18 ديسمبر، 2024 8:40 م

الحر وكورونا والكهرباء

الحر وكورونا والكهرباء

لا أعرف لماذا يحلو للمشاكل والمنغصات أن (تلتم) دفعة واحدة وفي نفس الوقت لتدفع بالأنسان الى حافة الجنون أحياناً … تذمر وضجر وأكتئاب ناجم من الجلوس في المنزل رغم أنوفنا نتيجة الحجر المنزلي الطوعي (على الأقل بالنسبة لي) وألا فالشوارع مكتضة بالناس المتبضعين الذين من هم فعلاً بحاجة للتسوق وآخرين يرون أن التمتع بهذا الأستثناء حق من حقوقهم بالرغم من التوسلات الكثيرة والمتكررة من أحدى مقدمات الأعلانات التلفزيونية (خليك بالبيت) لكن بدون جدوى.
ولطالما أن الفايروس القاتل يتجول بأريحية تامة وبلا (صداد أو رداد) رغم مرور عدة أشهرمن محاولة الوصول الى علاج او لقاح أو وسيلة لتفادي شر هذا الفايروس المتغول المسمى (كورونا) وما نتج عنه من تداعيات على كل الأصعدة فهو يقف وراء المشاحنات والتقاطعات داخل المنازل بسبب (ضيق الخلق) الذي هو نتيجة طبيعية للمكوث في البيت لأيام طويلة .
وليت الأمر توقف عند هذا الحد فدرجات الحرارة بدأت بالأرتفاع المتسارع وصولاً لدرجة النجاح يرافقها أنقطاع الكهرباء (الوطنية) لاكثر من ثلثي ساعات اليوم وفي الواقع لا غرابة في ذلك وخصوصاً ما يتعلق بموضوع الوطنية التي لم يعد لها وجود في واقعنا المحلي …فالجميع يحاولون تأمين مصالحهم الخاصة بوقت قياسي دون الألتفات الى الرادع الديني والأنساني بالتمييز بين الحلال والحرام فالأمر بات شعاراً قديماً أكل عليه الدهر وشرب فالوقت يمضي سريعاً والمدة محدودة والشعار البديل (أنا ومن بعدي الطوفان) .
فمن أوائل ضحايا هذا السعار وجري الوحوش هي الوطنية التي سرقتها الطيور بمناقيرها مع مئات الأطنان من الحنطة من سايلوات الخزن أو أحترقت أسوةً بالأف الأطنان بحرائق مفتعلة في الحقول.
نيران الحقول أعادت الى ذهني صورة بيت مملوء بالنقود يحترق ومن حوله السراق ينهبون ويجرون سريعاً هكذا صور المشهد قبل أكثر من 60 سنة رئيس الوزراء الأسبق (نوري سعيد) وما أشبه اليوم بالأمس.
وحتى لا نتهم بالسلبية والأنهزامية وربما عدم الوطنية نقول ببساطة شديدة تعالوا نتحاسب على أموال العراق التي درجت ضمن الموازنات المتعاقبة من عام 2003 ولغاية عام 2019 ستذهلنا الأرقام المرعبة التي تشير الى كميات أموال غير مسبوقة من عائدات النفط (اللعين مصدر البلاء) تكفي لبناء الكوكب وقد تمتد يد الأعمار الى كوكب الزهرة القريب رغم كل ذلك ونحن ……….
سأتوقف عن هذه البكائية المملة ودعوني أخبركم بقصة اليوم القصيرة ولكم أن تتصوروا حجم النعيم والرفاه والوطنية التي تلقي بظلالها علينا في هجير الحر الذي داهمنا …وانا أحاول أن أسرق من ساعات النهار ولو ساعة قبل الافطار وقبل ان أغفو لاحظت أن هواء المبردة حار فهممت لملئها ولعدم وجود صنبور (حنفية) قريبة منها ولا تسألوني لماذا لا توجد حنفية !!! مما يتطلب نقل الماء بواسطة (قروانة) الى المبردة وأثناء قيامي بذلك قالت (الحجية) نحتاج بصل وخبز وزيت فحملت حالي وذهبت الى الشارع العام وعند العودة وجدت (ستوتة) وثلاثة أطفال أكبرهم 12 سنة يحاولون رفع الحاوية بصعوبة لا سيما وأن القمامة تتكدس بسبب تباعد فترات مرور عمال البلدية لأسباب لا يعلمها ألا مديرهم …قلت لهم من طلب منكم ذلك :أجابوا (الحجية )وقد أعطتنا ألأجر…قلت :حسناً سأعطيكم أجر أضافي على رفع الأوراق الصفراء المتساقطة من السدرة المتسيدة والمهيمنة على واجهة المنزل خصوصاً وأنا متثاقل جداً من القيام بهذا العمل الذي لا يشعر به ألا من كانت في بيته شجرة من هذا النوع …فوافقوا على ذلك وبعد دقيقة من بدأ العمل أقترب مني أصغرهم وعلى وجهه أمارات الأشمئزاز والأنزعاج وقال (عمو أكو هنا حنفية ماء) فقلت نعم ولكن ما الخبر قال: أريد ان أغسل يدي فقد توسخت بمخلفات الطيور والعصافير…(عباس) ذو الثمان سنوات أن الله يسمع ويرى وسيقتص منهم لحرمانك من اللعب مع أقرانك وقتل الطفولة والبراءة في قلبك الصغير.