في أحتجاجهم على الفساد، هاجم متظاهرون عراقيون دوائر حكومية من الدرجات الدنيا: ناحية، قائمقامية..الخ واغلقوا أبوابها بعد طردهم لموظفيها، كما سدوا طرقاً مؤدية إلى مبنى محافظة أو اثنتين، بعد ان كان حرياً بهم مداهمة المقار الحزبية ومعاقبة مسؤوليها، كون الحزب السلطة العليا في البلاد، وأنه عين ويعين الوزراء ووكلائهم والبرلمانيين ورجال القضاء وكذلك المحافظين والقائمقاميين ومديري النواحي وصغار الموظفين الذين لايقل فساد بعضهم عن فساد كبار الموظفين، وبقول آخر ينصب الفاسدين ويزرع الفساد، وما اشبه ملاحقة المتظاهرين للعناوين الحكومية تلك، بالذي يلاحق الذيل، لا الرأس (الأحزاب). وعند الأحتجاج على الفساد والفاسدين، يجب ان ترمي المساعي إلى اسقاط الحزب الحاكم وإحلال حزب أنزه محله، سواء بالانقلابات أو الثورات أو صناديق الأقتراع، فألى متى يجهل المتظاهرون العراقيون هذه الحقيقة ويركزوا على الذيل بدل الرأس، ولا إصلاح في الحكومة ما لم يسبقه اصلاح في الحزب الحاكم والاحزاب المؤتلفة في الحكم معه.
لقد اغتنى المسؤولون الحكوميون من سرقتهم للمال العام أو عقدهم للصفقات المريبة مع الشركات والدول أو تسلمهم للرشوة ويا لأبواب الفساد الكثيرة، ولكن لو سألتم: كيف صار قادة الاحزاب مليارديرية واصحاب ممتلكات من غير ان يكون لهم احتكاك مباشر بالحكومة أو الصفقات المشار إليها او ابواب الفساد التقليدية والشائعة؟ وصاروا الاغنى من بين المسؤولين كافة، فما يحصل عليه المسؤول الحكومي من مسحت حرام يذهب اكثر من نصفه الى مسؤوله الحزبي وولي نعمته والذي له الفضل في تعيينه، ولسان حال كليهما امام اموالهما القارونية: هذا من فضل حزبي.