوادره من تحاشيه .. فهم يتكتمون جداً بإنتماءاتهم وإيصال أصواتهم علناً عكس صراعهم المرير المعلن وغير المعلن على السلطات الصغيرة والكبيرة.. المواطنون في الأنبار ( وهي القاعدة الجماهيرية الأكبر للحزب ) مثلاً لا يمكن لكَ أن تُقنع أحداً منهم بأنَّ الحزب الإسلامي يُدافع عنهم وعن مصالحهم المشروعة داخل المحافظة وخارجها بل باتوا على يقين بأنَّ الحزب الإسلامي يعمل على مبدأ تبادل المصالح مع القوى والأحزاب الأخرى في العراق وهو ما يعكس حالة الإنشقاق بين الحزب ومواطني الأنبار..
لذلك على منظري وقادة الحزب الإسلامي العراقي إعادة النظر جيداً في دورهم السياسي وعلاقاتهم مع قوى معادية في الداخل وفي الخارج ونسيان عجلة كسب المناصب.. نحنُ مواطنون عاديون نُريدُ حلاً لما أصاب مدننا ودمر وخرب جامعاتنا ومدارسنا وحول أهلنا إلى نازحين ومهجرين ومشردين وإلا الإبتعاد وفسح المجال لقوى أخرى تعيدُ إعمار الأنبار وتنقذ أهلنا من ذلِّ المخيمات .. ولله الأمر